الاختراقات والرقابة تلطّخ منتدى الأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت في السعودية

أبرزت منظمة حقوقية تأكّد المخاوف بشأن ملاءمة استضافة السعوديّة لمنتدى حوكمة الإنترنت لعام 2024 (IGF)، في ظل فضائح الاختراقات والرقابة عبر الانترنت خلال الحدث الدولي.

وتحدثت منظمة القسط لحقوق الإنسان عن اختراق جلستي نقاش تناولتا قضايا حقوق الإنسان وتم حذف محتواهما لفترة وجيزة من موقع المنتدى، فضلًا عن أنّه تمت إزالة مواد تتعلّق بحقوق الإنسان بشكل فعلي من منصّة العرض.

وأعربت القسط عن قلقها إزاء هذا التدخّل الظاهر من جانب السلطات السعوديّة ومحاولاتها لفرض الرقابة على التجمّع الذي ترعاه الأمم المتحدة، والذي عُقد في الرياض بالسعوديّة، من 15 إلى 18 ديسمبر 2024.

وأصدر ما يفوق 70 منظّمة حقوقيّة رقميّة وإنسانيّة، من بينها القسط، نداءً مشتركًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس في 12 أكتوبر 2023، داعين فيه إلى إلغاء قرار عقد منتدى حوكمة الإنترنت لعام 2024 في السعوديّة.

وأشارت المنظمات إلى المخاوف الجدّيّة بشأن سجل حقوق الإنسان في السعوديّة، وأن هذا الأمر من شأنه أن يخلق بيئة غير آمنة للمجتمع المدني للمشاركة بحرّيّة وأمان “لكن للأسف، أثبتت الأحداث التي وقعت خلال المنتدى هذا الأسبوع أنّ هذه المخاوف كانت في محلّها”.

وشاركت رئيسة قسم الرصد والمناصرة في القسط، لينا الهذلول، في جلسة مشتركة لمنتدى حوكمة الإنترنت مع هيومن رايتس ووتش حول معاهدة الأمم المتحدة الخاصّة بالجريمة السيبرانيّة عن بُعد، وذلك بسبب المخاطر الشديدة المرتبطة بحضورها شخصيًّا.

وتجدر الإشارة إلى أنّ عائلة الهذلول ما زالت تخضع لحظر سفر غير قانوني، فضلًا عن أنّ حضورها الفعلي قد يؤدّي إلى تعريض سلامتها وسلامتهم لمزيد من الخطر.

بالإضافة إلى ذلك، لفتت هيومن رايتس ووتش الانتباه إلى غيابها من خلال وضع بطاقة اسمها بشكل رمزي أمام كرسي فارغ. وبدأت الجلسة بالوقوف دقيقة صمت تكريمًا للمدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين على خلفيّة تعبيرهم على الإنترنت في السعوديّة وغيرها من دول الشرق الأوسط.

وخلال الجلسة، ناقش المشاركون قضايا حقوق الإنسان الحرجة في السعوديّة مثل القمع العابر للحدود الوطنيّة، واستخدام برامج التجسّس للمراقبة الإلكترونيّة، وقوائم المراقبة لأمن الدولة، واغتيال جمال خاشقجي عام 2018.

ومع ذلك، بعد انتهاء الجلسة، تم حذف تسجيل الفيديو من يوتيوب وتمت إزالة النّصّ من موقع منتدى حوكمة الإنترنت. وعلى الرغم من استعادة المحتوى لاحقًا، أكّدت أمانة المنتدى تعرّضها لضغوط لإزالته، وهو فعل يثير مخاوف جدّيّة بشأن التدخّل والرقابة من جانب السلطات السعوديّة.

وفي جلسة منفصلة نظّمتها منظّمة الحقوق الرقميّة “أكسيس ناو”، تم اختراق منصّة “زووم”، وظهر محتوى إباحي على الشاشة، وذلك مباشرة بعد ذكر مقتل خاشقجي. وعلى الرغم من عدم تحديد الجناة الفعليّين، تتحمّل السلطات السعوديّة مسؤوليّة ضمان الأمن عبر الإنترنت وخارجه خلال الفعاليّات التي تستضيفها ضمن ولايتها القضائيّة.

والجدير بالذكر أنه تم توثيق عمليّات اختراق مماثلة سابقًا خلال مناقشات خاصّة أجرتها منظّمات غير حكوميّة حول انتهاكات حقوق الإنسان في السعوديّة.

كما استضافت منظّمة العفو الدوليّة، التي حضرت منتدى حوكمة الإنترنت شخصيًّا، منصّة تحتوي على منشورات تسلّط الضوء على قضايا الناشطة السعوديّة في مجال حقوق المرأة مناهل العتيبي والمؤثرة الأنغوليّة على تيك توك نيث نهارا، اللتين تم احتجازهما بسبب تعبيرهما على الإنترنت.

ومع ذلك، تمّت مصادرة موادهما، ممّا قوّض قدرة المنظّمة على رفع مستوى الوعي بقضايا حقوق الإنسان الحرجة.

وبحسب منظمة القسط تؤكّد هذه الحوادث المخاوف السابقة بأنّ السعوديّة غير مؤهّلة ليتم اختيارها لاستضافة حدث عالمي متعدّد الأطراف يهدف إلى دعم الحوار المفتوح والمشاركة الشاملة في حوكمة الإنترنت.

وتجدر الإشارة إلى أنّ مهمّة المنتدى في تعزيز حوكمة الإنترنت العادلة والقائمة على الحقوق ستظلّ معرّضة للخطر بشكل أساسي إذا تم استضافتها في بيئة تتميّز بالرقابة والقمع والتهديدات للسلامة الشخصيّة.

ودعت منظمة القسط أمانة منتدى حوكمة الإنترنت والأمم المتحدة إلى التحقيق بشكل شفاف في جميع الحوادث المُبلّغ عنها، والتي تشمل الضغوط لفرض الرقابة على المحتوى وتعطيل الجلسات عبر الإنترنت.

وحثت على ضرورة توضيح مدى تورّط السلطات السعوديّة في هذه الانتهاكات وضمان المساءلة عن حالات الإخفاق في الحفاظ على منتدى آمن ومفتوح، ووضع معايير أكثر صرامة للمضيفين المستقبليّين، بما يساهم في ضمان حماية الحرّيّات الأساسيّة ومشاركة المجتمع المدني.