قالت دراسة للمركز الألماني للأمن والسياسة الدولية إن الإمارات حرضت السعودية في جميع التطورات السلبية في الإقليم بعد أن اتبعت منذ بداية ثورات الربيع العربي عام 2011 سياسة خارجية وأمنية نشطة وظهرت كقوة إقليمية.
وذكرت الدراسة الصادرة عن المركز الألماني للأمن والسياسة الدولية أن الإمارات تعتبر جماعة الإخوان المسلمين تهديدا خطيرا لاستقرار النظام في الداخل، وتقاتل التنظيم والجماعات التابعة له في أنحاء العالم العربي.
وقالت الدراسة إن الشركاء الذين تفضلهم الإمارات في السياسة الإقليمية هم الحكام المستبدون الذين يتبنون وجهة نظر ناقدة لجماعات الإسلام السياسي ويواجهون جماعة الإخوان.
وأضافت أن السياسة الجديدة التي تتبعها الإمارات في الإقليم موجهة أيضا ضد التوسع الإيراني في الشرق الأوسط، لكن هذا الأمر أقل بشكل واضح من الجزء المتعلق بمعاداة جماعات الإسلام السياسي.
وذكرت الدراسة أن الإمارات تريد السيطرة على الطرق البحرية من خليج عدن إلى البحر الأحمر، مشيرة إلى أنه منذ تدخل التحالف السعودي الإماراتي في اليمن عام 2015، أقامت أبوظبي إمبراطورية صغيرة هناك.
وأوضحت أن صعود الإمارات كقوة إقليمية وهامة مثل مشكلة أيضا بالنسبة لألمانيا وأوروبا.
وقالت الدراسة إنه منذ الربيع العربي عام 2011 اتبعت الإمارات سياسة خارجية وأمنية نشطة وتحولت إلى قوة إقليمية، مشيرة إلى أنها تدخلت مع المملكة في البحرين في مارس/ آذار 2011، عندما خشت أسرة آل خليفة الحاكمة في البحرين من أن تتطور الاحتجاجات من جانب الشيعة إلى تهديد لحكمهم.
وفي 2013 دعمت الإمارات، بالاشتراك مع السعودية أيضا، الانقلاب العسكري في مصر بقيادة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي.
وفي ربيع 2015، شنت السعودية والإمارات حربا ضد جماعة الحوثيين في اليمن، وفي 2017 فرضت الدولتان حصارا على قطر.
وأضافت الدراسة أن الإمارات تدخلت أيضا في الصراع في ليبيا إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأوضحت أنه منذ عام 2017، استفادت الإمارات من علاقاتها الجيدة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي قالت الدراسة إنها تدعم السياسة الإماراتية في الإقليم، إذ تتبنى نهجا مماثلا لها فيما يتعلق بمواجهة النفوذ الإيراني، قبل أن تبدأ الخلافات في الظهور بداية منتصف 2019، بعد أن اختارت الإمارات تبني سياسة أكثر حرصا تجاه إيران.
وقالت الدراسة الألمانية إن كل هذه الأحداث أظهرت أن الإمارات لم تعد الشريك الأصغر للسعودية كما كان الحال قبل عام 2011 وبعده بقليل.
ومنذ ذلك الوقت تزايدت التقارير بأنه في كل مشاريع السياسة الخارجية المشتركة بين الرياض وأبوظبي، مثل حرب اليمن وحصار قطر، كانت أبوظبي هي المبادرة بالدعوة لها.
وأضافت أنه أصبح واضحا بشكل متزايد أن الإمارات لم تعد تلعب دور اللاعب الثانوي في الشرق الأوسط، الذي لا يمكنه المنافسة مع اللاعبين من الوزن الثقيل مثل مصر وتركيا وإيران.
على العكس أصبح للإمارات تأثير أبعد من حدودها، وكان أبرز الأمثلة على ذلك انسحابها الجزئي من اليمن عام 2019، وهو ما يشير إلى قدرتها على تبني سياسة خارجية مستقلة مثلها مثل السعودية.
وقالت الدراسة إن هذه الملاحظات تثير التساؤل بشأن ضوابط وأولويات السياسة الخارجية للإمارات، وهل تتبع الأنشطة المختلفة لها تجاه قطر واليمن ومصر وليبيا وفيما يتعلق بالصراع مع إيران، استراتيجية معينة أم أنها مجرد ردود فعل انتهازية للأزمة التي يمر بها العالم العربي منذ 2011؟
وأوضحت أن هناك ثلاثة مبادئ تحكم السياسة الجديدة للإمارات في الشرق الأوسط، بالرغم من الكثير من العناصر التفاعلية، وهي:
أولا: تحارب الإمارات جماعات الإسلام السياسي في الإقليم، إذ أعلنت أن جماعة الإخوان المسلمين، تمثل تهديدا استراتيجيا داخليا لاستقرار الإقليم.
وأشارت إلى أن القيادة في أبوظبي مقتنعة بأن الهيكل العابر للحدود للجماعة هو أمر خطير، وإذا وصلت الجماعة إلى السلطة، كما حدث في مصر، ستحاول تحريك أتباعها في دول الخليج وخاصة الإمارات ضد حكومات تلك الدول.
ولذا تدعم القيادة الإماراتية الحكومات المتسلطة أو العسكرية في مصر وليبيا، وإلى حد أقل في السودان.
ثانيا: السياسة الإقليمية الجديدة للإمارات موجهة ضد التوسع الإيراني في الشرق الأوسط. ومنذ عام 2015، عندما بدأت الإمارات والسعودية حربا ضد الحوثيين في اليمن، الذين تربطهم علاقات فضفاضة بإيران، أصبح اليمن هو ساحة الصراع الرئيسية من وجهة نظر أبوظبي.
ولكن البعد المعادي لإيراني في السياسة الخارجية للإمارات أقل وضوحا مقارنة بذلك المتعلق بمواجهة الإسلاميين.
ثالثا: أبوظبي مهتمة للغاية بالسيطرة على الطرق البحرية من خليج عدن إلى البحر الأحمر. وفي هذا الإطار استولت الإمارات على العديد من الموانئ والجزر اليمنية منذ عام 2015 وأنشأت قواعد في عصب في إريتريا وبربرة في أرض الصومال.
وبذلك كونت الإمارات إمبراطورية بحرية صغيرة بين خليج عمان والبحر الأحمر، وتحولت إلى قوة إقليمية في المنطقة بين جنوب غرب شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي.
وقالت الدراسة إن أولويات القيادة في أبوظبي أصبحت واضحة للغاية في يوليو/ تموز 2019، عندما سحبت غالبية قواتها من اليمن تاركة معظم المواقع التي كانت تحتلها لقوات من حلفائها المحليين، مشيرة إلى أن مخاوف إماراتية من مزيد من التصعيد في النزاع مع إيران كانت وراء ذلك القرار.
وأوضحت أن الإيرانيين قاموا بتخريب واختطاف ناقلات نفط، بعضها قرب ساحل الإمارات، ما أظهر مدى ضعف الأخيرة. وأضافت أنه تبع ذلك هدوء حذر في العلاقات بين الإمارات وإيران، فيما استمر القتال ضد الإسلاميين وأنصارهم في المنطقة بلا هوادة.