كشفت مقررة الأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أغنيس كالامار، النقاب عن تعرضها للتهديد من قبل نظام آل سعود عقب تحقيقاتها بجريمة قتل وتقطيع الصحفي جمال خاشقجي داخل سفارة بلاده بمدينة إسطنبول 2018م.
وقالت كالامار، في برنامج تلفزيوني مع فرانس عربي 21، تابعه “ويكليكس السعودية”، قبل أيام، “نعم لقدت تلقيت تهديدات بالقتل في إطار عملي على قضية جمال خاشقجي وقضايا أخرى بما في ذلك ما أقوم به بخصوص مئات القتلى في جزر الفلبين”.
و”فرقة النمر” تتبع لولي العهد محمد بن سلمان، مسؤولة عن ملاحقة المعارضين لنظام آل سعود في الخارج، وهي التي نفذت جريمة قتل خاشقجي.
وعبرت عن انزعاجها من مضايقة بعض الحكومات والأشخاص الذين يمتلكون السلطة وغير معتادين أن يتم مساءلتهم، وتابعت: “أنا لا اهتز لذلك ولن أقلل من أثر هذه التهديدات مقارنة لما حدث لأشخاص أخرين منهم السعوديين”.
ورغم محاولة آل سعود إغلاق قضية خاشقجي، شددت على أن هناك طرقا أخرى لإبقاء اسمه يتردد في ضمير العالم.
وتابعت: الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص الأمين العام للأمم المتحدة ووكالات أخرى أممية منها مجلس الأمن لم تكن قادرة على أن تتخذ القرار الذي كان يفرض نفسه “ألا وهو إجراء تحقيق جنائي دولي ولكن كما قلت في بداية حديثي نحن لا يمكن لنا أن نسمح لأنفسنا أن نصبح رهائن لهذه العملية السياسية والمسيسة وتسيس العدالة”.
وأكدت المقررة الأممية أن واجبنا يحتم علينا أن نجد طرق أخرى لتحقيق العدالة هذا لا يعني أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيقدم لمحاكمة.
ورأت أنه لا بد من أممية خاصة للتحقيق الجنائي بخصوص جرائم القتل المستهدفة ضد الصحفيين.
وتطرقت كالامار إلى قضية المسؤول الأمني السابق سعد الجبري الذي يتهم ولي العهد السعودي بمحاولة اغتياله، معتبرة ذلك مسألة مهمة لأنها توضح ضلوع النظام السعودي في الاعتداءات على المنشقين أو معارضين.
وفي السياق، اعتبرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أن دقائق ما قبل اغتيال جمال خاشقجي هي “الأكثر ألماً بالنسبة إليها”.
وقالت إن: “السعودية كذبت على الدوام ولأيام طويلة” فيما يتعلق بالقضية.
جاء ذلك في حوار أجرته قناة NTV التركية مع كالامارد في الذكرى الثانية لاغتيال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وهو ما أثار الرأي العام العالمي.
وقالت كالامارد التي أجرت تحقيقاً في الجريمة: “الجميع يتحدثون عن اللحظات الأخيرة في حياة خاشقجي، وهي لحظات درامية ومحزنة، لكن أكثر ما أثر بي هي الدقائق الأخيرة التي سبقت قتله”.
وتابعت: “هذه الدقائق شهدت محادثات بين خاشقجي والمسؤولين السعوديين (داخل القنصلية)، إذ كان خاشقجي هادئاً ولطيفاً أمام جلاديه، ويحاول التفاهم معهم بعد أن أيقن الخطر على حياته، ولكن جلاديه كان هدفهم واضحاً منذ البداية، وهو قتله، وهذه اللحظة هي الأكثر ألماً بالنسبة إليَّ في التسجيلات التي استمعت إليها”.
وشددت كالامارد على أن “الجريمة وقعت في مبنى رسمي (القنصلية السعودية)، والقادمين (من خارج تركيا لاغتيال خاشقجي) باستثناء طبيب واحد هم من جهات أمنية سعودية، واستخدموا مصادر الدولة السعودية في الوصول إلى تركيا”.
وأردفت: “عاد 17 من مرتكبي الجريمة إلى السعودية، ولم يُسمح على مدار 10 أيام للسلطات التركية بدخول المبنى (القنصلية)، وهي فترة مُحيت فيها آثار الجريمة، وكل ذلك يُظهر مسؤولية الدولة السعودية”.
وأفادت بأن “التسجيلات تظهر قبل يومين من الجريمة أن المسوؤلين في القنصلية اتصلوا بالمسؤولين في الرياض، وسألوا إن كان خاشقجي هو الرجل المطلوب، ما يؤكد أن عملية قتله خُطط لها قبل يومين من ارتكاب الجريمة”.
وخففت محكمة سعودية، في 7 سبتمبر/أيلول الماضي، حكماً بإعدام 5 متهمين بقتل خاشقجي إلى السجن 20 عاماً، كما خففت حكماً بسجن ثلاثة آخرين 24 عاماً إلى السجن بين 7 و10 سنوات.
وهو ما أثار انتقادات حقوقية دولية وصفت هذه المحاكمة السعودية بأنها “نقيض للعدالة”، و”عدالة مثيرة للسخرية”.
وانتقدت كالامارد الأجهزة الفاعلة في الأمم المتحدة لـ”عدم قدرتها على إظهار الشجاعة في إطلاق تحقيق بجريمة خاشقجي، إذ إن البعد الآخر للجريمة هو استهداف جميع الصحفيين في العالم”.
وأوضحت أنه توجد “خطوات خارج الأمم المتحدة في هذا المسار، منها بدء المسار القضائي في تركيا، وهي نقطة إيجابية”.
وقررت محكمة تركية، في يوليو/تموز الماضي، عقد ثاني جلسات محاكمة المتهمين باغتيال خاشقجي، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بعد الموافقة على لائحة تتهم فيها خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، 20 سعودياً بالتعذيب الوحشي والتحريض والقتل .
واستطردت: “والكونغرس الأمريكي أقدم على خطوات، فرئيس الاستخبارات طالب بإصدار تقرير يحمّل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولية الجريمة، وطالب بحظر تصدير السلاح للسعودية، ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نقض ذلك، ويجب على الكونغرس أن يكون أكثر إصراراً بعد الانتخابات (الرئاسية) المقبلة (3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)”.
وتوقعت أنه إذا فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن، “فسيكون صعباً بالنسبة إليه رفض هذه المراحل الديمقراطية، ونقول دائماً إن البيت الأبيض عليه أن لا يكون عائقاً”.
مصير الجثة
ورداً على سؤال حول مصير جثة خاشقجي، قالت كالامارد إن “التحقيقات مع العاملين في منزل القنصل السعودي بشأن الجثة تظهر روايتين، إما أنها داخل بئر أو حُرقت، ولكن الشهادات تقول إن البئر جرى تنظيفه وإصلاحه، ما يقوي فرضية الحرق، ولكن من غير المعروف أين بقايا الجثة”.
وأردفت: “السعودية كذبت على الدوام ولأيام طويلة وقالت إن خاشقجي مفقود، ولكن ظهر في النهاية قتله، وواصلوا الكذب بإخفاء المعلومات عن 17 شخصاً هم منفذو الجريمة، وهو خرق للقوانين الدولية، والمحاكمة أيضاً كانت سرية، ومُنع الرأي العام من متابعتها، فهذه الدولة تكذب”.
وزادت بقولها: “التقرير الذي كتبته أظهر بوضوح مسؤولية الدولة، والتزمت السعودية الصمت ولم تنفِ مسؤوليتها، وهو ما يظهر كذبها”.
وأبدت اعتراضها على المحاكمة السعودية، “لأنها كانت سرية، ولم يحضر بعض المتهمين، على الأقل مستشار ولي العهد سعود القحطاني لم يحضر المحاكمات، لا كمتهم ولا حتى كشاهد”.
وشددت على أن ما حدث هي “جريمة وتعذيب وقتل وإخفاء، وهي تخل بالقوانين الدولية، واتفاقيات الأمم المتحدة، وهذه المحاكمة في السعودية لا تعني شيئاً”.