كشفت بيانات سعودية رسمية، النقاب عن ارتفاع قياسي معدل البطالة بين المواطنين السعوديين الذكور خلال الربع الأول من العام 2020 ووجود أكثر من مليون سعودي عاطل في تعبير عن تبخر وعود ولي العهد محمد بن سلمان بالحد من تفاقم البطالة.
وأظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية، أن معدل البطالة بين المواطنين السعوديين بلغ 11.8 بالمائة في الربع الأول من 2020 من 12 بالمائة في الربع السابق، في حين تراجع المعدل من 12.5 بالمائة في الربع الأول من 2019.
وأوضحت البيانات أن معدل بطالة السعوديين الذكور بلغ 5.6 في المائة بارتفاع قدره (0.7) نقطة مئوية، في حين بلغ معدل بطالة السعوديات 28.2 في المائة بانخفاض قدره 2.6 نقطة مئوية.
يشار إلى أن العمالة الأجنبية تشكل 76 بالمائة من سوق العمل السعودي، وبلغ عدد العمال الأجانب بالمملكة 10.22 مليون عامل أجنبي نهاية العام 2019.
ويبلغ عدد المشتغلين في سوق العمل من السعوديين وغير السعوديين، 13 مليونا و635 ألفا و612 شخصا، بينهم 3 ملايين و203 آلاف و423 سعوديون، الذكور منهم مليونان و66 ألفا و553، والإناث مليون و136 ألفا و870.
وبحسب البيانات الرسمية أن مليون و15 ألفا و820 سعوديا وسعودية بدون عمل يعانون البطالة، بينهم 186,969 ذكرا، و828,851 أنثي.
وتعرض الاقتصاد السعودي لانكماش قياسي بنسبة واحد في المائة في الربع الأول من العام، لكن الأرقام لم تتضمن غير تأثير هامشي لانهيار أسعار النفط وأزمة فيروس كورونا التي تفاقمت في مارس/آذار وأصبح مهدد بارتفاع معدلات البطالة .
وقالت الهيئة العامة للإحصاء في المملكة “يرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى انخفاض النمو في القطاع النفطي بمقدار 4.6 في المائة بالرغم من تحقيق القطاع غير النفطي ارتفاعا قدره 1.6 في المائة” مستشهدة بتقديرات أولية بشأن البطالة .
وتواجه المملكة أسوأ تراجع اقتصادي له هذا العام في ظل جائحة فيروس كورونا التي أضعفت الطلب العالمي على الخام وإجراءات احتواء الفيروس التي أضرت بالاقتصاد غير النفطي للمملكة بما في ذلك ارتفاع نسب البطالة .
وقال جيمس سوانستون الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “أزمة فيروس كورونا تعني أن هذه أنباء قديمة إلى حد ما، ومن المؤكد بدرجة كبيرة أن تكون بيانات الربع الثاني مروعة”.
وفي الربع الأول، هوت صادرات المملكة نحو 11 مليار دولار على أساس سنوي. وتفيد بيانات رسمية بأنها انخفضت حوالي 12 مليار دولار في إبريل/نيسان وحده.
ومن المرجح أن تؤثر تخفيضات إنتاج النفط الكبيرة في مايو/أيار ويونيو/حزيران بهدف رفع الأسعار على الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، وأظهرت الأرقام الصادرة عن البنك المركزي هذا الأسبوع أن معاناة الاقتصاد غير النفطي ستستمر في مايو.
وبحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودية فإن أرباح القطاع المصرفي سجلت تراجعا سنويا بنحو 40 في المائة في مايو/ أيار وانخفضت معاملات نقاط البيع نحو 16 في المائة.
وقالت أرقام كابيتال في دبي “استمرت إجراءات الإغلاق وضعف الثقة في النيل من الإنفاق” متوقعة أن يكون الإنفاق الاستهلاكي انخفض بنسبة 32 في المائة على أساس سنوي الشهر الماضي بعد تراجع بنسبة 35 في المائة في إبريل.
وقررت الحكومة زيادة ضريبة القيمة المضافة على أمل زيادة الإيرادات غير النفطية لكن الاقتصاديين يقولون إن من المرجح أن تضعف الخطوة الإنفاق الاستهلاكي وتكبح التعافي الاقتصادي مع إلغاء إجراءات احتواء فيروس كورونا. وقدر صندوق النقد الدولي أن اقتصاد السعودية سينكمش نحو 6.8 في المائة هذا العام.
ويعمد ولي العهد محمد بن سلمان إلى إغراق المملكة بدوامة من القروض بعد أن بدد ثرواتها في خططه وسياساته الاقتصادية الفاشلة في وقت تحولت وعوده بالنهوض الاقتصادي إلى سراب بما في ذلك الحد من البطالة .
وأعلنت وزارة المالية السعودية، أن المملكة جمعت 8.495 مليارات ريال (2.27 مليار دولار) تحت برنامج صكوك حكومة المملكة بالريال السعودي، في يونيو/ حزيران.
وذكر بيان للوزارة أنّ “الإصدارات قسمت إلى ثلاث شرائح؛ الأولى تبلغ 2.494 مليار ريال ليصبح الحجم النهائي للشريحة 5.017 مليارات ريال سعودي لصكوك تُستحق في 2027”.
وقال البيان إنّ “الشريحة الثانية بلغت 3.670 مليارات ريال ليصبح الحجم النهائي للشريحة 13.966 مليار ريال لصكوك تُستحق في عام 2030″، مضيفاً أن “الشريحة الثالثة بلغت 2.331 مليار ريال ليصبح الحجم النهائي للشريحة 10.569 مليارات ريال سعودي لصكوك تُستحق في 2035”.
وكانت الوزارة قد كشفت، في مارس/آذار الماضي، أنّ المملكة باعت صكوكاً (سندات دين إسلامية) محلية بقيمة 15.568 مليار ريال (4.15 مليارات دولار).
وتتعرض المملكة لضغوط مالية كبيرة بفعل تداعيات جائحة كورونا، وتهاوي عائدات النفط، فضلاً عن كلفة الحرب الباهظة في اليمن، ما دفع الحكومة إلى السحب من الاحتياطي النقدي، وتقليص استثماراتها في أدوات الدين الأميركية، وتبني إجراءات تقشفية “مؤلمة”، بحلول يونيو/ حزيران الجاري
وتضمنت الإجراءات التقشفية وقف بدل الغلاء وزيادة ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها من 5% إلى 15%، وتقليص الإنفاق على المشروعات.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قد قالت، في مقال تحليلي نشرته في 14 مايو/ أيار الماضي، إنّ تفشي كورونا وتراجع أسعار النفط تسببا معاً في إرهاق السعودية ووضعها أمام أسوأ أزمة مالية منذ عقود.
كذلك “ألغت الحكومة أو أجلت”، وفق المنشور، بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية، وخفضت اعتمادات عدد من المبادرات والبرامج والمشاريع الكبرى للعام المالي 2020.
ومؤخرا توقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي للسعودية بنسبة 6.8% هذا العام، في أسوأ أداء له منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وأعادت الذكرى الثالثة لتولى محمد بن سلمان، زمام الحكم في المملكة، بعد انقلاب ناعم في يونيو/ حزيران 2017 على ابن عمه الأمير محمد بن نايف الذي جرده من مناصبه كافة، وعود النهوض الاقتصادي لمواطني المملكة.
ومنذ تعيينه وليا لولي العهد، أطلق الأخير سلسلة خطط ووعود اقتصادية “خيالية”، لكنها لم تطبق حتى الآن وتحديدا بعد ثلاث سنوات من الحكم بل ذهبت بالمملكة إلى الهاوية عدا عن حرب اليمن وأزمة قطر وإيران ومقتل الصحفي جمال خاشقجي وغيرهما من القضايا وسجل الجرائم.
ووعد بن سلمان عام 2016، بمستقبل واعد للنهوض بالمملكة، وقال إن أزمات البلاد تكمن في الاسكان والبطالة، لكن “الفرص أمامنا أكبر بكثير من هذه القضية، طموحنا سوف يبتلع هذه الأزمات وغيرها”.
وقال بن سلمان، في لقاء متلفز آنذاك: “طموحنا كيف يكون اقتصادنا أكبر! كيف نخلق بيئة جذابة في وطننا! فإذا ارتفع النفط سوف يخلق داعم قوي لخططنا”.
وأكد بن سلمان بتصريحاته” في عام 2020 لو النفط توقف في المملكة نستطيع أن نعيش!”.
وفي عام 2017، عاد ولى العهد بتكرير تصريحاته قائلا: “اقتصادنا سيكون أقوى في تلقى الصدمات، دون اتخاذ إجراءات صعبة!”.
لكن في عام 2020، ضربت أزمة فيروس كورونا وحرب أسعار النفط العام التي أشعلها ولى العهد مع خصومه أودت المملكة إلى الهاوية والاستدانة وفرض إجراءات صعبة على سكان المملكة والوافدين.
ووجد المواطن السعودي نفسه في عام 2020 أمام أكبر موجة غلاء في تاريخ المملكة، في ظل سلسلة إجراءات حكومية فرضها نظام آل سعود لمواجهة تفاقم أزمة الاقتصاد السعودي وتداعيات فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط العام.
وفاجأت الهيئة العامة للجمارك في المملكة، السعوديين، بنشرها قائمة بالسلع المقرر رفع الرسوم الجمركية عليها، اعتبارا من العاشر من الشهر الجاري.
وتضم القائمة نحو 3 آلاف سلعة مختلفة، تراوحت نسبة الرفع الجمركي عليها بين 3 و25 بالمائة.
وأبرز الأصناف التي فرضت عليها رسوم جمركية – حسب تلك الوسائل الإعلامية – بعدما كانت معفاة من الضرائب سابقا، لحوم الضأن والماعز برسوم تصل إلى 7 بالمائة، كما ارتفعت الرسوم على الأسماك من 3 إلى 6 بالمائة.
وارتفعت الرسوم الجمركية على الألبان والأجبان ومشتقاتهما من 5 إلى 10 بالمائة.
وشهدت بعض المواد المستخدمة في الصناعة، مثل الطوب بمختلف أنواعه ارتفاعا بالرسوم من 5 إلى 15 بالمائة، وهو ما انطبق أيضا على مواد زينة السيارات وغيرها.
وعقب قرارات الجدعان، نشر نشطاء سعوديون في المملكة مقطع فيديو من مقابلة مع ولي العهد محمد بن سلمان أجريت عام 2016 إبان إطلاق “رؤية 2030” يقول فيها إنه بحلول عام 2020 ستكون المملكة قادرة على العيش بدون نفط.
ولم يقتصر رفع الأسعار على السلع داخل المملكة، بل رفعت شركة النفط السعودية “أرامكو” سعر غاز البترول المسال المتجهة إلى آسيا لشهر حزيران/يونيو ٢٠٢٠.
وتوحى القرارات الجديدة، بانتهاء عهد الرفاهية في الدولة النفطية، سيما أن هناك قرارا يسمح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وأعلنت وزارة الاسكان في المملكة، لجمهورها العسكريين والمواطنين، وقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف.
وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.
كما أظهرت معطيات رسمية، خسارة المملكة نحو 50 مليار دولار من احتياطياتها الأجنبية خلال شهري مارس/آذار، وأبريل/نيسان الماضيين (فترة تفشى الفيروس التاجي).