صحيفة: الخليج لا يحتمل التنافس الاقتصادي الشديد بين الإمارات والسعودية
قللت صحيفة إسبانية من نجاح جهود ولي العهد محمد بن سلمان في التنافس الاقتصادي مع نظيره ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وأضافت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية أن نجاح السعودية في محاكاة نموذج الأعمال الخاص بجيرانها الخليجيين يبقى محل تساؤل.
وفي 30 يونيو/حزيران 2021، أعلن بن سلمان، أن المملكة تعتزم إطلاق شركة طيران وطنية ثانية، فيما يبدو أنه محاولة لانتزاع مكانة الإمارات كرائدة في مجال النقل الجوي.
وأوضح بن سلمان أن إطلاق الشركة الجديدة يأتي في إطار خطة السعودية الرامية “لترسيخ مكانتها مركزا لوجستيا عالميا”.
وقالت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية، إن التنافس بين الإمارات والسعودية بدأ يمضي إلى أبعد من ذلك.
إستراتيجية جديدة
وتأتي هذه الخطوة لتنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على عائدات النفط، وفق تصريحات حكومية سابقة.
كما سيبنى مطار جديد في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، حيث ستبدأ هذه الخطة الطموحة في التبلور.
وتساءلت صحيفة الكونفدنسيال عن سبب إنشاء شركة طيران حكومية جديدة خلال فترة تشهد أزمة على مستوى النقل الدولي للركاب بسبب وباء كورونا.
علاوة على ذلك، فإن “السعودية للطيران” الشركة الوطنية الحالية تتكبد خسائر كبيرة. ولا تزال السياحة داخل البلاد بعيدة عن تحقيق المستويات الدنيا من النجاح، باستثناء الحج السنوي.
دبي نموذج
ونوهت الصحيفة إلى أن المملكة تريد أن تنافس جارتها و”شقيقتها”، الإمارات العربية المتحدة، “الرائد” الحقيقي للنقل الدولي، ليس فقط في المنطقة، ولكن على الصعيد العالمي.
في الأثناء، لا يقتصر هذا التنافس على المطار، بل يتجاوزه وينتشر خارج هذه الدائرة.
وأضافت الصحيفة أن دبي، إحدى الإمارات السبع الرئيسة التي تتكون منها الدولة كانت قبل 70 عاما مجرد مدينة صغيرة، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة وبها فندق واحد.
في عام 1960، أنشئ فيها أول مطار، وتماشيا مع حلم الأمير (حاكم دبي محمد بن راشد)، نمت المدينة معه.
الآن، دبي هي مدينة متألقة تضم أكثر من 3 ملايين ساكن وعدد مهول من ناطحات السحاب، وأصبحت مركزا للسفر الجوي الدولي مع أحد أكثر المطارات ازدحاما في العالم وشبكة أعمال غنية للشركات الأجنبية.
طرق غير مربحة
في المقابل، لم تتمكن السعودية من تحقيق أرباح من شركة الطيران، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها تقدم بالأساس خدمات في مدن شبه نائية في البلاد، وفي طرق غير مربحة.
وعلى غرار البلدان الأخرى بعد جائحة كورونا، اضطرت حكومة الإمارات إلى منح إعانات لسد الفجوة الاقتصادية التي عانت منها شركة الطيران في عام من التوقف المطلق عمليا.
وتقدر هذه المساعدات بما لا يقل عن 3.1 مليار دولار، خلال العامين الماضيين.
وعلى الرغم من أنها ليست الدولة الوحيدة التي قدمت دعما لشركات الطيران، إلا أن طيران الإمارات وغيرها من الشركات التي ترفع أعلام دول الخليج
اتهمت خاصة في الولايات المتحدة، بـ “المنافسة غير العادلة” و”تشويه السوق” في السنوات السابقة.
تنافس مع الأشقاء
وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى مقولة: “أسوأ المنافسات هي تلك التي تولد بين الأشقاء”.
وفي هذا المعنى، فإن تورط السعودية في نزاعها ومنافستها المتنامية مع الإمارات لا يقتصر فقط على سرقة الكعكة في حركة الركاب الدولية.
ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جيمس سوانستون.
أن “هناك خيارات لمزيد من الاستثمار في البنية التحتية للنقل في المملكة، لكن التنافس مع دبي كمركز لوجستي في المنطقة سيستغرق وقتا”.
كما أن حجم حركة الشحن الجوي في الإمارات يبلغ 14 ضعفا في المملكة العربية السعودية.
وعلى أي حال، يمكننا القول: إن دبي تتمتع بميزة كونها أول من تحرك نحو هذا النوع من الاقتصاد، وفق قوله.
وأوضحت الصحيفة أنه في اقتصاد ما بعد النفط، لا توجد مساحة كافية لمثل هذا المحور في الخليج العربي.
وفي السابق، لطالما كانت السعودية والإمارات حليفين مقربين، لكن أبوظبي تحاول بناء سياسة خارجية مستقلة عن جارتها، حتى في المجال الجيوسياسي.
صراع ممتد
وعلى الرغم من أن الإمارات شاركت في الهجوم السعودي على اليمن، إلا أنها قررت في عام 2019 الانسحاب من التحالف.
وفي الإجمال، تحاول الإمارات أن تجد نهجها الخاص في رقعة الشطرنج الإقليمية المعقدة.
وأفادت صحيفة الكونفدنسيال بأن التنافس بين الشقيقين الخليجيين اقتصادي أيضا.
وقد كان التنافس والصدام الأكثر شهرة ذلك الذي جد في صلب منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”.
وبذلك، دخلت المملكة العربية السعودية والإمارات في صدام قوي حول حصص إنتاج النفط.
وأشارت الصحيفة إلى تصادم آخر بين الجارين، في فبراير/شباط 2021، عندما أعلنت السعودية أنها ستتوقف اعتبارا من عام 2024 عن منح العقود للشركات الأجنبية التي لا يقع مقرها الإقليمي في أراضيها.
وقد كان هذا الإعلان إنذارا مؤلما بشكل خاص لدولة الإمارات التي اعتمد نموها الاقتصادي إلى حد كبير على سياسات “المناطق الحرة” وغيرها من التسهيلات للشركات الأجنبية التي ستستقر في الدولة.
علاوة على ذلك، خلال يوليو/تموز، عملت السعودية أيضا على تعديل قواعدها الخاصة باستيراد البضائع من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
واستبعدت المملكة منتجات اتفاقية التعرفة الجمركية التي تصنعها الشركات التي يقل عدد العاملين فيها عن 25 بالمئة من السكان المحليين أو تلك المصنعة في المناطق الحرة لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي لن تعتبر “منتجة محليا”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه القاعدة تهدف علنا إلى استبعاد المنتجات المصنوعة في المناطق الحرة الإماراتية التي تستخدم رؤوس أموال إسرائيلية.
ولكن تمت قراءتها في الغالب على أنها تحد لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وختمت الصحيفة: في عالم يهزه فيروس كورونا، يبقى أيضا نجاح السعودية في محاكاة نموذج الأعمال الخاص بجيرانها الخليجيين، الذين يقاتلون من أجل نفس الكعكة، محل تساؤل.
ومن هنا، في اقتصاد ما بعد النفط، يبدو من الواضح أنه لا توجد مساحة كافية لهذا المحور الكبير في الخليج، وفق تقدير الصحيفة.