كشفت مصادر مطلعة أن لجنة الإفلاس في المملكة تسلمت نحو 381 طلب تصفية وتسوية وإعادة تنظيم من شركات ومؤسسات وأفراد، خلال أربعة أشهر ونصف في ظل تفاقم أزمة اقتصاد المملكة.
ونقلت صحيفة الاقتصادية المحلية (خاصة) عن المصادر المذكورة قولها: إن الطلبات السابقة جرى تسليمها في الفترة ما بين شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، حتى منتصف شهر مايو/ أيار الجاري.
وذكرت الصحيفة أن هذه الطلبات ترتب عليها فتح الجهات المعنية عدة إجراءات منها ثمانية إجراءات تسوية وقائية، وكذلك 40 إجراء لإعادة التنظيم المالي، و279 إجراء للتصفية الإدارية، و51 إجراء للتصفية، وثلاثة إجراءات تصفية لصغار المدينين.
وتتزامن الفترة التي جرى فيها تقديم الطلبات من قبل الشركات والمؤسسات والأفراد للجنة الإفلاس، مع بدء ظهور فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 والذي كان له تداعيات اقتصادية سلبية على كافة الأصعدة.
وحذرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الدولية، في تقرير نشرته كارين إليوت هاوس، من خطوة تدنى أسعار النفط على المملكة، وقالت إن لعبة أسعار النفط خطيرة للسعوديين.
ودفعت الأزمة الاقتصادية للملكة وزارة المالية في المملكة إلى الإعلان عن تجميد عدد من المشاريع الكبرى الخاصة بالتنمية، علاوة عن قرار إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران المقبل ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020، عدا عن السماح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
وبالأرقام، استنزف البنك المركزي السعودي في مارس/آذار الماضي صافي أصوله الأجنبية بمعدل لم يحدث منذ عام 2000.
ففي هذا الشهر وحده، انخفض احتياطي المملكة من العملات الأجنبية بما يفوق 100 مليار ريال سعودي (27 مليار دولار)، أي ما يعادل 5% مقارنة بشهر فبراير/شباط.
وخالفت الأسهم السعودية الاتجاه الصعودي لمعظم بورصات الخليج خلال جلسة تداول، مؤخرا، بعدما كشفت مصادر عن أن شركة (أرامكو) السعودية على وشك إتمام قرض بقيمة عشرة مليارات دولار.
كما أعلنت شركة (أرامكو) أن أرباحها في الربع الأول انخفضت بنسبة 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، إن أحلام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في عام 2020، قضي عليها بفعل الانفجار المفاجئ لفيروس كورونا.
ويتداول نشطاء سعوديون في المملكة مقطع فيديو من مقابلة مع ولي العهد محمد بن سلمان أجريت عام 2016 إبان إطلاق “رؤية 2030″ يقول فيها إنه بحلول عام 2020 ستكون السعودية قادرة على العيش بدون نفط.
ورغم الأزمة المالية الحادة، يذهب ولى العهد محمد بن سلمان بـ”مليارات المملكة” ليقدمها على “طبق من ذهب” للإدارة الأميركية.
وأفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأن شركة بوينغ الأميركية ستزود المملكة بأكثر من ألف صاروخ بواقع 650 صاروخا من طراز (SLAM ER) – صواريخ جوية، و402 من طراز (Harpoon) المضادة للسفن.
وبحسب البيان الصادر عن (البنتاغون) فإن نظام آل سعود وقع عقدا مع الشركة بـ1.971 مليار دولار لتطوير ونقل 650 صاروخا (SLAM ER) إلى المملكة، ومن المتوقع أن تتم الصفقة حتى ديسمبر عام 2028.
ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد ولي العهد الحاكم الفعلي للمملكة.
وقالت المجلة الفرنسية في تقريرها، إن سكان المملكة وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أمام إجراءات تقشفية صادمة ستؤدي إلى انخفاض الدخل وتراجع معدلات التوظيف، وتدهور الظروف المعيشية، خاصة بعد مضاعفة ضريبة القيمة المضافة ثلاث مرات، في دولة لم يكن مفهوم الضريبة فيها معروفا منذ وقت ليس ببعيد.
ويتوقع مراقبون أن يؤدي ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض مستوى الدخل أن يهدد العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب، ويعرقل مسيرة التطوير التي يتبناها ولي العهد ويضع المملكة في مفترق طرق صعب بعد ثلاثية أولى من السنة وصل فيها عجز الميزانية إلى تسعة مليارات دولار.
وأكدت المجلة الفرنسية أن إجراءات التقشف السعودية التي تهدف إلى توفير 30 مليار دولار ستسمح فقط بالسيطرة على جزء من عجز الموازنة، والذي يفترض أن يصل إلى مستوى قياسي هذا العام قدره 112 مليار دولار هذا العام.
ووصفت “كابيتال” إجراءات التقشف القاسية بـ”المثيرة للدهشة”، خاصة وأنها تتزامن من إنفاق غير مبرر لسلطات آل سعود في صفقة استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة قدرها في كارنيفال كورب المشغلة للسفن السياحية (التي تعاني من تداعيات فيروس كورونا) 775 مليون دولار، بالإضافة إلى تقديم عرض بقيمة 372 مليون دولار لشراء نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي.
وقالت الباحثة في معهد “أميركان إنتربرايز”، كارين يونغ، إن إجراءات التقشف الجديدة هي أحدث إشارة للعموم بأن “الأوقات تغيرت”، مستطردة: “يبدو المستقبل مختلفا. ستكون الأمور مختلفة بالنسبة للشباب السعودي”.
وفي وقت لاحق، توقع خبراء ألمانيون، انهيار، “رؤية 2030” الذى يسعى ولى العهد تطبيقها في المملكة؛ لرسم صورة جديدة لبلاده، واستندوا في ذلك إلى عدة أسباب.
ومن هذه الأسباب، بحسب المراقبين الألمان، فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.
وقال الخبراء الألمان: بعد أربع سنوات على إعلان “بن سلمان” رؤيته وجد الأمير الشاب نفسه أمام “أضغاث أحلام، فقد انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، فبدلا من بناء اقتصاد رقمي كما كان مخططا، وجد نفسه أمام خلل تاريخي في الميزانية العامة”، وذلك في إشارة إلى الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط في سياق انتشار جائحة “كورونا”.