كشف “ريتشارد ماسترز”، المدير التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم البريميرليج عن الأسباب الحقيقية التي دفعت إدارة الدوري إلى عدم الموافقة على صفقة استحواذ الصندوق الاستثماري السعودي على نادي نيوكاسل يونايتد.
وقال ماسترز لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية: “يقوم الدوري الإنجليزي الممتاز دائماً بمراجعة اختبار مالكي الأندية في المسابقة المحلية ومديريها، من أجل ضمان بقاء البطولة قوية وعادلة لجميع أصحاب المصلحة المهتمين”.
وأكد ماسترز أن عملية الاستحواذ وصلت إلى طريق مسدود؛ لأن المشترين لم يؤكدوا خلال الاجتماعات ما إذا كانت الدولة السعودية هي التي ستسيطر على الفريق بالنهاية.
ودافع عن الطريقة التي تعامل بها الدوري الإنجليزي الممتاز مع عرض المملكة للنادي، معتبراً أنهم قاموا بتطبيق القواعد المتبعة على الجميع في المسابقة القوية، وبخاصة أن صندوق الاستثمار الذي كان من المقرر أن يستحوذ على الفريق هو صندوق الثروة السيادية في المملكة، ورئيسه هو ولي العهد محمد بن سلمان.
وبحسب الصحيفة، فإن الصندوق الاستثماري السعودي لم يقدم في الاجتماعات التي حضرها مع مسؤولي الدوري الإنجليزي الممتاز سوى “ياسر الرميان”، بصفته الممثل الوحيد في مجلس إدارة نادي نيوكاسل بحال حصوله على عملية الاستحواذ، مع رفضه الدائم لإعطاء المزيد من التفاصيل.
وأتى اعتراف “ماسترز” المدير التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، بعد دعوة منظمة العفو الدولية لـ”البريميرليغ” إلى وجوب تحديث اختباره على ملاك الأندية، بعدما تم إيجاد انتهاكات لحقوق الإنسان يرتكبها الملاك المحتملون لنادي نيوكاسل.
وكان ماسترز المدير التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، قال في شهر يونيو/حزيران الماضي: “لقد اتخذت إدارة البريميرليج قراراً واضحاً بشأن الكيانات التي يعتقد أنها ستسيطر على نادي نيوكاسل يونايتد بعد الاستحواذ المقترح، وفقاً لقواعدنا وشروطنا”.
وبعد رسالة ماسترز، قام الدوري الإنجليزي الممتاز بمطالبة كلّ شخص أو كيان بتزويد “البريميرليج” بمعلومات إضافية، كان من الممكن استخدامها بعد ذلك للنظر في تقييم أي أحداث رفض محتملة بالمستقبل.
لكن ماسترز عاد للحديث عن موضوع رسالته مرة أخرى، بقوله: “لقد اختار الصندوق الاسثماري السعودي عدم قبول العرض الذي قدمناه له، وقام بعدها بالانسحاب من عملية الاستحواذ على نادي نيوكاسل بشكل طوعي.
وفشلت صفقة استحواذ صندوق الاستثمار السعودي على نيوكاسل، بعدما طالبت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز بضرورة الكشف عن التسلسل الهرمي للملكية، وصناع القرار الرئيسيين في الفريق بعد التمكن من شرائه، بعد القرار الذي نشرته منظمة التجارة العالمية في يونيو/حزيران الماضي، ومطالبة الكثير من المنظمات العالمية بضرورة إعادة النظر في الصفقة.
وأعلن صندوق الاستثمار السعودي، هذا الشهر، انسحابه رسمياً من صفقة شراء نادي نيوكاسل العريق الذي يلعب في الدوري الإنكليزي الممتاز ما شكل هزيمة مدوية لخطط التبييض الرياضي لولي العهد محمد بن سلمان.
وتحدث الصندوق السعودي عن سببين للانسحاب، المدى الزمني الطويل الذي استغرقته عملية الشراء وما شهدته من مماطلة، حسب تعبير البيان، وجائحة كورونا وما تركته من آثار على كل مناحي الحياة بشكل عام، والمنافسات الرياضية بشكل خاص، وعدم اليقين في ما يتعلق بالموسم المقبل.
والسبب الأول هو الأساسي والمركزي، علماً أن بيان الصندوق لم يتطرّق إلى العوامل الجوهرية لفشل الصفقة و هزيمة بن سلمان. إذ تحدث فقط عن مماطلة في إنجازها.
والسبب الثاني فرعي وهامشي، كون الصندوق مضى في عملية الشراء شهورا في ذروة انتشار الجائحة، والتأكيدات العلمية أنها لن تنتهى قريباً، ولم يتحدث لحظة عن الاستثمار غير المجدي تجارياً، علماً أن الربح المالي لم يمثل الهدف الأساسي من الصفقة.
والمعلوم أن طلب الصندوق السيادي السعودي أثار شراء النادي الإنكليزي العريق قبل شهور جدلاً كبيراً، وتدخلت عدة جهات لرفض العملية، طارحة أسبابا وجيهة جداً، متعلقة بسياسات السعودية ورجلها القوي وحاكمها الفعلي، الذي يتحكّم بالصندوق الاستثماري، كما بكل المؤسسات الأخرى في البلد.
وجاء الاعتراض الأقوى على الصفقة من شبكة بي أن سبورت الرياضية القطرية التي تملك حقوق بث مباريات الدوري الإنكليزي في المنطقة العربية، وتعرّضت قنواتها وفعالياتها، بما فيها الدوري نفسه، للقرصنة، لسنوات وبشكل شبه رسمي في السعودية من شركة تدعى “بي أوت كيو” مع بيع علني لأجهزة الاستقبال وتسديد الرسوم والبث عبر القمر الصناعي العربي عرب سات الذي تملك السعودية سلطة واسعة عليه.
ثم جاء حكم منظمة التجارة العالمية لصالح الشركة القطرية، مؤكداً القرصنة الرسمية، ومطالباً السلطات السعودية بوقفها، بينما ردّت الرياض بقرار يحظر بث الشبكة القطرية تماماً في السعودية، ما أكد أنه لا تغيير في الذهنية الاستبدادية المتغطرسة الحاكمة، الساعية إلى الاستحواذ على “نيوكاسل يونايتد”.
وكانت منظمات حقوق الإنسان، وكذا أصدقاء الصحافي السعودي المغتال جمال خاشقجي، تحركوا أيضاً ضد الصفقة، وطالبوا بمنعها، إثر تورّط بن سلمان والحكومة السعودية رسمياً في جريمة قتل جمال البشعة في القنصلية السعودية في إسطنبول.
ولم يكن من الصعوبة بمكان إثبات أن الصفقة سعت أساساً إلى تبييض رياضي لبن سلمان في إنكلترا وأوروبا والعالم، في سياقٍ شاملٍ عبر استضافة منافسات رياضية عالمية كبرى في السعودية، ثم شراء نادي نيوكاسل العريق بعد تعثر شراء صفقة “مانشستر يونايتد”، العريق أيضاً، والهدف دائماً إظهار بن سلمان في صورة الزعيم الشاب الحداثي الذي يعمل على انفتاح بلاده على العالم في كل المجالات، بما فيها الرياضية.
وإضافة إلى المعطيات السابقة التي عرقلت الصفقة. ثمّة معطى مهم جداً أجبر الصندوق على التخلي عنها، كونها حققت عكس ما أريد منها، وبدلاً من تبييض صفحة بن سلمان وإظهاره بمظهر رجل الدولة الحداثي العصري والمنفتح والمتسامح وهو ما خاب في مساعيه وتكبد هزيمة أخرى.
وأدّت الصفقة إلى التركيز أكثر على سجل بن سلمان السيئ وانتهاكاته الفظة والمنهجية لحقوق الإنسان، وتورّطه ومساعديه المقرّبين في جريمة قتل خاشقجي البشعة، ثم قرصنة حقوق البث، وعلى نطاق واسع ومنظم للدوري الإنكليزي، وهي معطياتٌ راسخة وصلبة، أكدت قسوة القيادة السعودية وبشاعتها، وحتى التصرّف بذهنية العصابة
وعموماً، كان الفشل السعودي مدوّياً، وجاءت هزيمة نيوكاسل سياسية إعلامية ورياضية، وأثبتت العملية كلها وجود هواة من دون قدرات لافتة بشأن محمد بن سلمان.