تكشف معطيات الازمة غير المسبوقة التي يعانيها اقتصاد المملكة حدة الإخفاقات الهائلة التي ارتكبها ولي العهد محمد بن سلمان وتحول خططه للإصلاح والاستثمار إلى مجرب سراب.
وتوقع “ستاندرد تشارترد” انكماش الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 4.5% في 2020، نتيجة خفض إنتاج النفط، في تدهور كبير قياساً بتوقعات سابقة بنمو نسبته 5%.
وعلى وقع الضغوط الناتجة من كورونا، أعلنت “مؤسسة النقد العربي السعودي” (البنك المركزي) في تغريدة أنها وجهت البنوك في المملكة بتأجيل سداد أقساط كل المنتجات التمويلية المقدمة للموظفين السعوديين لمدة 3 أشهر.
وأضافت المؤسسة أن الإجراء جزء من حزمة اقتصادية حكومية لمساعدة الشركات والعاملين في التغلب على تداعيات تفشي كوفيد-19.
وتبرز الشواهد أن المملكة قد تصبح دولة مدينة، وهي فرضية كانت مستبعدة في الماضي، لكنها باتت الآن احتمالا واردا. ففي ظل هبوط سعر خام برنت إلى أقل من عشرين دولارًا -يقول الكاتب- فإن بن سلمان في طريقه لاكتشاف ماذا يعني استغناء العالم عن نفط المملكة.
ويمثل قطاع النفط والغاز نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، و70% من عائدات التصدير، وقد اختفى كل ذلك نتيجة انهيار الأسعار، وفقا للكاتب.
وشهد اقتصاد المملكة تراجعا منذ بعض الوقت، فعندما تولى الملك سلمان العرش وصعد معه نجله محمد في 23 يناير/كانون الثاني 2015 بلغ إجمالي الاحتياطات الأجنبية 732 مليار دولار، وبحلول ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي، تقلص ذلك الرقم إلى 499 مليار دولار، وهو ما يعني خسارة قدرها 233 مليار دولار في أربع سنوات، وفقًا لمؤسسة النقد العربي السعودي.
كما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 25 ألفا و243 دولارًا عام 2012 إلى 23 ألفا و338 دولارًا عام 2018، وفقًا للبنك الدولي.
وقدر صندوق النقد الدولي أن صافي دين المملكة سيصل إلى 19% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، و27% العام المقبل، وقد يصل إلى 50% بحلول عام 2022 في ظل جائحة كورونا وأزمة أسعار النفط.
والإغلاق الذي تسبب فيه تفشي فيروس كورونا المستجد، وأدى إلى تعليق الحج ومواسم العمرة، التي تجذب نحو عشرة ملايين حاج ومعتمر سنويا؛ قد أفقد ميزانية المملكة ثمانية مليارات دولار أخرى.
ومع الخسائر الناجمة عن انهيار أسعار البترول، وإلغاء الحج والعمرة، وإغلاق الاقتصاد؛ فإن هناك مؤشرات أخرى تشير إلى عمق الأزمة، ومن أهمها الاستثمارات السيئة.
إذ تراجعت قيمة صناديق الثروة السيادية يعد أحد المؤشرات الدالة على الاستثمارات السيئة. واحتل صندوق الثروة السيادية الرئيسي للمملكة -صندوق الاستثمار العام- المرتبة 11 عالميا، بعد هيئة أبو ظبي للاستثمار وهيئة الاستثمار الكويتية وهيئة الاستثمار القطرية، حيث بلغت قيمة صندوق الثروة السيادية للإمارات 1.213 تريليون دولار، ثم الكويت بمبلغ 522 مليار دولار، وقطر بمبلغ 328 مليار دولار، والسعودية بمبلغ 320 مليار دولار.
وتشير تقديرات قدمها صندوق النقد الدولي قبل تفشي وباء كورونا إلى أن خطط زيادة صندوق الاستثمار العام السعودي ليصل إلى تريليون دولار لن تكون كافية لتوفير الدخل اللازم، إذا أرادت السعودية تنويع مصادر اقتصادها بدل الاعتماد على النفط.
كما تبرز شواهد على تراجع قيمة مشاريع استثمارية مهمة في المملكة، مثل مشروع نيوم والاستثمار في شركة أوبر وغيرهما.
كما أن الركيزتين الأساسيتين لخطة الإصلاح التي تبناها محمد بن سلمان تتداعيان، حيث فشلت خطته الرامية لجلب استثمارات أجنبية من خلال بيع 5% من أسهم شركة أرامكو في بورصات الأوراق المالية الأجنبية، كما يشهد صندوق الاستثمار العام -الأداة الرئيسية لتنويع اقتصاد المملكة بعيدًا عن النفط- حالة من الفوضى.
ويجمع مراقبون على أن بن سلمان في عصر ما بعد النفط لن يكون قادرا على إنفاق مليار دولار من دون أن يطرف له جفن كما كان من قبل.