هيئة دولية: سلطة السعودية على الحرمين للإدارة والتنظيم لا للتملّك أو الإقصاء

اتهمت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين السلطات السعودية بممارسة استحواذ فعلي على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وتحويل سلطة التنظيم والإدارة الممنوحة لها إلى ذريعة لممارسة الإقصاء والقمع الديني.

وشددت الهيئة في بيان لها أن يد السعودية على الحرمين هي سلطة إدارة وتنظيم لا تملّك ولا استحواذ، ولا تمنحها أي مشروعية لحرمان المسلمين من أداء شعائرهم الدينية أو فرض وصايتها السياسية على الزائرين والمعتمرين.

وأكدت الهيئة أن السلطات السعودية تواصل حرمان أعداد متزايدة من العلماء والدعاة وأصحاب الرأي من دخول أراضي الحرمين الشريفين، ليس بسبب قضايا جنائية أو أمنية، بل بسبب آرائهم السلمية ومواقفهم السياسية.

واعتبرت الهيئة أن هذا السلوك يشكل انتهاكًا صارخًا للحق الديني المكفول شرعًا ودوليًا، ويمثل أحد أخطر أشكال الصدّ عن بيت الله الحرام، الذي نهى عنه القرآن الكريم واعتبره جريمة جسيمة.

وقالت الهيئة إن التحكم السعودي في ملف الحج والعمرة بات أداة سياسية بيد النظام، تُستخدم لفرض الولاءات وتصفية الحسابات، عوضًا عن احترام قدسية المكان وتعظيم حق المسلمين في أدائه دون قيد أو شرط.

حملات تشويه ممنهجة ضد الأصوات الحرة

وفي سياق متصل، رصدت الهيئة الدولية حملات إلكترونية واسعة تقودها حسابات مقربة من السلطات السعودية و”الذباب الإلكتروني”، تستهدف كل من ينتقد سياسات المملكة أو يعبر عن رأيه بحرية.

وتُستخدم عبارات مثل “أنت غير مرحب بك في السعودية” لترويع الأصوات الحرة وثنيها عن زيارة الحرمين، حتى ولو لأداء مناسك العمرة أو الحج.

واعتبرت الهيئة أن هذه الحملات الدعائية والتحريضية لا تمثل الشعب السعودي، بل تعبّر عن سياسات سلطوية تسيء لمكانة المملكة الدينية والروحية، وتفضح كيفية استغلال الأماكن المقدسة كأدوات قمع وتكميم أفواه.

عسكرة المواسم الدينية

أعربت الهيئة عن أسفها العميق لما وصفته بـ”عسكرة موسمي الحج والعمرة” من قبل السلطات السعودية، وتحويل المشاعر المقدسة إلى ما يشبه الثكنات العسكرية، حيث تنتشر القوات الأمنية بكثافة لافتة في كل الزوايا والمرافق، على حساب الخدمات الأساسية التي يحتاجها ضيوف الرحمن، مثل الرعاية الصحية، والإسكان، والنقل، والتسهيلات التنظيمية.

ووصفت الهيئة هذا النمط بأنه تحويل للمكان المقدس من ساحة عبادة إلى أداة لإظهار السيطرة والقوة السلطوية، في مشهد لا يليق بجلال الشعائر ولا بحرمة الحرم.

استغلال سياسي ودبلوماسي للحرمين

كما نددت الهيئة باستغلال السلطات السعودية لمواسم الحج والعمرة في الترويج السياسي للنظام الحاكم وتحسين صورته في المحافل الدولية، من خلال تنظيم فعاليات جانبية واستقطاب شخصيات نافذة تحت غطاء ديني.

وقالت إن مثل هذه الأنشطة تتعارض مع مفهوم الحياد الديني والإخلاص في خدمة الحجيج والمعتمرين.

وأشارت إلى أن بعض الحجاج الذين يعبرون عن آراءهم أو ينتمون لدول “غير مرغوب بها” قد يتعرضون للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي، ما يتعارض مع كل المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي تقوم عليها الشعائر.

دعوة لإشراف إسلامي مستقل

جددت الهيئة دعوتها لوضع ملف إدارة الحرمين الشريفين تحت إشراف إسلامي مستقل ومشترك، يضمن الوصول العادل والآمن لجميع المسلمين إلى الأماكن المقدسة دون تمييز أو تسييس.

وشددت على أن الحرمين الشريفين هما ملك للمسلمين كافة، لا يحق لأي دولة أو نظام احتكار إدارتهما أو توظيفهما في أجندات سياسية خاصة.

ودعت الهيئة منظمة التعاون الإسلامي، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعلماء الأمة وهيئات الفتوى، إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات السعودية، ورفع الصوت عاليًا في وجه ما وصفته بـ”استغلال الشعائر لأغراض سلطوية وإقصائية”.

وختمت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين بيانها بالتأكيد أن حرية التعبير والموقف السياسي لا يجوز أن تكون سببًا للحرمان من زيارة بيت الله الحرام أو مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم، داعيةً لوقف الصدّ عن الأماكن المقدسة وإعادة المكان لرسالته الحقيقية كمأمن للمؤمنين، لا كساحة صراع سياسي.

وقالت الهيئة في بيانها: “إن استمرار السعودية في هذا النهج يهدد وحدة المسلمين ويحوّل الحج من فريضة عبادة إلى بوابة ابتزاز وتحكم سياسي، وهو أمر لا يليق بمكان هو قبلة مليار ونصف مسلم في العالم.”