قالت منظمة سند لحقوق الإنسان إن السلطات السعودية تتعمد في أساليبها القمعية ضد معتقلي الرأي من خلال الانتقام من عائلاتهم وملاحقة زوجات الناشطين والمعبرين عن أصواتهم الحرة في إطار الابتزاز والتنكيل.
ويقبع في المعتقلات الحكومية العديد من زوجات معتقلي الرأي، منهن زوجة المعتقل ” محمد كدوان الألمعي” التي اعتقلت بعد أشهر قليلة من اعتقال زوجها بحملة أبها في يوليو 2021.
وكذلك من بين زوجات معتقلي الرأي ممن يواجهون الحبس التعسفي، زوجة “عبد الناصر أحمد الحويطي”، وغيرهن العديد داخل معتقلات السلطة القمعية.
وطالبت منظمة سند السلطات السعودية، بالتراجع عن جرائم القمع الوحشية وأسلوب الابتزاز والتنكيل والعقاب الجماعي الذي تمارسه بحق معتقلي الرأي وعائلاتهم، احتراما للقانون والحقوق.
يأتي ذلك فيما كشفت مصادر حقوقية عن اعتقال السلطات السعودية الأكاديمي علي التواتي القرشي من دون سند قانوني على خلفية آرائه العلنية.
وذكر حساب “معتقلي الرأي” على تويتر أنه تم اعتقال التواتي على خلفية اتهامه بمهاجمة دولة الإمارات، عبر تغريداتٍ نشرها على حسابه في تويتر.
? تأكد لنا اعتقال الدكتور #علي_التواتي_القرشي؛ على خلفية اتهامه بمهاجمة دولة الإمارات، عبر تغريداتٍ نشرها على حسابه في تويتر. pic.twitter.com/8E6ZwDR1Gn
— معتقلي الرأي (@m3takl) November 30, 2021
وقد كرس النظام السعودي نهج القمع والوحشية والإفلات من العقاب في ظل حكمه بالاستبداد والقمع واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة.
وعلى مدى سنوات، زادت السلطات السعودية من قمعها للمدافعين عن حقوق الإنسان واستهدفت بشكل ممنهج نشطاء الرأي والمعارضين.
ومن أجل إسكات المعارضين، تقوم السلطات الحكومية باستجواب واحتجاز وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل تعسفي بموجب قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية بسبب أنشطتهم السلمية وعملهم في مجال حقوق الإنسان.
وفي بلد لا يتمّ فيه التسامح مع حرية التعبير والتجمع والرأي، تُخضع الحكومة السعودية المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل منهجي للمضايقات والانتقام، سواء كانوا في المملكة أو في الخارج.
وبحلول نهاية عام 2020، كان جميع المدافعين عن حقوق الإنسان السعوديين إما محتجزين دون تهمة أو للمحاكمة أو يقضون فترات سجنهم لاعتبار النظام أنهم أعداء الدولة.
نمط القمع المنتظم والممنهج
ينتشر القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ويتبع نمطا مماثلاً. يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان للقمع من خلال عمليات التوقيف والاعتقال والسجن، وتُنتهك حقوقهم الإنسانية الأساسية في جميع مراحل العملية القضائية.
وغالباً ما يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، ويتعرضون للتعذيب أثناء الاستجواب أو الاعتقال. على سبيل المثال، تمّ احتجاز الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول بمعزل عن العالم الخارجي لمدة ثلاثة أشهر وتعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي مثل الضرب والصعق بالكهرباء.
كما تعرضت للاعتداء الجنسي والتهديد بالاغتصاب. بالإضافة إلى ذلك، احتُجز داوود المرهون وعبد الله الزاهر بمعزل عن العالم الخارجي دون السماح لهما بمقابلة محام.
تم القبض على كلاهما في عام 2012 دون مذكرة توقيف – بينما كانا قاصرين – لمشاركتهما في احتجاج. تعرضوا للتعذيب في الحجز وأُجبروا على التوقيع على اعتراف دون معرفة محتواه.
إنّ الاعترافات المنتزعة بالإكراه ممارسة شائعة في السعودية، وتعتمد المحاكم في الغالب على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب لإصدار الأحكام. وإلى جانب التعذيب وسوء المعاملة، لا يحترم النظام القضائي السعودي الحق في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة، وهما حقان أساسيان يوفرهما الإطار الدولي لحقوق الإنسان.
وإنّ الأحكام الصادرة عن المحاكم للمدافعين عن حقوق الإنسان شديدة وعنفيه (مثل عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو الجلد) وغير عادلة.
تستخدم السلطات السعودية المحكمة الجزائية المتخصصة لمحاكمة وإسكات المعارضين وتنتهك قانون مكافحة الإرهاب وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان في محاكمات غير عادلة وغير قانونية.
على سبيل المثال، تمّ القبض على المدافعين عن حقوق الإنسان رائف بدوي، ووليد أبو الخير، ومحمد القحطاني، واحتجازهم، ومحاكمتهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
في حين تم القبض على لجين الهذلول وسمر بدوي، واحتجازهم، ثم محاكمتهم بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. وتلجأ الحكومة إلى عمليات الاحتجاز والمقاضاة المنهجية والواسعة النطاق للمدافعين عن حقوق الإنسان.
في يونيو 2020، تم توجيه تهم إلى 14 من المدافعين عن حقوق المرأة المعتقلين منذ عام 2019 بموجب قانون مكافحة جرائم الإنترنت و / أو قانون مكافحة الإرهاب.
علاوة على ذلك، تمت محاكمة الأعضاء المؤسسين (عيسى الحامد، عبد الرحمن الحامد، عبد الله الحامد) للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم) بحلول عام 2016.
في 14 أبريل 2020، تمت محاكمة أحد مؤسسي الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية. وتوفي في السجن عبد الله الحامد. وقد ورد أنه توفي بسبب إهمال طبي وتأخر في عملية قلبه. بالإضافة إلى ذلك، مُنع من مناقشة ظروفه الصحية مع أسرته.
ظروف التوقيف في السجون السعودية
إنّ ظروف الاعتقال في السجون السعودية، خاصة فيما يتعلق بمعاملة المدافعين عن حقوق الإنسان، غير صحية وغير نظيفة؛ غالبًا ما تفتقر الرعاية الطبية والعلاجات، مما يعرّض حياة السجناء للخطر.
أفاد العديد من السجناء بتعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب على أيدي مسؤولي السجن. على سبيل المثال، أُخضع الناشط رائف بدوي، الذي حُكم عليه بالسجن عشر سنوات و 1000 جلدة في 2014 لاستخدامه منصة على الإنترنت للمطالبة بحرية الدين والمعتقد، للحبس الانفرادي وحُرم من العلاج الطبي والتواصل مع عائلته.
في 17 سبتمبر 2019 قام بإضراب عن الطعام اعتراضًا على سوء المعاملة وظروف الاعتقال المروعة ومصادرة كتبه. أنهى إضرابه عن الطعام في 21 سبتمبر 2019 بعد زيارة لهيئة حقوق الإنسان السعودية.
لم يكن رائف بدوي الوحيد الذي أضرب عن الطعام احتجاجًا على ظروف السجن. في 6 مارس 2021، بدأ المدافعون عن حقوق الإنسان محمد القحطاني، وفوزان الحربي، وعيسى النخيفي، إلى جانب 27 سجينًا آخرين، إضرابًا عن الطعام اعتراضًا على الظروف المهينة وسوء المعاملة التي تعرضوا لها في سجن الحائر.
على وجه التحديد، احتجوا على عدم توفير الكتب، وحرمانهم من الاتصال بأسرهم، واحتجازهم مع مرضى عقليًا زُعم أنهم هددوهم بالقتل.
حُكم على القحطاني والحربي على التوالي في مارس 2013 وفي نوفمبر 2014 بالسجن لمدة 10 سنوات، تلاها حظر سفر لمدة 10 سنوات عند إطلاق سراحهما.
وكان النخيفي قد حُكم عليه في فبراير 2018 بالسجن ستة أعوام ومُنع من السفر لمدة ست سنوات أيضًا. تقول وزارة الخارجية الأمريكية بأن احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان في نفس الزنزانات مع الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية هو شكل من أشكال العقاب. لقد أنهوا أخيرًا إضرابهم عن الطعام في 13 مارس 2021 عندما وعدت السلطات السعودية بأنهم سيلبون مطالبهم.