وجه خفض وكالة فيتش العالمية التصنيف الائتماني للمملكة درجة واحدة من “أي+” (A+) إلى “أي” (A)، ضربة قوية لاقتصادها كونه يحمل زيادة تكلفة الاقتراض على المملكة من الأسواق العالمية.
وتزيد تأثيرات الخطوة كون المملكة تستعد لإصدار دولي محتمل لسندات إسلامية مقومة بالدولار. وأرجعت الوكالة في تقريرها سبب تخفيض التصنيف إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية والعسكرية في منطقة الخليج وتدهور المركز المالي للمملكة.
ولم تستبعد فيتش حدوث مزيد من الهجمات على المملكة، مما قد تنجم عنه أضرار اقتصادية. وقالت الوكالة “من وجهة نظرنا، فإن السعودية عرضة لتوترات جيوساسية متصاعدة نظرا لمكانتها البارزة في السياسة الخارجية، بما في ذلك ارتباطها بالسياسة الأميركية بشأن إيران واستمرار انخراطها في حرب اليمن”.
وأشارت إلى أن ذلك يأتي رغم استئناف إنتاج النفط بالكامل في نهاية سبتمبر/أيلول الحالي عقب هجوم بطائرات مسيرة على منشأتين نفطيتين في بقيق وخريص في الرابع عشر من الشهر الجاري، وتسبب الهجوم في توقف إنتاج 5.7 ملايين برميل يوميا تمثل نصف إنتاج المملكة.
وفي رد فعل على تقرير فيتش، أبدت وزارة المالية في نظام آل سعود تحفظها عليه، وطالبت الوكالة بإعادة النظر.
وقالت الوزارة إن محافظة السعودية والشركات السعودية الكبرى على مستويات متقدمة في التصنيفات العالمية تبرهن على فاعلية الإجراءات التي تنتهجها البلاد لتعزيز النمو الاقتصادي.
وأضافت أن ما تضمنه التقرير لا يعكس دلالات الاستجابة السريعة للسعودية في التعامل مع تداعيات الهجوم على منشأتي النفط.
وتوقعت فيتش عجزا ماليا للمملكة بنسبة 6.7% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام الجاري بسبب السياسة المالية وهبوط أسعار النفط مقارنة بعجز بنسبة 5.9% خلال العام الماضي.
وتوقعت الوكالة هبوط أسعار النفط إلى متوسط 65 دولارا للبرميل لهذا العام، وإلى 62.5 دولارا العام المقبل.
ونبهت فيتش إلى أن هذا الهبوط المتوقع يمثل رياحا معاكسة لبرنامج التوازن المالي الذي تهدف من خلاله الحكومة السعودية إلى تحقيق التوازن المالي عام 2023.
وسجلت الرياض عجزا ماليا في السنوات المالية الأخيرة، بلغ أكثر من 300 مليار دولار، بحسب أرقام حكومية، وتتوقع الحكومة السعودية عجزا بنحو 34 مليار دولار في موازنة 2019.
ورغم خفض فيتش تصنيف السعودية فإنه أعلى من التصنيف الائتماني الممنوح للمملكة من قبل وكالة ستاندرد آند بورز بدرجة واحدة.
ويرى مراقبون أن خفض التصنيف الائتماني للمملكة سيضعف قدرتها على الاقتراض من الخارج ويجعلها أقل موثوقية تجاه البنوك والمؤسسات المقرضة عالميا مقارنة بالفترة السابقة.
والباب لا يزال مفتوحا أمام مزيد من التخفيضات في حال كانت هناك ضربات أو توسع عسكري بالمنطقة، كما أن الشركات والبنوك السعودية ستتضرر من خفض التصنيف الائتماني للمملكة حال طلبها قروضا من البنوك والمؤسسات الدولية.
يأتي ذلك فيما أفادت بيانات رسمية بأن اقتصاد المملكة نما 0.5% في الربع الثاني من العام مقارنة بالفترة نفسها قبل سنة متأثرا بتخفيضات إنتاج النفط.
وأظهرت البيانات الحكومية أن الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النفط تراجع 3.02% في الربع الثاني، في حين نما القطاع غير النفطي 2.94%.
وقبل أيام، توقعت وكالة وكالة ستاندرد آند بورز انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة بنحو 0.4% هذا العام متأثرا في الأساس بانخفاض إنتاج النفط بسبب اتفاق أوبك والهجمات.
وأكدت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفها ديون المملكة السيادية طويلة وقصيرة الأجل عند “أي أي-/ أي-” (-A-/AA). وبحلول نهاية 2019 تخطط المملكة لوصول ديونها القائمة إلى نحو 181 مليار دولار، بما يعادل 21.7% من الناتج المحلي الإجمالي.