يستخدم نظام آل سعود الإخفاء القسري كسيف مسلط على كل من يفكر أن يعارض سياساتهم أو يطالب بالإصلاح والحريات العامة في المملكة ذات السجل الأسود على صعيد حقوق الإنسان.
وتزايدت عمليات الاختفاء القسري في المملكة في العامين الأخيرين وخصوصا في عهد الملك سلمان وأبنه لي العهد محمد بن سلمان لوافدين الى المملكة ومقيمين فيها.
وتقوم الرياض بإخفاء المعتقلين لديها اختفاء قسريا وتمنع عائلاتهم من أي معلومات تخصهم او حول التهم الموجه إليهم أو معرفة مكان اعتقالهم أو زيارتهم.
واستهدفت حملات اعتقال واسعة المدافعين عن حقوق الانسان الذين يطالبون ويدافعون عن حقوق المرأة وعن اسقاط نظام الولاية وإضافة الى معتقلي الرأي الذين يطالبون بوقف انتهاكات حقوق الانسان واصلاح نظام الحكم في المملكة وتطبيق مبادئ حقوق الانسان على المواطنين.
ومن الواضح أن المملكة وصلت إلى أسوء مراحلها رغم أنها لم تكن يوما من الأيام بلدا ديمقراطيا، إلا أن الانتهاكات الحاصلة بدأت تأخذ منحى متصاعداً كبيراً.
وقد طالت الانتهاكات جميع شرائح المجتمع وصدرت احكام قاسية بالسجن على بعضهم فيما يتعرض آخرون للتعذيب الوحشي وهددت الناشطات بالاغتصاب والقتل والاختفاء القسري ايضاً.
وتستمر الرياض في حرمان الكثير من المعتقلين من حقوقهم القانونية بعضهم في حالة اختفاء قسري ما يثير القلق حول تعرضهم للتعذيب وللمعاملة القاسية والمهينة.
ورغم المطالبات الدائمة للرياض من طرف المنظمات الحقوقية الدولية، باحترام حقوق الإنسان، إلا أنها لا تزال تمارس المملكة أشنع الانتهاكات، ولعله يظهر اليوم أن عهد الملك سلمان وأبنه هو الأكثر جرماً في هذا المجال، وذلك رغم محاولات الترويج لإصلاحات اجتماعية لا هدف لها حقيقة إلا السعي لتحسين السمعة السيئة للمملكة أمام العالم، وقبله أمام مواطنيها الذين باتوا اليوم يخشون بطش أجهزة القمع في بلادهم أكثر من أي وقت مضى.
وقد عبّرت مؤخرًا “منظمة العفو الدولية” عن هذا الوضع، بأن “وجود نشطاء حقوق الإنسان اليوم في السعودية مهددون بالانتهاء إذ أنهم يختفون واحداً تلو الآخر”.
وفي ذات الإطار، طالب محاميان بريطانيان بتعليق عضوية المملكة في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة على خلفية انتهاكات حقوقية، بينها اعتقال أو اختفاء قسري لـ61 شخصًا منذ أيلول/سبتمبر 2017.
ولا تعترف المملكة بعديد المواثيق الدولية الرئيسية، منها العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما لم تصادق المملكة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وتسهل قوانين المملكة ممارسة الانتهاكات وتبريرها ومن ذلك ما أتاه قانون مكافحة الارهاب المصادق عليه من قبل الدولة والذي وسع من مجال الجريمة الارهابية والتي تشمل الاخلال بالنظام العام أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر أو تعطيل النظام الأساسي للحكم.
ولا تتوانى سلطات آل سعود كذلك في ممارسة هذه الانتهاكات، ومنها على وجه الخصوص الاخفاء القسري تجاه الاجانب وذلك لمجرد انتقادهم على مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الانتهاكات إذ تعتقلهم بصفة قسرية كلما حلوا بأي مطار في المملكة.
كما أنه لا تستثنى جرائم الاخفاء القسري في المملكة الأمراء المعارضين من داخل الأسرة المالكة، ولعل أخر ضحايا هذه الجريمة هم ثلاثة أمراء يعيشون في أوروبا تم اختطافهم خلال السنتين الماضيتين وهم سلطان بن تركي وتركي بن بندر وسعود بن سيف النصر وجميعهم احفاد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود.
وتكشف الرياض بانتهاكاتها الممنهجة لحقوق الإنسان عن الوجه الحقيقي لها كمملكة رعب تلاحق من يعبرون عن آرائهم ومواقفهم المخالفة لها, بل حتى الصامتين، حيث أن الصمت دليل على إدانة لعشرات الشخصيات خاصة رجال الدين المعتقلين مثل سلمان العودة.
وبذلك تفشل المملكة في الظهور بصورة وردية كتلك التي تسعى للترويج لها داخلياً وخارجياً عبر استغلال بعض الاجراءات التي لم يتم اتخاذها حقيقة لذاتها بل لاستغلالها للظهور بثوب المصلح.
وأعربت المنظمات الدولية والحقوقية عن قلقها إذا هذا الانتهاك بحق الانسانية وطالبت سلطات آل سعود بالإفراج الفوري عن المعتقلين وتحسين ظروف اعتقالهم وفق المعايير والقوانين والمعاهدات الدولية والكشف عن اماكن اعتقال الاشخاص الذي اخفتهم السلطات وبيان اماكن احتجازهم وتحويلهم الى المحكمة لإخضاعهم لمحاكمات عادلة وفق القانون.
وسبق أن أدان خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة حملة الاعتقالات التي نفذها بن سلمان بحق الناشطين والحقوقيون في المملكة قبل أشهر.
وأكد الخبراء أن الرياض تشهد قمعاً للمدافعين عن حقوق الانسان لممارستهم حقهم في التعبير عن رأيهم بسلمية, وكذلك حقهم في الاجتماع وتشكيل الكيانات وفي الاعتقاد وعقابا على نشاطهم الحقوقي.