نقل جميع الأمراء والضباط المعتقلين في السعودية لمقر احتجاز جديد
كشف دبلوماسي أمريكي النقاب عن تطورات جديدة في ملف الأمراء والضباط المعتقلين منذ سنوات وشهور عديدة داخل سجون المملكة السرية، بأوامر من ولى العهد محمد بن سلمان.
وأفاد دبلوماسي أمريكي بأن الأميرين محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز ونحو 30 أميراً وضابطاً آخرين معتقلون جميعهم في فندق قرب مطار الرياض.
وذكر الدبلوماسي الأمريكي أن جهاز أمن الدولة نقل جميع المعتقلين السابقين إلى المكان الجديد مطلع شهر أغسطس الجاري.
وشهدت المملكة عدة موجات من الاعتقال خلال السنوات الأخيرة، كان آخرها في مارس/ آذار المنصرم عندما تم اعتقال حوالي عشرة من أفراد الأسرة البارزين وتضمنت مصادرة مبالغ كبيرة من أموال الأمراء.
ودفعت أزمة النفط وفيروس كورونا، ولى العهد محمد بن سلمان للبحث عن أموال وأصول قديمة تعود لأمراء غير موالين له حتى بات “فتح الملفات القديمة” كإحدى الوسائل لجمع المال من داخل المملكة.
وكشفت مصادر دولية متطابقة أن بن سلمان ركز جهاز الاستخبارات للبحث في لندن ونيويورك في أصول شركات عائلة سلف الملك سلمان بن عبد العزيز أي شقيقه الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وحتى الآن ركزت التحقيقات الأمنية على أصول الصناديق الاستئمانية لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا، والتي فازت بمعظم أصول مجموعة سعودي أوجيه ومجموعة بن لادن السعودية قبل أن يتم نقلها لشركة مودرن للمقاولات المعمارية الجديدة في عهد الملك سلمان.
أبناء الملك عبد الله – عبد العزيز وآخرون – الذين يعيشون في المنفى ويتلقون بين العواصم الأوربية، يخضعون لتدقيق خاص، وتمتلك شركة k2 intelligence عقدا للبحث عن أصول الملك عبد الله ولكن هذا جزء من تحقيقات شاملة.
وجماعة الملك عبد الله ليست الهدف الوحيد، فعلى الرغم من أن أحفاد سلطان عبد العزيز (وزير الدفاع السعودي من عام 1962 – 2011م” لم يتم المساس بها عندما شن ولى العهد محمد بن سلمان حملة الاعتقالات الواسعة عام 2017م، إلا أن بعض محامي سلطان لم يحالفهم الحظ، وقد تم سجن رجل الأعمال المستشار عبد الله الشهري، الذى كان مستشارا لوزير الدفاع ولا يزال رهن الاعتقال.
وطلب محققو ولى العهد، من الشهري، تقديم إفادات حول أموال وأملاك الخاضعة تحت الرقابة التي يقال إن الأمير سلطان استخدمها لإبعاد ثروات عائلته، والتي يقودها الأمير خالد نجل سلطان، وقد أصبحت هذه المجموعة ضعيفة وليست قوية كما السابق.
وأغلق بن سلمان، لمجموعة الأمير سلطان، عام 2018، شركة الدفاع الكبرى المملوكة لعائلته، والتي تحمل اسم مجموعة الراحة للخدمات الفنية ونهب منه الكثير من الأموال.
ولا يزال ولى العهد يلاحق سعد الجبري المقيم في كندا والذي عملا مستشارا لولى العهد السابق الأمير محمد بن نايف ويخضع للاعتقال حاليا داخل المملكة.
وساعد الجبري الأمير محمد بن نايف وعائلته على الاستثمار في قطاع الأمن وخدماته وإنفاق أموال هائلة.
ومنذ تفشي فيروس كورونا المستجد داخل المملكة، أصدر ولى العهد محمد بن سلمان أوامر اعتقال بحق 10 أمراء من آل سعود على الأقل وسط انشغال عالمي في الجائحة.
وأفراد العائلة المالكة التي تضم حوالي 15000 عضو في جميع أنحاء العالم، لم يصبحوا في مأمن من قبضة بن سلمان الذي يكرس القمع والاضطهاد لكل من يخالفه ويكرس سياسية نهب أموال بكل الطرق.
ومع ذلك، كان اعتقال الأمير سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر 37 عامًا ووالده في عام 2018 هو الذي لفت الانتباه الدولي ثم أثار حملة كبيرة للإفراج عنهما.
ولا تعرف أسباب اعتقال الأمير الذي كان يميل إلى القيام بأعمال خيرية وتبرع ببعض ثروته لقضايا اجتماعية في البلدان المتخلفة.
كما لا يُعرف عنه امتلاكه لمصالح أو طموحات سياسية، لكنه التقى على ما يبدو ديمقراطي كاليفورنيا آدم شيف خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
وشيف، الذي يرأس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأمريكي، هو من أشد المنتقدين لدونالد ترامب، الذي يعرفه محمد بن سلمان عن كثب.
ووقعت مجموعة سونوران بوليسي جروب (SPG)، وهي شركة ضغط تجارية، عقدًا بقيمة 2 مليون دولار (1.8 مليون يورو) مع زميل الأمير سلمان بن عبد العزيز المقيم في باريس للدفاع عن إطلاق سراحه.
وتحظى هذه الخطوة بدعم حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
كما أفادت وكالة فرانس برس في فبراير/ شباط أن وفداً من البرلمان الأوروبي زار المملكة آنذاك ودعا السلطات إلى الإفراج عن الأمير وغيرهم من أفراد العائلة المالكة المحتجزين.
وتمر المملكة حاليًا بأزمة اقتصادية وسياسية صعبة، تفاقمت بسبب انخفاض أسعار النفط ووباء كورونا. كما تعرضت المملكة لانتقادات شديدة بسبب تدخلها في اليمن واغتيال الصحفي جمال خاشقجي، بأوامر من ولي العهد.
والاعتقالات التي تمت منذ مارس شملت الأمير أحمد، شقيق الملك الحاكم، ومحمد بن نايف (إم بي إن) الذي أطيح به ولياً للعهد في عام 2017 واتُهموا بالخيانة.
وفي مارس / آذار، أثارت عمليتا اعتقال أخريان الدهشة. والمعتقلون هم أبناء وزير الداخلية السابق سعد الجابري مستشار نايف. لم يُرَ أي من الأطفال منذ اعتقالهم، ويُعتقد على نطاق واسع أنه يتم استخدامهم كوسيلة ضغط لإجبار الجابري على العودة إلى المملكة من كندا ، حيث يعيش في المنفى منذ عام 2017.
ولم يُسمع عن الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود ، نجل الملك الراحل عبد الله، منذ اعتقاله في أواخر مارس/ آذار. كان فيصل قد اعتقل خلال موجة الاعتقالات عام 2017 ولكن أُطلق سراحه بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، مُنع من مغادرة البلاد.
وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش فقد انتقد النظام السياسي في المملكة، وإن لم يكن في الأماكن العامة ، واحتجزته قوات الأمن في مجمع عائلته شمال الرياض في 27 مارس / آذار.
ويقول مايكل بيج، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “على الرغم من موجات الانتقاد، فإن السلوك غير القانوني للسلطات السعودية أثناء حكم محمد بن سلمان بحكم الأمر الواقع مستمر بلا هوادة”.
وأضاف بيج: “علينا الآن إضافة الأمير فيصل إلى مئات المحتجزين في المملكة العربية السعودية بدون أساس قانوني واضح”.
وقال علي أدوبيسي مدير المنظمة السعودية الأوروبية لحقوق الإنسان (ESOHR) ومقرها برلين أن ولى العهد سيضطر الآن إلى تعزيز سلطته ضد المرشحين لمنصب الملك.
ونفذ بن سلمان أكبر حملة اعتقالات طالت أكثر من 381 شخصية من كبار العائلة المالكة والشخصيات الاقتصادية الشهيرة في المملكة، وأوقف المتهمون في فندق ريتز كارلتون بالعاصمة السعودية الرياض، الذي تم إخلاء جميع النزلاء منه وإيقاف خدمات الحجز وقطع جميع خطوط الاتصال الهاتفي به.
وأعلنت المملكة أن المبالغ التي تمت مصادرتها من الأمراء ورجال الأعمال المحتجزين في فندق ريتز كارلتون آنذاك، تجاوزها حاجز الـ400 مليار ريال، تم نقلها من البنوك إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي للسعودية)، إلا أنها لم تظهر لاحقا في ميزانيات الأعوام اللاحقة، وهو ما يثير شكوكا حول مصيرها.
وأضاف أدوبيسي “يعرف محمد بن سلمان أنه لم يعد يثق به أي شخص تقريبًا. إنه يعرف أنه يجب أن يعيش في خوف دائم من منافسيه”.