يفرض نظام آل سعود قيودا صارمة على الحريات العامة في المملكة ويخنق حرية الرأي والتعبير حتى على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع تويتر ذائع الصيت في المملكة.
قبل أيام تسبب تدفق نحو 200 ألف مستخدم من المملكة يشعرون بالإحباط من رقابة آل سعود على “تويتر” في تعطل موقع التواصل الصغير بارلر الذي يصف نفسه بأنه مساحة “تعتمد على حرية التعبير”.
وتعليقا على هذا قال “جون ميتس” الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك في “بارلر”, إن إنشاء كل تلك الحسابات الجديدة بشكل غير متوقع, رفع العدد الإجمالي لمستخدمي “بارلر” إلى أكثر من مثليه وأدى إلى تعطل بعض الوظائف.
وأدى تدفق المستخدمين إلى وجود توليفة غير معتادة من المستخدمين على بارلر، الذي كان في الأغلب موطنا لأنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ بدء تشغيله قبل عام.
وخلص تحليل أجرته رويترز ومجموعة سيتيزن لاب، وهي مجموعة أبحاث كندية، إلى أن العديد من المستخدمين الجدد جاءوا من المملكة.
وروج هؤلاء لانتقالهم إلى بارلر بوسوم (هاشتاج) على تويتر، يتهمون فيها شبكة التواصل الاجتماعي بخنق حرية التعبير عن طريق حظر مستخدمين بشكل تعسفي.
وكتب بارلر في منشور على حسابه الخاص على الموقع يقول “أوضحت الحركة الوطنية في السعودية أن (شركة) التكنولوجيا الكبيرة تفرض رقابة عليها بمعدلات لم نشهدها من قبل في الولايات المتحدة…دعونا نرحب بهم ونحن نناضل جميعا من أجل حقوقنا معا”.
ورفض تويتر التعليق على ما إذا كانت المنصة اتخذت أي إجراء جديد ضد الحسابات السعودية ربما يكون دفعها للتسجيل المفاجئ في بارلر. ولم يتضح بعد كم شخص من مستخدمي بارلر الجدد توقف عن استخدام تويتر.
واستخدمت بعض الحسابات الجديدة على بارلر وسم الخروج من تويتر أو نشرت صورا لطيور زرقاء في محنة، مستخدمين شعار تويتر للإشارة إلى انحدار مستوى المنصة. ولجأ مستخدمون آخرون إلى التهديد بالانسحاب في رسائل مباشرة لرئيس تويتر التنفيذي جاك دورسي.
والسعوديون من أهم المستخدمين للشبكات الاجتماعية، ولا سيما تويتر. وللمملكة أكبر قاعدة لمستخدمي تويتر في الشرق الأوسط، حيث يوجد 11.7 مليون من مواطنيها على المنصة، وفقا لشركة كراود أنالايزر المعنية بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي العربية.
وكتب مستخدم سعودي يدعى بن هباس، له نحو 109 آلاف متابع على تويتر، في منشور على بارلر “من الرائع أن أكون هنا يا شباب. لم يعد تويتر وغيره من المنصات الرئيسة مكاننا بعد الآن. مئات الحسابات السعودية تحذف كل يوم دون سبب”.
وسبق أن أقر تويتر بحذف مئات الحسابات “الوهمية” المؤيدة للحكومة السعودية، التي أسست “جيشا إلكترونيا” مهمته الترويج لجدول أعمالها عبر الإنترنت.
والآن يقتسم بعض السعوديين ممن يدعمون بقوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المساحة نفسها على الإنترنت مع أنصار ترامب اليمينيين.
وتوافد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي الأميركيون اليمينيون على تطبيق المراسلة تليغرام وموقعي جاب وبارلر، معللين ذلك بأساليب المراقبة الأكثر صرامة التي تفرض قيودا على تصريحات سياسية مثيرة للجدل على منصات مثل تويتر وفيسبوك.
ويقول ميتس، الذي يصف نفسه بأنه ليبرالي، إنه أسس بارلر في عام 2018 باعتباره منصة لأعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لكنه زاد مساحة التسويق إلى المحافظين مع إقبالهم على الموقع.
ومِن بين مَن انضموا إلى الموقع المعلقة كانديس أوينز ورودي جولياني محامي ترامب والناشطة اليمينية لورا لومر، التي قيدت يديها على باب مكتب تويتر بنيويورك في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 للاحتجاج على الحظر الذي فرضه عليها الموقع.
وأكد بعض المستخدمين السعوديين وجود أرضية مشتركة مع مؤيدي ترامب. ونشروا صور ترامب مع أفراد من العائلة الحاكمة في السعودية واستخدموا الرموز التعبيرية لأعلام البلدين والوسم الذي يستخدمه ترامب للترويج لشعاره “اجعلوا أميركا عظيمة مجددا”.
وخارج نطاق الإنترنت، أقامت إدارة ترامب علاقات قوية مع الرياض، التي تعتبرها حجر الزاوية في السياسة الأمنية الأميركية في الخليج. وكانت السعودية المحطة الأولى لترامب، في أول جولة خارجية له بعد تولي الرئاسة في 2017.
لكن رد الفعل إزاء الوافدين السعوديين الجدد جاء متفاوتا، وفيما أبدى بعض المستخدمين ترحيبا، عبر آخرون عن مشاعر معادية للمسلمين.
وقد فحص تحليل رويترز-سيتيزن لاب 28 ألف تغريدة تحت وسمَي بارلر وبارلر في السعودية. وكان أكثر من نصف عدد المغردين تحت هذين الوسمين قد ضبطوا إعدادات اللغة الخاصة بهم لتكون اللغة العربية. ومن بين الذين ينشرون موقعهم الجغرافي، قال نحو الثلث إنهم من السعودية.
وحذرت واحدة من أوائل المغردات السعوديات اللاتي أنشأن حسابا على بارلر، وتدعى نادية بنت فهد من أن “إدارة تويتر ستتلقى درسا لن تنساه”.
وقالت نادية إنها امرأة تبلغ من العمر 28 عاما درست في أستراليا وإنها علمت بأمر بارلر من شخصيات أميركية على تويتر وشاهدت مقابلة مع ميتس في تلفاز (تلفزيون) بليز المحافظ.
ولا تعرف نادية كثيرا عن المشهد السياسي الأميركي لكنها عبرت عن دعمها لترامب وإحباطها من تويتر لحظر مستخدمين سعوديين دون تفسير.
وطالب كثير من مستخدمي بارلر المتحدثين بالإنجليزية بـ”زِر ترجمة”، حتى يتسنى لهم قراءة هذا المحتوى الجديد على الموقع، بينما عبر آخرون عن شكوكهم في أن تكون هذه الحسابات حقيقية.
وكتب أحد المستخدمين قائلا “تخلصوا من هذه الحسابات الآلية واجعلوا هذا الموقع قابلا للاستخدام مرة أخرى”.
وقال ميتس -الذي نفى وجود حسابات آلية على المنصة- إن اندماج هاتين المجموعتين “مثير للاهتمام”.
وأضاف “معظمهم ينسجمون معا بشكل جيد ويقتسمون أرضية مشتركة. والبعض سرعان ما يندم على آرائه بشأن حرية التعبير”.
وخارج نطاق الإنترنت, أقامت إدارة ترامب علاقات قوية مع الرياض, التي تعتبرها حجر الزاوية في السياسة الأمنية الأمريكية في الخليج, وجعل ترامب السعودية المحطة الأولى في أول جولة خارجية بعد تولي الرئاسة في عام 2017.
لكن رد الفعل إزاء الوافدين السعوديين الجدد جاء متفاوتاً, وفيما أبدى بعض المستخدمين الأمريكيين ترحيباً عبر أخرون عن مشاعر معادية للمسلمين.