قال معهد Brookings للدراسات إنه “مع استمرار انخفاض العمالة الأجنبية ووصول البطالة بين السعوديين إلى مستويات قياسية تبلغ 11.3٪، قد يواجه أرباب العمل المزيد من الصعوبات في العثور على العمالة المؤهلة لتحقيق الإنتاج”.
وذكر المعهد في دراسة له أنه في العديد من البلدان المرتفعة الدخل، تسبب الوباء في تحولات زلزالية في أسواق العمل. ما بدأ كزيادة نقص العمال في عدد قليل من الصناعات أصبح “استقالة كبيرة”، وهو رقم قياسي من العمال الذين لا يعودون إلى وظائفهم بعد الإغلاق.
وفي الآونة الأخيرة، أصبح من الواضح أكثر أن هؤلاء العمال لا يغادرون سوق العمل بالضرورة تماما. بل إنهم يعيدون تقييم مساراتهم المهنية، أو يغيرون القطاعات، أو يبحثون عن وظائف تحمل المزيد من المسؤوليات، أو يبدأون أعمالا تجارية، أو يعملون بحرية.
وهذا يؤدي إلى نقص العمال مع تحرك العمال في سوق العمل بحثا عن فرص أفضل. وما تلاحظه هذه البلدان المرتفعة الدخل ليس الاستقالة الكبرى بقدر ما هو “التعديل الوزاري العظيم”.
ويشهد سوق العمل في السعودية الدولة الغنية بالبترول احد أسرع التحولات إذ ينضم المواطنون السعوديون – ولا سيما السعوديات – إلى سوق العمل بمعدلات غير مسبوقة، وهو اتجاه من المرجح أن يكون قد اندلع بسبب الإصلاحات الأخيرة التي تستهدف توظيف النساء.
لكن في المقابل يترك العمال الأجانب – الذين يشكلون أكثر من 70 في المائة من القوى العاملة في القطاع الخاص – العمل بأعداد كبيرة، مما أدى إلى انكماش حاد وسريع في إجمالي العمالة. وقد اختفى ما يقرب من مليون وظيفة منذ بداية الوباء.
وقد تضاعف تقريبا عدد الوظائف في السعودية في الربعين الأخيرين من عام 2021 مقارنة بالعام السابق.
فيما ارتفع عدد المواطنين السعوديين الذين استقالوا من وظائفهم في الربع الثالث من عام 2021 بنسبة 95 في المائة عن العام السابق.
وزادت الاستقالات في الربع الثالث من عام 2021، لتصل إلى 3 في المائة من إجمالي العمالة في القطاع الخاص.
إذ استقال ما يقرب من 270,000 عامل – معظمهم سعوديون – من وظائفهم في الربع الثالث من عام 2021 مقارنة ب 134,000 في الربع الثالث من عام 2020 و152,000 في الربع الثالث من عام 2019.
وعلى الجانب الآخر، فإن توظيف عمال جدد آخذ في الارتفاع بسرعة بعد الركود المرتبط بالوباء في العام الماضي.
ويبلغ معدل التوظيف المتماوج – الذي يعرف بأنه مجموع التعيينات والاستقالات الجديدة كحصة من جميع الوظائف – في القطاع الخاص السعودي 6.7 في المائة من العمالة.
وهناك دائما تموج في سوق العمل، ولكن زيادة التخبط عادة ما تكون علامة على تعزيز أسواق العمل. يشير تشورن إلى دوران لا يرتبط بخلق فرص العمل أو تدميرها، لذلك فهو ليس مقياسا لخلق فرص العمل الصافية ولكن للسيولة في سوق العمل.
وإذا انتقل العمال المتموجون إلى وظائف وشركات وقطاعات أكثر إنتاجية، فقد يكون ذلك تعزيزا للإنتاجية وبالتالي تطورا إيجابيا. كما يمكن أن تؤدي زيادة وتيرة إعادة توزيع العمال إلى زيادة كفاءة المطابقة بين العمال والمهارات والوظائف.
وعلاوة على ذلك، فإن تنقل العمالة بين العمال الأجانب آخذ في الازدياد. وفي الربع الثالث من عام 2020، زادت عمليات نقل الوظائف بنسبة 23 في المائة مقارنة بالعام السابق، ولكن بحلول الربع الثالث من عام 2021 ارتفع معدل النمو السنوي إلى 93 في المائة. سمحت التغييرات الأخيرة في نظام الكفالة للعمال الأجانب بتغيير أصحاب العمل.
وينتعش النشاط الاقتصادي في السعودية، مدفوعا بارتفاع أسعار النفط والنمو القوي بشكل مدهش في الأنشطة غير النفطية.
ومع استمرار انخفاض العمالة الأجنبية ووصول البطالة بين السعوديين إلى مستويات قياسية (11.3 في المائة)، قد يواجه أصحاب العمل المزيد من الصعوبات في العثور على عمالة مؤهلة لإنتاج الإنتاج.
وقد تكون ظروف سوق العمل الأكثر ملاءمة أيضا هي تسهيل انتقال العمال نحو وظائف أعلى أجرا وأفضل.
وتنمو الأجور بشكل أسرع بالنسبة للسعوديين الحاصلين على شهادات جامعية من الحاصلين على التعليم الثانوي، بنسبة 6 في المائة و1 في المائة على التوالي.
وعلاوة على ذلك، تتركز الوظائف الجديدة بشكل متزايد في المهن ذات المهارات العالية. انضم ما يقرب من نصف جميع الموظفين السعوديين الجدد (51 في المائة) في الربع الثالث من عام 2021 إلى التوظيف في الفئات المهنية أو المهنية الزميلة، مقارنة بنسبة 15 في المائة فقط قبل عام.
وقد يدفع ارتفاع الأجور وتوافر فرص عمل أكثر ملاءمة العمال السعوديين إلى الاستقالة والبحث عن فرص أفضل في وظائف جديدة.
وقد زادت عمليات البحث عن مصطلح “وظائف” بالتزامن مع “العمل عن بعد” في المملكة العربية السعودية بنسبة 190 في المائة في العامين الماضيين.
وعلى أية حال، فإن سوق العمل الأكثر ديناميكية قد يمنح العمال السعوديين المزيد من الوكالات والنفوذ للمساومة على زيادة الأجور وتحسين ظروف العمل.
ويتوقف ما إذا كانت هذه الاتجاهات تترجم إلى مكاسب في الإنتاجية في نهاية المطاف على مدى تحول إعادة توزيع العمال من شركات منخفضة إلى شركات ذات إنتاجية عالية.