كعادته يطلق ولي العهد محمد بن سلمان عبر مرتزقته الذباب الالكتروني لخدمة سياساته في التحريض والتشويه الذي طال هذه المرة كبار الأمراء المعتقلين في المملكة.
وينتهج محمد سلمان التشويه ومحاولة النيل من سمعة خصومه حتى لو كانوا من عائلته مثل عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز وولي العهد السابق محمد بن نايف، اللذان جرى التحريض عليهما بشكل واسع بعد اعتقالهما قبل أيام.
واتهمت حسابات الذباب الالكتروني الأمير بن نايف بإساءة الإدارة إضافة إلى تعاطي المخدرات، معتبرة أنها واحدة من الأسباب التي بررت عزله سابقا إلى جانب محاولاته لاستعطاف الشعب السعودي عن طريق علماء الدين والتعامل مع التيارات الدينية، على حد قولها.
وكتب الناشط إبراهيم الساير، قال فيها “في كل تاريخ المملكة تلاحظ أن الشعب هو أول من يقف في وجه كل من يتآمر مع دول معادية ضدنا وضد حكومتنا -كان الشخص هذا من كان- لأن وحدتنا واستقرارنا خط أحمر لا نرضى أن يتجاوزه أحد”.
فيما غرد ماجد العنزي قائلا “المملكة وشعبها هم صف واحد ضد كل من يتعامل مع أعدائنا سواء في الداخل أو في الخارج. وكل من يحاول شق هذا الصف فمصيره الردع بإذن الله”.
ويبدو أن هذه التغريدة لم ترُق للناشط عبد الله العسيري حيث رد عليها قائلا “مركز اعتدال بدأ تجهيز الرأي العام السعودي لخبر اعتقال محمد بن نايف بتشويه صورته، توهم يشتغلون على خفيف.. من تجربتنا في حصار قطر يبيلهم (يلزمهم) أسبوعين ثلاث (أو ثلاثة) من هذي التلميحات اللي (التي) تتصاعد تدريجيا وبعدها يعلنون”.
بدوره، شكك الحساب المعروف باسم بو غانم بمصداقية التغريدات المسيئة للأمير محمد بن نايف حيث قال: “جميع.. جميع.. الحسابات التي غردت بالأمس بأن الأمير محمد بن نايف يتعاطى المخدرات، حسابات وهمية بأسماء مستعارة، إذا.. أردتم المصداقية في اتهامكم لــ بن نايف فليتحدث أصحاب الأسماء الموثقة، أو.. اتركوا عنكم شغل إعلام المخابرااااات..؟؟”.
كما غرد حساب معروف باسم “مستشار الأمير محمد بن نايف” بسلسلة تغريدات لقيت تفاعلا كبيرا تجاوز خمسة آلاف إعجاب، حيث قال “البلد يسير نحو الانهيار، أسعار النفط بانخفاضٍ مستمر، كذلك أسهم أرامكو، فيروس كورونا ينتشر بسرعة، الأسرة بدأت تتفكك، وكأن هناك مؤامرةً على السعودية ينفذها بن سلمان بجهلٍ أو عن دراية، البلد ليس فيه مؤسسات ولا تنظيم، وعليه يجب على المصلحين والكفاءات تشكيل قوة لمنع السقوط”.
وأضاف في تغريدة أخرى، “الأحداث متسارعة جدا، لا أحد يعرف إلى ماذا ستفضي، لذلك يجب على المثقفين وأولئك الضباط الذين ما زالوا يحرصون على السعودية أن يستعدوا جيدا، لا بد من وجود من يمسك الأرض ويمسك مؤسسات الدولة منعا للفوضى في حال حدث شيء”.
وختم الحساب نفسه “السعودية ليست ملكا لسلمان ولابنه، ولا حتى السلطة.. ليست ملكا لهما وحدهما، السعودية لشعبها والسلطة للعائلة التي حكمت الدولة وحافظت عليها موحدة قوية، تحويل السعودية إلى “سَلمانية” أمر يجب أن يرفضه الشعب قبل الأسرة، لا بد من رفع الأصوات الرافضة لممارسات بن سلمان، وإلا فلن ينفع الندم”.
والشهر الماضي سلط موقع بريطاني الضوء على تمدد أحد أقدم وأهم شبكات المعلومات المضللة في الشرق الأوسط فعالة على شبكة تويتر ويتعلق الأمر بشبكات الذباب الالكتروني التابعة لنظام آل سعود.
ويذهب صاحب المقال الكاتب مارك أوين جونز في مقال نشر بموقع ميدل إيست آي البريطاني، إلى أن ما يسمى بشبكة “ديافولو”، التي تروج في الغالب للمحتوى المرتبط بمحطة الأخبار “24 السعودية” وقنواتها الشقيقة، كانت مسؤولة عن نشر خطاب الكراهية الطائفية ونظريات المؤامرة حول حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وتعني “ديافولو” باللغة الإيطالية “الشيطان”، وهو اسم برنامج يُستخدم لأتمتة التغريدات من خلال تطبيق “تويتدك”.
ويقول جونز في مقاله، إن البحث عن الوسم المتعلق بدولة في الشرق الأوسط يقودك للعثور على أحد حسابات الروبوت التي تعرف باسم الذباب الإلكتروني التي عادة ما تقوم بنسخ ولصق المحتوى ذاته، وعرض مقطع فيديو مع شعار شبكة “24 السعودية” المميز في الركن الأيمن السفلي.
وأضاف الكاتب أن الحسابات ذات الصلة صممت لتبدو معقولة نسبيا، حيث غالبا ما تتضمن صور صفحات لأشخاص حقيقيين، على الرغم من صعوبة استنتاج الأرقام الدقيقة، إلا أن التحاليل تشير إلى أن الشبكة تتكون على الأرجح مما يصل إلى 3700 حساب آلي أو نصف آلي.
في الواقع، لإجراء هذه الدراسة، وقع الاعتماد على عينتين، إذ أنشئ كلاهما من خلال تنزيل حوالي عشرين ألف تغريدة تحتوي على عبارة “محلل قناة 24″، وهي عبارة شائعة الاستخدام من طرف شبكة الروبوت.
يذكر أن عوامل على غرار التشابه في تاريخ إنشاء الحساب، والنظام الأساسي المستخدم من قبل الحساب، وعدد المتابعين وأوجه التشابه في المحتوى المنشور من قبل هذه الحسابات، تحدد إمكانية معرفة ما إذا كان الحساب مشبوها.
وأوضح الكاتب أن تحليل الحسابات يشير إلى جهد منسق للغاية، ففي المتوسط، تم إنشاء 34 حساب تويتر جديدا شهريا منذ عام 2009، ولكن في بعض الأحيان، سجّل هذا العدد ارتفاعا. وفي مايو/أيار 2016، أنشئ 335 حسابا، وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ما يقارب 382 حسابا.
إذا كانت هذه الحسابات عضوية، فيمكن أن يتوقع المرء توزيعا أكثر توازنا لتواريخ الإنشاء. من جهة أخرى، في حين أن بعض شبكات الذباب لا تعمل إلا بشكل متقطع، فإن الشبكة نفسها نشطة باستمرار، حيث تنتج أكثر من 2500 تغريدة يوميا.
أفاد الكاتب بأن الشبكة تركز باستمرار على القضايا المتعلقة بإيران وتركيا وقطر. فوفقا للتحليل الذي أجراه، احتوى حوالي ثلث إجمالي التغريدات في الأسبوع الماضي على وسم “#إيران”، في حين ظفر وسم “#تركيا” و”#قطر” و”#السعودية” بحوالي 17% من مجموع التغريدات.
وبالعودة إلى عام 2016، كانت شبكة “24 السعودية” تعمل على نشر خطاب الكراهية المعادي للشيعة باللغة العربية. وبعد تلقي الشكاوى، علق موقع تويتر 1800 حساب، ولكن الشبكة كانت أكبر من ذلك بكثير، ولم ينجح هذا الإجراء في عرقلة نشاطها. في ذلك الوقت، من المرجح أن تكون الشبكة قد تضمنت عشرات آلاف الحسابات.
وبيّن الكاتب أنه على الرغم من أن الشبكة خضعت لعملية تصفية منذ ذلك الحين، فإنها حافظت على نفوذها، حيث ما زالت تنشر الدعاية المؤيدة للسعودية والمعلومات المضللة. وتتطرق الشبكة أيضا إلى العديد من المواضيع الشائعة، خصوصا حين قامت بالدفاع عن السعودية في مواجهة الانتقادات التي تعرضت لها.
فخلال عام 2018، كانت هذه الشبكة نشطة للغاية في نشر نظريات المؤامرة حول تورط تركيا في مقتل خاشقجي الذي قتل في سفارة بلاده وعلى أيدي موظفين في الحكومة السعودية، وفقا لمقال ميدل إيست آي.
وأرفقت الشبكة في الذكرى السنوية لهذه الجريمة التي ارتُكبت في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2018، وسم “#جمال خاشقجي” بمقاطع فيديو تروج للشركات السعودية، في الوقت الذي كان فيه العرض العام الأولي لشركة أرامكو يتصدر عناوين الصحف.
وأضاف الكاتب أنه إثر قيام مجند سعودي بإطلاق النار وقتل ثلاثة من العسكريين الأميركيين في فلوريدا، اخترقت شبكة الذباب الإلكتروني التابعة لـ”24 السعودية” وسم “# إطلاق النار في فلوريدا” عن طريق نشر رسائل الدعم السعودي لمكافحة الإرهاب.
أورد الكاتب أنه نظرا لعملية تصفية حسابات تويتر العربيّة التي تنشر “الرسائل السياسية غير المرغوب فيها” من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، يبدو من غير المعقول أن تظل هذه الشبكة نشطة.
في الواقع، من الصعب تحديد تأثير الشبكة، لكن مقاطع الفيديو المنشورة على تويتر تحصل في كثير من الأحيان على آلاف المشاهدات. ومع ذلك، يكاد يكون من المؤكد أنها متورطة بالتلاعب بالمنصة، والذي تُعرّفه تويتر بأنه “استخدام تويتر لتضليل الآخرين أو تعطيل تجربتهم من خلال الانخراط في نشاط عدواني أو خادع” ويمكن أن يشمل السخام الإلكتروني أو الاستخدام الضار للروبوتات أو الحسابات المزيفة.
وأكد الكاتب أن استمرار وجود الشبكة يثير تساؤلات حول جهل تويتر بتحويل التطبيق إلى سلاح متصل بالسعودية. وفي الواقع، اتهمت الحكومة الأميركية أخيرا الجواسيس السعوديين الذين عملوا في تويتر بالتجسس لصالح الرياض. ومع ذلك، حتى بعد أن علمت شبكة تويتر بعملية الاختراق، التقى الرئيس التنفيذي جاك دورسي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
أخيرا، قال الكاتب إن تويتر لم تشرح سبب إخفائه لأرشيف سعود القحطاني، وهو مستشار ملكي سابق حظر حسابه بسبب التلاعب بالمنصة. وعلى الرغم من عمليات تصفية حسابات تويتر، فإنه دون وجود محاسبة وشفافية حول العلاقات المحددة لهذه الشركة التقنية مع بلدان معينة، فمن المرجح أن يظل التلاعب بالمنصة شكلا مقبولا من أشكال فرض السيطرة في منطقة الشرق الأوسط.