في تقريره السنوي الأخير عن الأعمال الانتقامية المُرتكبة المقدّم في 17 سبتمبر 2024، لفت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الانتباه إلى المدافعين السعوديّين عن حقوق الإنسان لجين الهذلول ومحمد القحطاني، الذين لا يزالون يتعرّضون للأعمال الانتقامية بسبب تعاونهم مع آليّات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
ويكرّر التقرير للمرّة السابعة قضيّة محمد القحطاني، وهو أحد مؤسّسي جمعية الحقوق المدنيّة والسياسيّة في السعوديّة (حسم)، المُحتجز تعسّفًا منذ عام 2013.
وقد حُكم على القحطاني بالسجن لمدّة عشر سنوات بتهم تتعلّق بنشاطه السلمي وتعاونه مع الأمم المتّحدة. كما ومنذ انتهاء مدّة محكوميّته في أواخر عام 2022، فقدت عائلته كل اتصال معه، ولا يزال مكانه مجهولًا بالنسبة إليهم.
وبالمثل، لا تزال لجين الهذلول، وهي ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة، تخضع لحظر سفر غير قانوني بعد الإفراج عنها من السجن في عام 2021، وهي قضيّة أثارها خبراء الأمم المتّحدة في وقت سابق من هذا العام.
وقد تم سجن الهذلول وتعذيبها بسبب دفاعها عن حقوق المرأة وتعاونها مع الهيئات الدوليّة، من بينها اللجنة المعنيّة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات (سيداو).
وعليه، تسلّط الأعمال الانتقاميّة المستمرّة ضدّ هذين الناشطين البارزين الضوء على استهداف السعوديّة المنهجي للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يسعون إلى التعاون مع آليّات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وهذه الأعمال الانتقاميّة تشكّل جزءًا من حملة قمع أوسع ضدّ النشاط السلمي والمعارضة.
كما ويشير التقرير، خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير، إلى رفض السعوديّة لتوصية تقضي بوقف مثل هذه الأعمال الانتقاميّة، مما يبيّن تجاهلها الصريح والواضح للالتزامات الدوليّة لحقوق الإنسان.
وبالتالي، يدعو أنطونيو جوتيريس أولئك الذين يظهرون في التقرير، من بينهم السعوديّة، إلى “الامتناع عن ارتكاب أي أعمال تخويف وانتقام ومنعها وضمان المساءلة عنها فيما يتعلّق بالتعاون مع الأمم المتّحدة وتبادل الممارسات الجيّدة والبناء عليها بشأن كيفيّة منع الأعمال الانتقاميّة ومعالجتها فيما يتعلّق بالتعاون مع الأمم المتّحدة.
ويدعو كذلك المجتمع الدولي إلى ضمان اتخاذ إجراءات متضافرة لحماية ودعم وضمان المشاركة الهادفة والآمنة للأفراد والجماعات، بما في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان وبناة السلام، مع الأمم المتّحدة وممثّليها وآليّاتها في مجال حقوق الإنسان”.
وبحسب منظمة القسط لحقوق الإنسان فإنه على الرغم من سجلّها في مجال حقوق الإنسان، تواصل السعوديّة محاولة تبييض صورتها في الساحة العالميّة. كما وقد تم تعيين المملكة لرئاسة الدورة التاسعة والستين للجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتّحدة في عام 2025، وهي مرشّحة لعضويّة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة، وهي مناصب تتناقض بشكل صارخ مع قمعها الداخلي للمجتمع المدني.
وبينما تسعى السعوديّة للحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة، يجب على الدول الأعضاء التأكّد من أنّ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تمر دون رادع، وأنّ الدول التي تشارك في مثل هذه الممارسات لا تُكافأ بأدوار بارزة داخل الأمم المتّحدة.
لذلك، حثت منظمة القسط السلطات السعوديّة على اتخاذ إجراءات فوريّة، بما في ذلك الامتناع عن ارتكاب أعمال انتقاميّة بحقّ المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين الذين يتعاملون مع الآليّات الدوليّة.
وأكدت المنظمة الحقوقية على مطلب الإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد القحطاني والكشف عن مكانه الحالي، وضرورة رفع حظر السفر غير القانوني عن لجين الهذلول وعائلتها، ووضع حدّ لجميع أشكال المضايقات والقيود المفروضة على حريّتها.