قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إنها لا تستبعد قيام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بانقلاب ضد والده الملك المسن في حالة معارضته رغبات أكثر للأمير المتهور والتي كان من ضمنها سعيه لإعلان التطبيع مثل الإمارات لولا رفض الملك.
وتناولت الصحيفة في تقرير تحت عنوان “رؤوس السعوديين تُحلّق وسط سحاب السلام، وأقدامهم مغروسةٌ في تراب اليمن”، كواليس تأخر قرار تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل وأسبابها والسيناريوهات المحتملة.
ويعزو خبراء العرب والغرب تأخير الاتفاقية إلى خلافٍ بين الملك سلمان ونجله، ولي العهد الأمير محمد، حيال النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
ولا شك أن عملية صنع القرار السعودية غامضة، كما هو الحال مع العلاقات بين أفراد العائلة الملكية، واعتبارات السياستين الداخلية والخارجية في المملكة.
فقبل أسابيع قليلة، وبعد وقتٍ قصير من إعلان التطبيع الإماراتي، قال صهر ترامب ومستشاره الخاص جاريد كوشنر إن السعودية ستكون الدولة التالية في مشروع السلام مع إسرائيل، وإن ذلك سيتحقّق قريباً جداً.
ومن المفترض أن كوشنر، أقرب المقربين إلى ولي العهد في واشنطن، يعلم ما يُفكّر فيه محمد، ولكن من الواضح أن ولي العهد نفسه لم يتوقّع التأخير.
علاوةً على ذلك، فلم يتضح بعد ما إذا كان التأخير مسألة مبدأ -أي حتى إقامة الدولة الفلسطينية أو استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية على الأقل- كما قال سلمان، أم هو مجرد تأخير مؤقت حتى يتمكن نجله من إقناعه بالأمر.
والاختلاف في مواقف فردي العائلة المالكة يطرح سؤالاً آخر، حيث وفرت السعودية مظلةً لاتفاقيات السلام الأخيرة، إذ لم تكتفِ بعدم إدانتها، بل أثنت على الإمارات والبحرين لاتّخاذهما الخطوة -التي جاءت بالتنسيق مع ولي العهد- وفتحت مجالها الجوي أمام الرحلات من وإلى إسرائيل.
وبحسب “هآرتس” فلا يزال محمد بن سلمان، الذي بدأ الحرب في اليمن مع والده، غارقاً في وحل اليمن الذي زاد علاقته بالولايات المتحدة تعقيداً، علاوةً على إخفاقاته الواضحة في إدارة سياسة البلاد الخارجية.
ومثال على ذلك: إجبار رئيس الوزراء اللبناني حينها سعد الحريري على الاستقالة، وفرض حصارٍ على قطر، وخوض حربٍ نفطية فاشلة مع روسيا تسبّبت في هبوط أسعار النفط، والتخلّي عن القضية الفلسطينية.
ولم تكُن القضايا الداخلية بأفضل حالاً أيضاً بالنسبة لولي العهد. إذ تتعثّر رؤية 2030 التي وضعها، بينما تُعاني خزانة البلاد من صعوبات في تمويل المشاريع المفعمة بجنون العظمة، مثل مدينة المستقبل التي يُفترض أن تتضمن ثلاث دول (السعودية ومصر والأردن).
وكذلك تنويع مصادر دخل المملكة، وتقليل اعتمادها على النفط، وحتى الآن، لا تزال الرؤية مجرد أحلامٍ على ورق.
ولا يسعه الآن سوى أن يحسد صديقه ولي العهد محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات الذي أخرج بلاده من الحرب في اليمن، وصار محبوب واشنطن، لأسبابٍ أخرى تتجاوز اتفاقية السلام مع إسرائيل، وفوق كل ذلك، فهو ليس محاطاً بأقرباء ذوي طباعٍ عدوانية.
لكن محمد بن سلمان -الذي لم يتردّد بحسب أجهزة الاستخبارات الأمريكية في وضع أمه تحت الإقامة الجبرية وإبعادها عن والده خشية أن تعمل ضده- قد يُثبت أنه شخصٌ لا يرى الفضيلة في برّ الوالدين.
وختمت الصحيفة الإسرائيلية ربما يستطيع الملك سلمان إلقاء خطابات تدعم الفلسطينيين، ولكن نجله يستطيع بصفته وزيراً للدفاع تنظيم انقلابٍ ضد والده إن رأى أن ذلك سيخدم مصالحه أو أجندته، التي قد تتضمّن التطبيع مع إسرائيل.
ويشهد الديوان الملكي السعودي، خلافات حادة بين الملك سلمان وولى عهده ابنه محمد، في ظل الضغوطات الأمريكية المتزايدة على المملكة لدفعها نحو توقيع اتفاق تطبيع جديد مع إسرائيل.
وكشف مصدر أمريكي الذي يشغل باحثا في أحد معاهد الدراسات أن صهر الرئيس ترامب جاويد كوشنر، بحث مع ولى العهد محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة للملكة، الأسبوع الماضي، التطبيع السعودي مع إسرائيل.
لكن ولى العهد أبلغ الضيف الأمريكي، أن الملك سلمان هو من يتحفظ على ملف التطبيع.
وقال المصدر الأمريكي لـ”ويكليكس السعودية” إن الملك سلمان يحاول السير على درب أسلافه من ملوك آل سعود بتمسكه بمبادرة “السلام العربية” بشأن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
وأضاف أن هذا الأمر دفع ولى العهد “الابن الطائش” للمشاداة الكلامية والحادة مع الأب الملك نحو إتمام اتفاق على غرار الإمارات.
واستدرك إن بن سلمان يرى باتفاق التطبيع المرتقب مع إسرائيل، تعزيزا للنشاطات الاقتصادية والاستخباراتية ضد إيران عدا عن “رسم صورة لحاكم جديد في السعودية”.
وكشف الباحث الأمريكي أن كوشنر الذى خرج من الرياض “دون جواب سعودي رسمي” دفع الرئيس دونالد ترامب للاتصال بعد أيام هاتفيا مع الملك سلمان لحثه نحو اتفاق التطبيع مع إسرائيل.
واستطرد أن الملك سلمان أبلغ ترامب تمسكه بمبادرة “السلام العربية”، وهو أمر أثار غضب ترامب الذي لجأ لمضايقة الملك السعودي بـ”الأزمة الخليجية”.
وخلص المصدر الأمريكي أن الخلافات تشهد أوجها في القصر الملكي فـ”الأب يدفع نحو المصالحة مع قطر هروبا من التطبيع، وأما الابن يفضل خيار التطبيع على المصالحة مع قطر”.