تتفاقم الأزمة الاقتصادية في المملكة بعد الهجوم الأخير غير المسبوق من جماعة أنصار الله اليمنية (الحوثيون) على شركة أرامكو ما أدى إلى توقعات بتزايد العجز والديون.
وقالت تقديرات اقتصادية إن الوضع المالي للمملكة أصبح حرجاً للغاية في ظل توقعات قوية بتزايد العجز المالي وارتفاع معدلات الاستدانة خلال الأشهر المقبلة، لتدبير احتياجاتها التمويلية.
يأتي ذلك بعد فقدان المملكة نحو نصف إنتاجها النفطي، إثر الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين رئيسيتين شرق المملكة يوم السبت الماضي.
وبحسب التقديرات فإنه من المرجح أن تتكبد السعودية خسائر كبيرة من جراء تضرر صادراتها، على الرغم من التطمينات التي صدرت عن مسؤولين حكوميين حول اللجوء إلى المخزون النفطي لتعويض توقف إمدادات الخام التي تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل يومياً.
والهجوم الأخير هو الأكبر من نوعه والأكثر فداحة بالنسبة للمملكة. وأضحى قطاع الطاقة خلال الأشهر الأخيرة في مرمى هجمات الحوثيين، حيث يقود آل سعود بالتحالف مع الإمارات حرباً ضدهم منذ عام 2015.
وتعرضت المملكة، خلال الأشهر الخمسة الأخيرة، إلى نحو 4 هجمات مؤثرة على منشآتها النفطية، حيث أدت الهجمات الأولى إلى خسائر غير معلنة من الجانب السعودي، ولكنها كشفت فيما بعد عندما أظهرت البيانات الرسمية لمنظمة أوبك تراجع إنتاج المملكة خلال يونيو/حزيران الماضي.
وقال مختصون اقتصاديون إن الهجمات الأخيرة على المنشآت النفطية في المملكة ستؤثر بشكل سلبي على إيرادات المملكة، ومن المتوقع أن ترتبك ميزانية المملكة ويزداد حجم العجز المالي.
وبحسب بيانات وزارة المالية لنظام آل سعود بلغ عجز الميزانية خلال النصف الأول من العام الحالي 5.7 مليارات ريال (1.5 مليار دولار) مقابل 41.7 مليارات ريال (11.11 مليار دولار) في الفترة المناظرة من 2018.
كما وصل الدين العام إلى 627.8 مليار ريال (167.4 مليار دولار)، بنهاية النصف الأول من 2019، مقابل 559.9 مليار ريال (149.2 مليار دولار) في نهاية 2018.
والضربة الأخيرة جاءت موجعة للمملكة، حيث خسرت نحو نصف إنتاجها، وهذه الخسائر ستؤدي حتما إلى تراجع التصدير وعوائده، بالإضافة إلى توجه بعض المشترين الآسيويين للنفط السعودي إلى بدائل أخرى للحصول على النفط، وهو ما يمثل مأزقا كبيراً، فعندما يعود الإنتاج كما كان، سيكون المشترون قد وجدوا بديلاً يمدهم بالنفط بعيداً عن أي صراعات في المنطقة.
وقبل استهداف المنشأتين النفطيتين في السعودية بيومين، قالت وكالة الطاقة الدولية، الخميس الماضي، إن الولايات المتحدة تفوقت على السعودية كأكبر مصدر للنفط في العالم، لفترة وجيزة في يونيو/حزيران الماضي.
كما أن المملكة قد تخسر حصة مؤثرة في سوق النفط العالمي نتيجة الوضع الحالي، خاصة أن عدم قدرة المملكة على حماية منشآتها النفطية سيعرّضها إلى خسارة سيطرتها على سوق النفط العالمي، وبالتالي دخول لاعبين جدد إلى السوق، في مقدمتهم أميركا وروسيا وإيران التي تسعى إلى وجود مخرج من الحصار الاقتصادي وتصدير نفطها.
وتوقف الإنتاج في حقول أرامكو لمدة 7 أيام فقط، يعني تسجيل خسائر تتجاوز ملياري دولار، وذلك بحسب الأسعار قبل الهجمات، وهو ما يعني أن الخسائر المادية للمملكة ستكون كبيرة في حال توقف الإنتاج لفترة طويلة.
وقال مصدران مطلعان على عمليات أرامكو السعودية، لوكالة رويترز العالمية إن عودة الشركة بالكامل إلى إنتاج النفط بكميات طبيعية “ربما تستغرق أشهراً”.
وأكد أحد المصدرين: “ما زال (الوضع) سيئا”. بينما كان مصدر في قطاع النفط قد قال، يوم الأحد الماضي، إن صادرات المملكة من الخام ستستمر كالمعتاد هذا الأسبوع، مع استعانة المملكة بالمخزونات المودعة في منشآت التخزين الكبيرة لديها، لكنه قد يتعين على أرامكو خفض الصادرات في وقت لاحق إذا استمر التوقف في الإنتاج لفترة طويلة.
وبحسب بيانات منظمة أوبك، فإن السعودية تقدم نحو ثلث إنتاج دول المنظمة النفطي يومياً، حيث يقدر إنتاجها بنحو 10 ملايين برميل، فيما يبلغ إنتاج دول أوبك مجتمعة نحو 31 مليون برميل يومياً.