الأنظمة التسلطية واختراق المعارضة.. السعودية نموذجا
من بديهيات العمل السياسي في الأنظمة التسلطية معرفة أن لهذه الأنظمة جهاز أمني مخابراتي مهمته اختراق أي حراك ونشاط يعارض هذه السلطة وتعد السعودية مثالا بارزا لذلك.
وأوردت صحيفة “صوت الناس” التابعة لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض، أن الحقيقة المذكورة يعلمها جل من له معرفة بطبيعة تفكير الأنظمة التسلطية.
وخصوصا عندما يكون هناك نشاط معارض مؤثر وفي تصاعد مستمر، تكون هذه الأجهزة في حالة استنفار مستمر.
فنجاح هذه الأجهزة مرهون بمدى قدرته على التشويش على الأصوات المعارضة وبث الخلافات بين الأطياف المعارضة في ما بينهم، لذلك فإن هذا الجهاز ومن يعملون به يكونون متقدمين دائما على الحركات المعارضة في التخطيط، والسبب حجم الإمكانيات والمصادر التي تسخر لخدمة هذا الجهاز.
في الداخل، العمل الوظيفي لهذا الجهاز يختلف عن عمله في الخارج. ففي الداخل المهمة الأساسية هي جمع المعلومات وإحكام السيطرة على اكتشاف الشبكات والأفراد الإصلاحية والحقوقية من مؤيد ومتعاطف ومنصت لم يقرر بعد موقفه.
فهذه الأجهزة لديها قوائم بكل هذه الشرائح. لأن الحكومة التسلطية جزء من عملها هو إحكام السيطرة على المجال العام بكافة الوسائل المتاحة.
في الخارج، يكون اختراق المعارضة عبر غرس جواسيس داخل مجموعات المعارضة، أو استمالة بعض المعارضين، أو حتى تهديد بعض المعارضين باعتقال أهلهم أو أقاربهم.
في المشهد الحالي، كلنا نعرف أن الدكتور سعد الفقيه والدكتور محمد المسعري، من الشخصيات التي تتبنى معارضة السلطة منذ منتصف التسعينات.
تم محاولة اختراق عمل الحركة الإسلامية للإصلاح عبر عبدالعزيز الخميس لهذه الحركة. خلال تلك الفترة كان الخميس ناقد حاد للسلطة، حتى أن الكثير من القنوات كانت تستضيف هذا الصوت الواعد.
لكن ما لبث أن انتهت مهمة الخميس، وحل آخرين مكانه لهم نفس الأداء والممارسة. لكن المستجد حالياً أن لدينا شبكات تواصل اجتماعية، نستطيع من خلالها أن نرصد فعل هذه الشخصيات المشبوهة. فجل خطابها هو نقد لكل من صوت ناقد للممارسات السلطة.
وهذه الشخصيات لا تعمل وحدها بل لديها فريق دعم ومساندة. الدور المهم لهذه الشخصيات أن تثير الخلاف وشق الصف المعارض وأن تشوش على المراقب العام، حتى يصل المتابع لمرحلة يردد فيها كثير من سرديات الشخصيات المشبوهة [المخابرات] دون تثبت.
يأتي ذلك تحت إيقاع تأثير التشويش الذي تقوم بهذه بعض الشخصيات التي سوف تنكشف مع الوقت، وهي لكثير من الإصلاحيين والمعارضين مشبوهة منذ البداية.
لكن الورع الأخلاقي لدى هذه الشخصيات يجعلها تتجاوز كل إسفاف وتحريض يتم توجيهه لهم. وكل معارض يعمل لأجل الحد من طغيان النظام التسلطي وإيقاف القمع يعلم أن هناك محاولات مستمرة مستميته في الاختراق باسم التعاون، ثم في التشويش والتحريض باسم العمالة والانتفاع الذاتي والمادي.
الاختلاف حق مشروع بين كل أبناء الوطن المعارضين للقمع، وهذا الاختلاف هو إثراء وتنوع طبيعي في العمل السياسي وإضافة لمزيد من المبادرات المتنوعة والمختلفة التي بسبب هذا الاختلاف تتحقق العديد من الإسهامات المتنوعة.
لكن التخوين والتلفيق المستمر يجعل الجميع ينظر له أنه عمل وظيفي وأداء لمهمة واضحة. وما أشبه الأمس باليوم، فمن الخميس إلى غيره من الجواسيس المكشوفين نقول إن العدالة سوف تأخذ مجراها.
وإن التغيير الإصلاحي سوف يحدث في المستقبل وسوف تبقى أفعال من يقاوم الاستبداد باقيه ومن يعمل مع السلطة كموظف استخباراتي مصيره الذاكرة السيئة وسوء المصير والمنقلب.
أخيراً، أي نظام تسلطي سوف يسعى بكل ما لديه من برامج وخطط إلى إفشال أي عمل ونشاط إصلاحي ومعارض وناقد للاستبداد، سوف يوجه له كافة الوسائل المتاحة والمتنوعة من التخوين والترهيب والقمع والملاحقة والتشويش لأجل خنق هذه الأصوات التي هي تسعى لكشف الاستبداد ونصرة المظلومين والانتصار للعدالة.