رفض الاتحاد الأوروبي الأحكام الصادرة عن نظام آل سعود بشأن تبرئة قتلة الصحفي البارز جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى ضمان مساءلة ومحاكمة جميع المسؤولين والمتورطين في قتل خاشقجي، وذلك تعليقاً على الأحكام الأولية التي أصدرها القضاء التابع لنظام آل سعود أمس الإثنين، بإعدام خمسة أشخاص، ليس من بينهم شخصيات بارزة يشتبه بضلوعها في عملية الاغتيال.
وقال الاتحاد الأوروبي في بيان، إنه “يعيد التأكيد على الحاجة إلى ضمان محاسبة ومحاكمة جميع المسؤولين والمتورطين في اغتيال خاشقجي يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول”.
وأضاف: “يجب أن يستند ذلك (المحاكمة) إلى مبادئ الشفافية واحترام الإجراءات القانونية والإجراءات القانونية الواجبة”.
وكانت المقررة الأممية الخاصة أنييس كالامار غردت منتقدة تبرئة مسؤولين من جريمة اغتيال الصحفي، واصفة الأحكام الصادرة اليوم بأنها “مثيرة للسخرية”.
وقالت كالامار، في تغريدة عبر حسابها على تويتر: “تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة.. وأمر يدعو للسخرية”.
وأضافت: “قال المتهمون مرارًا إنهم يطيعون الأوامر. وصرح المدعي العام (السعودي) علناً بأن سعود القحطاني، مستشار ولي العهد الشخصي، طالب باختطاف جمال خاشقجي (على أساس أنه كان يمثل تهديدًا للأمن القومي). ومع ذلك، لا يزال حرا”.
وتابعت: “عادة ما يكشف الإفلات من العقاب بعد قتل صحافي ما عن القمع السياسي والفساد وإساءة استخدام السلطة والدعاية، وحتى التواطؤ الدولي. وجميع هذه الأمور حاضرة في قتل السعودية لجمال خاشقجي”.
وأردفت: “لقد قام المسؤولون السعوديون الثمانية عشر، الذين حضروا بمفردهم في القنصلية السعودية في اسطنبول لأكثر من 10 أيام، بتنظيف مسرح الجريمة. وهذا عائق أمام العدالة وانتهاك لبروتوكول مينيسوتا للتحقيق في أعمال القتل التعسفي”.
وأشارت: “بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كان مقتل السيد خاشقجي بمثابة إعدام خارج نطاق القضاء وتتحمل دولة السعودية المسؤولية عنه. لكن لم تنظر المحكمة في أي وقت من الأوقات في مسؤوليات الدولة”.
وقالت: “إن قتل خاشقجي كان يتطلب إجراء تحقيق في سلسلة القيادة للتعرف على العقول المدبرة، وكذلك أولئك الذين حرضوا أو سمحوا أو غضّوا الطرف عن القتل، مثل ولي العهد (محمد بن سلمان) وهذا لم يتم التحقيق فيه”.
وأضافت: “يبدو أن القاضي قد خلص إلى أن قتل السيد خاشقجي كان عرضيا لأنه لا يبدو أن هناك نية”.
وخلصت للقول: “لكن وجود طبيب شرعي مسجل في فريق القتل الرسمي قبل 24 ساعة على الأقل من الجريمة، ومناقشة تقطيع الجثة قبل ساعتين من وقوعها بالفعل، يشيران بوضوح إلى التخطيط”.
وقالت الخارجية التركية إن الأحكام التي أعلنت عنها النيابة العامة السعودية بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي “أبعد ما تكون عن تحقيق العدالة”.
وكررت الوزارة دعوتها لسلطات آل سعود للتعاون القضائي بشأن التحقيق بمقتل الصحفي السعودي في قنصلية المملكة في إسطنبول.
من جانبه طالب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الرياض بضمان محاسبة جميع المسؤولين عن تلك الجريمة وعدم تكرارها.
وصرح وزير الخارجية البريطاني في بيان تعقيبا على إعلان النيابة السعودية إصدار أحكام على متهمين بجريمة قتل خاشقجي إن عائلة الصحفي “تستحق أن ترى العدالة تتحقق في قضية قتله الوحشي” مؤكدا موقف بلاده المبدئي الرافض لتنفيذ عقوبة الإعدام في كل الظروف.
من جهته قال المتحدث باسم منظمة هيومن رايتس ووتش – إن محاكمة قتلة خاشقجي لم يتوفر فيها أي قدر من الشفافية.
كما ذكر الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف دولوار أن العدالة لم تحترَم في الأحكام الصادرة عن القضاء السعودي، مضيفا أن هذه الأحكام قد تكون “وسيلة لإسكات الشهود على الاغتيال إلى الأبد”.
وكان متحدث باسم النيابة العامة التابعة لنظام آل سعود أعلن أمس أن أحكاما بالإعدام صدرت بحق خمسة أشخاص، كما عوقب ثلاثة آخرون بالسجن 24 عاما في قضية مقتل خاشقجي.
وأضافت النيابة العامة في مؤتمر صحفي أن سعود القحطاني (المستشار السابق لولي العهد) والقنصل في إسطنبول (محمد العتيبي) واللواء أحمد عسيري (النائب السابق لمدير الاستخبارات) لم توجه لهم أي اتهامات وتم الإفراج عنهم.
وقالت النيابة العامة إن هذه الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية بالرياض ابتدائية وليست نهائية، ويمكن استئنافها. وأضافت أن المحكمة ردت طلب عقوبات تعزيرية على ثلاثة متهمين.
وقال المتحدث باسم النيابة العامة شعلان الشعلان إن القنصل في إسطنبول أُفرج عنه بعد ورود إنابة قضائية من الجانب التركي تضمنت شهادات أتراك بوجوده معهم يوم وقوع الجريمة، وإن عسيري خضع للتحقيق وصدر حكم بإخلاء سبيله لعدم ثبوت إدانته في القضية.
وأضاف الشعلان -في المؤتمر الصحفي- أن القحطاني تم التحقيق معه ولم يوجه له أي اتهام في القضية لعدم وجود أي دليل ضده، وأن جريمة قتل خاشقجي لم تتم بنية مسبقة.
وكانت السلطات التركية اتهمت نظام آل سعود بإرسال فريق من 15 شخصا -بينهم مسؤولون أمنيون- لقتل خاشقجي في إسطنبول بعد أن تم استدراجه للقنصلية.
وطالبت أنقرة بتسليم المتهمين لمحاكمتهم في تركيا، لكن السلطات السعودية رفضت ذلك وأعلنت فتح تحقيق في القضية ومحاكمة المتورطين فيها وفقا للقانون السعودي