“رجل المهام الصعبة” .. هل فقد بن سلمان ثقة الأمير تركي؟
أثار قرار الديوان الملكي إقالة قائد القوات المشتركة في اليمن الأمير فهد بن تركي بن عبد العزيز، وإحالته للتحقيق بتهمة الفساد، صدمة واسعة في العائلة المالكة والشارع السعودي.
وبحسب قرار الديوان الملكي، أعفت الأوامر أيضا نجل قائد القوات المشتركة الأمير عبدالعزيز بن فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود، نائب أمير منطقة الجوف من منصبه، وأحالته للتحقيق.
وأحالت أيضا الأوامر الملكية “يوسف بن راكان بن هندي العتيبي”، و”محمد بن عبدالكريم بن محمد الحسن”، و”فيصل بن عبدالرحمن بن محمد العجلان”، و”محمد بن علي بن محمد الخليفه” وضباط آخرين للتحقيق.
ورجح مصدر سعودي لـ”ويكليكس السعودية” أن اتساع نفوذ الأمير فهد بن تركي وتأثيره على رجال القوات السعودية المسلحة، وتمتين علاقاته الودية مع قبائل يمنية واسعة، دفع ولى العهد محمد بن سلمان للخوف من “القائد العسكري”.
وذكر المصدر أن بن سلمان أحس بنفوذ الأمير فهد في القوات المسلحة ودوره أيضا المؤثر على القبائل اليمنية التي تدعمها السعودية في قتالها ضد الحوثيين.
وقلل من مزاعم القرار الملكي بأن إحالة الأمير ونجله وضباط آخرين للتحقيق والاعتقال بتهمة الفساد، مؤكدا أن الأمير فهد طيلة السنوات الماضية عرف بنزاهته وإدارته الناجحة لجميع مناصبه.
وأكد أن القرار الأساسي الذى دفع ولى العهد لاعتقال القائد والضباط الآخرين هو خشيته من “ثورة مضادة في العائلة المالكة أو حدوث انقلاب عسكري داخل ضد منصبه كونه يترقب وفاة والده المريض لتولى منصب كرسي الملك”.
ورأي المحامي الدولي وخبير القانون الدكتور محمود رفعت، إن الاعتقالات الأخيرة التي نفذها ابن سلمان ضد عدد من أمراء الأسرة الحاكمة وذكر منهم الأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز تمت بإيعاز من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.
وقال “رفعت” في تغريدة له بتويتر “اعتقال #محمد_بن_سلمان للأمير #فهدبن_تركي_بن_عبدالعزيز قائد قوات التحالف على #اليمن وابنه تم بإيعاز من #الإمارات التي أصابها السعار لمقدرات اليمن وتبدل جلدها”.
اعتقال #محمد_بن_سلمان للأمير #تركي_بن_عبدالعزيز قائد قوات التحالف على #اليمن وابنه تم بإيعاز من #الإمارات التي أصابها السعار لمقدرات اليمن وتبدل جلدها وهذه مجرد بداية لمجزرة جديدة سيرتكبها محمد بن سلمان بالأسرة الحاكمة حيث ستشهد الايام القادمة اعتقال وتصفية كثير من أمراء #آل_سعود
— Mahmoud Refaat (@DrMahmoudRefaat) September 1, 2020
والأمير فهد بن تركي أحد أهم القيادات العسكرية السعودية، ولُقِّبَ بــ “رجل المهام الصعبة”، وكان واحداً من أهم رجالات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ووُلد فهد بن تركي بن عبد العزيز في أغسطس/آب 1959، وهو نجل الأمير تركي بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران الأسبق، كما أنّه الحفيد الـ 21 للملك المؤسس.
حصل قائد القوات المشتركة السابق على درجة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية من الجامعة الأمريكية الدولية.
وبدأ مسيرته العسكرية مبكراً، فالتحق بالسلك العسكري في 14 مايو/أيار 1983، ومنح بعدها بسنة تقريباً شهادة دبلوم من مدرسة المشاة للجيش الأمريكي في قاعدة فورت بينينج بجورجيا في 24 أبريل/نيسان 1984.
وبعدها بعدّة أشهر وتحديداً في 13 سبتمبر/أيلول 1984، نال الأمير فهد شهادة دبلوم أخرى من مدرسة المشاة الأمريكية نفسها في جورجيا، ولكن هذه المرة كانت دبلوماً في الدورة التأسيسية لضباط المشاة.
ثم بدأ التدرج في المناصب والقيادات عندما بدأ بمنصب ضابط وحدة متابعة ثم قائد فصيل، ثم مساعد قائد سرية، ومن ثم قائد سرية.
تابع تدرجّه فوصل إلى ضابط عمليات ثم ضابط معلم، تبعها بقائد جناح ثم قائد قوّة، قائد كتيبة، ركن عمليات، مساعد قائد، قائد وحدات، نائب القوات البرية.
وفي 15 فبراير/شباط 2013 أصدر العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز أمراً بتعيينه قائداً لوحدات المظليين والقوات الخاصة برتبة لواء ركن، قبل أن يسند إليه الملك سلمان مهمة قيادة قوات التحالف المشترك في اليمن.
وفي 22 يوليو/تموز 2017 صدر مرسوم ملكي بترفيع فهد بن تركي من رتبة لواء ركن إلى فريق ركن، وتعيينه قائداً للقوات البرية في المملكة، وبقي في هذا المنصب حتى فبراير/شباط 2018.
وأطلق عليه لقب “رجل المهام الصعبة” بسبب خبراته القتالية الواسعة والمتنوعة التي درب عليها القوات الخاصة البرية فترة توليه قيادتها.
وكان موقعا روسيا، رجح حدوث ثورة قريبة داخل الأسرة الحاكمة في المملكة، إزاء تصاعد جرائم وانتهاكات ولى العهد محمد بن سلمان ضد أفراد الأسرة وثرواتهم ومؤسسات الدولة.
وقال موقع “نيوز ري” الروسي، في تقريره، قبل أيام، إن هناك تشكيلات سياسية تتكون داخل الأسرة الحاكمة نتيجة سياسات ولى العهد بين أبناء عمومته، بعد أن فشلت الحملات التي شنها لتطهير المعارضين في المملكة لتحييدهم عن معارضة نظام حكمه.
وأكد “نيوز ري” أن حملات التطهير التي استهدفت المعارضين السعوديين داخل المملكة وخارجها لم تؤد إلى تحييد مشاعر رفض نظام الحكم الحالي في صفوف عائلة آل سعود، وهو أمر من المرجح أن محمد بن سلمان نفسه يشعر به.
وربط الموقع اندلاع شرارة ثورة داخل العائلة بنتائج الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل، سيما أن الرئيس دونالد ترامب هو “محام دفاع عن جرائم بن سلمان”.
وأضاف أن مواقع مقربة من مصادر سعودية تحدثت عن مشاعر العداء التي تشبه أجواء الحرب، يكنها أفراد من عائلة آل سعود لولي العهد محمد بن سلمان؛ إذ إن أبناء عمومته لا يزالون يرفضون الاعتراف بشرعيته كولي للعهد.
ورأي أن الانقلاب الناعم في 2017 على ابن العم ولي العهد السابق محمد بن نايف يعود وراء تقوية هذه الحملة المعارضة داخل العائلة الحاكم ضد ابن الملك سلمان.
وتطرق إلى حملة الاعتقالات داخل العائلة المالكة وأبرزهم ولى العهد السابق محمد بن نايف مع مجموعة من كبار الشخصيات على غرار الأمير أحمد شقيق الملك سلمان، الذي عاد مؤخرا من منفاه.
ونقل الموقع عن موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن هذه الاعتقالات على علاقة بمخططات نقل الحكم، التي كان مزمعا تنفيذها هذا العام بين الملك المسن وولي عهده الشاب.
ويرى مراقبون للشأن السعودي أن قوى المعارضة داخل فروع عائلة آل سعود لا تزال موجودة، ولكن المعلومات بشأنها تبقى مجرد تخمينات. وفي الوقت الحالي فقط حملة الضغط ضد ولي العهد محمد بن سلمان في خارج السعودية، هي التي تشهد نجاحا.
ويقود الحملة في الخارج، ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري، وهو معروف بأنه كان المسؤول عن ملف مكافحة الإرهاب.
ورفع الجبري هذا الشهر دعوى قضائية ضد ولى العهد أمام محكمة أمريكية، يتهمه فيها بمحاول اغتيال في كندا والولايات المتحدة واستدراجه إلى تركيا أيضا.
وبحسب الموقع الروسي، فإن محمد بن سلمان يتفهم حقيقة أن هنالك حركة معارضة قوية لسياساته وبوادر ثورة ضده، على الأقل في خارج المملكة. ولهذا؛ فإن بعض وسائل الإعلام أشارت مؤخرا إلى أنه ألغى لقاء تاريخيا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في واشنطن، كان مبرمجا خلال الأسبوع الماضي.
وتساءل الموقع حول ما إذا كانت حملة المعارضة القوية لسياسات محمد بن سلمان يمكن أن تسفر عن نتائج، مرجحا أن هذا الأمر سيرتبط بشكل كبير بنتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة، إذ إن الأمور قد تتغير كثيرا في حال خسارة ترامب الذي يوصف بأنه محامي محمد بن سلمان، وخروجه من حلبة السياسة الأمريكية.