انتقد حزب التجمع الوطني مشاركة الدول الكبرى في قمة العشرين التي استضافتها المملكة، دون التطرق لحقوق الإنسان والمعتقلين في سجون نظام آل سعود، مثمنا في الوقت ذاته، دور البرلمانيون في الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأمريكي ورؤساء بلديات كبرى في مقاطعتهم للمؤتمرات الملحقة بالقمة.
وأكد التجمع الوطني، في بيان، أصدره تعقيبا على نتائج القمة، أن انعقادها جاء تزامنا مع تنامى الضغط الدولي على سلطات آل سعود بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وجرائم الحرب في اليمن، والتأزيم السياسي والتدخلات الخارجية من قبل السلطات.
وعبر عن رفضه وبشده تجاهل معاناة الشعب السعودي، مستنكرا حضور البعض دون أي اعتبار أو حديث عما تقوم به سلطات آل سعود من انتهاكات، وشدد على أن الحضور دون أي اعتبار لحقوق الإنسان يعد اعترافا وتمكينا لنظام يستهتر بالحريات وبالحقوق السياسية والاقتصادية ويستأثر بالسلطة والثروة، ويمارس الفساد رغم ادعاء مكافحته.
وقال إن الدول والرؤساء وكل الجهات التي جاملت سلطات آل سعود لم تجرؤ على استنكار انتهاكاتها بوضوح، تتخلى بذلك عن المبادئ والقيم الإنسانية، وتطبّع التعامل مع النظام السعودي ببراجماتية غير مقيدة باحترام سيادة القانون والتي تعد ركيزة مهمة للتجارة العالمية والازدهار الاقتصادي.
ورأى أن الحضور – ولو كان عن بعد – في العاصمة الرياض دون توجيه أي نقد لسلطات آل سعود استهتار بمبادئ التحضّر، وتمكين للنظام السعودي في التمادي في انتهاكاته الانسانية والاقتصادية بعد ضمان الصمت العالمي على جرائمه، ومنها الاغتيالات السياسية خارج الحدود وداخلها.
وحدد حزب التجمع الوطني أبرز التناقضات التي قدمتها سلطات آل سعود بغطاء دولي هو استضافتها لحواراتٍ تفاعلية حول دور المجتمع المدني وتمكين المرأة في حين أن عدد من الناشطات لازلن في السجون، وتضرب إحداهن عن الطعام منذ أكثر من شهر دون أي استجابة من قبل السلطات أو تحرك لائق من داعمي النظام.
وأشار إلى تعرض الناشطات المعتقلات في السجون لأبشع أنواع التعذيب، كالصعق بالكهرباء، والضرب المبرح، والتعليق في الأسقف، والتحرش الجنسي الممنهج، وطالت عدد آخر من المعتقلين انتهاكات مماثلة، وتعذيب وحشي، وأحكام قاسية بسبب تعبيرهم عن آرائهم بسلمية.
وفي الوقت ذاته، شكر حزب التجمع الوطني كل من اتخذ مواقف ايجابية لدعم حقوق الإنسان، وثمن التوصيات التي نقلها أعضاء البرلمان الأوروبي إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى انسحاب عدد من رؤساء بلديات مدن مثل لندن وباريس ونيويورك ولوس أنجلوس من قمة العشرين لرؤساء بلديات المدن التي عقدت افتراضيًّا في 2 أكتوبر، الموافق للذكرى السنوية لقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
وثمن أيضًا ما تلى ذلك بأيام حيث صوت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة لخفض مستوى الحضور في قمة نوفمبر في السعودية على خلفية المخاوف حول حقوق الإنسان، ونادى البرلمان بفرض عقوبات، ووقع 65 عضوا للبرلمان الأوروبي على عريضة تدعو لذلك.
ومثل ذلك ما طالب به 45 عضوًا من أعضاء الكونغرس الأمريكي من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وإدارة ترمب بالانسحاب من قمة مجموعة العشرين، وما صدر في مذكرة في البرلمان البريطاني بمخاوف شديدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سياق قمة مجموعة العشرين، وكل ذلك أوصل رسالةً واضحة بأن السلطات السعودية لا يمكن أن تتصرف كأن شيئًا لم يكن.
وثمن الحزب أيضًا تزايد الضغوط على مستوى الأمم المتحدة أيضًا، وصدور البيان المشترك الثالث حول وضع حقوق الإنسان في السعودية، والذي وقعته 33 دولة عضو للأمم المتحدة تطالب بإصلاحات حقوقية ملموسة وبنيوية، وفشلت السعودية في محاولتها الحصول على ولاية أخرى في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة.
وعد ذلك مؤشر على أن أطرافًا في المجتمع الدولي لم تعد تتسامح مع الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في السعودية.
وختمت الحزب الوطني “اتضح للعالم مدى قدرة النظام على استعمال الثروة النفطية في سبيل قمع المجتمع ومصادرة حقوقه المدنية والسياسية”.
وتوجهت لوسائل الإعلام العالمية وللمشاركين في القمة والشركات والمؤسسات والحكومات وجميع الأطراف برسالة واضحة وصريحة، بوجوب الضغط على النظام السعودي من أجل احترام ملف حقوق الإنسان وإطلاق سجناء الرأي كخطوة أولية نحو تعزيز دولة الحقوق والمؤسسات والحريات، واحترام خيارات الشعب.
وكذلك التوقف عن انتهاك حقوقه، والتوقف عن ارتكاب الجرائم في تدخلاته الخارجية، وأكد أن تسليط الأضواء على ذلك يخلق ضغطًا على السلطات لتمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ويجبرها أن تبدأ إصلاحات بنيوية حقيقية، بدل ما تقدمه السلطات من دعاية للقمع، وتجميل له، بدعم وصمت وغطاء من أطراف دولية لا تعبئ بالحقوق والحريات.