تستمر سلطات آل سعود بقمعها ضد كل من يعارض سياسات المملكة او من يعترض عن نشاطات هيئة الترفيه وأخر ذلك اعتقال مواطنة على خلفية انتقاد انحلال فعاليات الترفيه.
وألقت سلطات آل سعود في منطقة القصيم، أمس الثلاثاء، القبض على مواطنة متهمة إياها بنشر مقطع فيديو “احتوى ألفاظًا وعبارات تتضمن الإساءة والتشهير بالغير”.
وظهر في فيديو مجموعة من الفتيات متجمعات في عدة فعاليات ترفيهية شهدتها مدن المملكة في الفترة الماضية، بينما يسمع صوت امرأة تخاطب رئيس هيئة الترفيه “تركي آل الشيخ”، وتنتقد فعاليات الترفيه التي تنظمها الهيئة.
وتقول المرأة إنها ليست ضد الترفيه الذي يدعم اقتصاد المملكة، لكنها تعارض الفعاليات المقامة مثل استقدام المغنين الإباحيين ونصب التماثيل.
وتشهد المملكة منذ تولي “محمد بن سلمان” ولاية العهد، تغيرات اجتماعية اعتبرها البعض صادمة للمجتمع المعروف بتحفظه ومحاولة من نظام آل سعود إلى سلخ المجتمع السعودي عن هويته.
ومع صعود ولي العهد إلى السلطة بدأت المملكة في طريقها لكسر التقاليد، مثل السماح للمرأة السعودية بدخول الملاعب وقيادة السيارة والدراجة النارية، فضلا عن ظهور الرقص والاختلاط والمشاهد الغريبة على المجتمع السعودي.
وأرجع ناشطون ظهور هذه المشاهد بالمملكة بصورة مفاجئة وانتشارها الواسع إلى غياب الرقابة وتقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مقابل توسيع صلاحيات وأنشطة هيئة الترفيه.
وشكلت سلسلة خطوات فرضها محمد بن سلمان انقلابا صريحا على قيم المملكة وطابعها المحافظ وهو ما قوبل ولا يزال بانتقادات واسعة من المواطنين يتم مواجهتها بقمع والاعتقالات التعسفية.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة عمل نظام آل سعود على إغراق المملكة بخطوات مشبوهة للترفيه منذ تأسيس هيئة خاصة بذلك في 2016، تقابل بانتقادات حادة بسبب دورها في تغيير الطابع الديني والتقليدي للمملكة.
ويدفع بن سلمان بانقلاب على موروث المملكة الديني والاخلاقي عبر الانفتاح على الترفيه واستضافة فرق أجنبية بمبالغ مالية فلكية لتقديم صورة تغطي على انتهاكات النظام داخليا وخارجيا.
فضلا عن ذلك فإن آل سعود يحاولون تحقيق جملة أهداف بممارساتها المشبوهة أهمها إلهاء المواطنين السعوديين عن نظامهم القمعي وجرائمه وجمع المال من عائدات مالية كبيرة لحفلات وفعاليات بينها إباحي في أرض الحرمين.
وفي أكتوبر الماضي شن نظام آل سعود حملات اعتقال تعسفية واسعة النطاق على مدار الأيام الأخيرة على خلفية انتقاد أنشطة هيئة الترفيه الحكومية وما تنشره من إفساد في المملكة وانقلاب على قيمها المحافظة.
وأظهر ذلك حدة التناقض بين ترويج آل سعود بأن هيئة الترفيه تستهدف استعادة ما يقال إنها الحالة الطبيعية للمجتمع السعودي قبل عصر الصحوة الإسلامية، في وقت أن أطيافا مختلفة من ذلك المجتمع تقبع في غياهب السجن؛ مما يشكل مفارقة في المملكة في عهد محمد بن سلمان.
أرادت سلطات آل سعود أن تعيش حداثة وتقدم ما حُرم منه الشعب عقودا، فقد قال بن سلمان في مؤتمر مبادرة المستقبل في أكتوبر/تشرين الأول 2017 إن “المجتمع السعودي لم يكن بهذا الشكل قبل 1979 (قيام الثورة الإيرانية وبداية انتشار الصحوة الإسلامية في السعودية)، نحن فقط نعود إلى ما كنا عليه، إلى الإسلام المنفتح على جميع الأديان والتقاليد والشعوب”.
وأضاف “نريد أن نعيش حياة طبيعية”، مهددا بالقضاء على ما أسماها “بقايا التطرف”، وهو يشير إلى الرموز الدينية والصحوية التي يمكن أن تنتقد توجهاته الاجتماعية، ومنها الترفيه.
غير أن تلك التصريحات صاحبتها حملة اعتقالات واسعة لمشايخ وعلماء دين مؤثرين في المجتمع، أو أكاديميين وناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، استباقا لظهور أي نقد للترفيه أو سياسات الأمير محمد بن سلمان.