تسود حالة من القلق أوساط مسؤولي مخابرات بريطانيين وأميركيين، من حملة الاستهداف التي تقوم بها سلطات آل سعود ضد مسؤول المخابرات السعودي السابق سعد الجبري المقيم في كندا حاليا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية – التي نقلت عن المسؤولين- إن هذا القلق والاستغراب يعود لسجل رجل المخابرات الجبري ودوره المحوري في إنشاء برنامج مكافحة الإرهاب في المملكة.
وذكر مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية بالوكالة سابقا مايكل موريل، أن الجبري أنقذ خلال عمله حياة العديد من السعوديين والأميركيين. وهو الموقف نفسه الذي أكده أيضا مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية السابق جورج تينيت.
ووصف موريل استهداف سلطات آل سعود للجبري واعتقالها ابنه وابنته في المملكة بغير المقبول.
وبيّن أن خالد نجل الجبري -وهو طبيب قلب يعيش مع والده في تورونتو- قال للصحافة إن أخاه عمر (21 عاما)، وأخته سارة (20 عاما) اعتُقلا وسُجنا في منتصف مارس/آذار الماضي من قبل سلطات آل سعود، كوسيلة ضغط لإجبار والدهما على العودة إلى المملكة من المنفى في كندا.
وأضافت الصحيفة – في مقال للكاتب ديفيد إغناشيوس- أن القطيعة بين ولي العهد محمد بن سلمان وسعد الجبري جاءت بعد حضور الأخير -بأوامر من ولي العهد السابق محمد بن نايف- لقاء مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية حينها جون برينان، ولقاء آخر في لندن مع وزير الخارجية البريطاني حينها فيليب هاموند.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخلاف بين بن سلمان والجبري يرجع أيضا إلى تحذير الأخير بشدة من حرب اليمن.
ونقلت الصحيفة عن مصادر سعودية وبريطانية أن ولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد حذر محمد بن سلمان -خلال زيارته أبو ظبي عام 2015- من أن الجبري قد تكون له روابط مع جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما نفاه مسؤولو المخابرات الأميركيون والبريطانيون السابقون.
وفنّد خالد الجبري هذا الادعاء، وأفاد بأن والده مسلم متدين، متسائلا: “كيف يمكن أن يكون الشخص المستهدف من قبل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عضوا في جماعة الإخوان المسلمين في الوقت نفسه؟ إنه ادعاء مناف للعقل”، حسب تعبيره.
وأشار كاتب المقال إلى أن عائلة الجبري تعيش في خوف دائم؛ فهي تخشى من أن يؤدي الحديث عن محنتها إلى نتائج عكسية. ويتساءل: “ما الذي يمكن فعله حين يكون أبناؤك رهائن وتكون الولايات المتحدة -حليفك القديم- غير قادرة على مساعدتك؟”
وكشف مغرد سعودي شهير، قبل أيام، تفاصيل جديدة عن ملاحقة ولي العهد السعودي، للمسؤول الاستخباراتي السابق، مستشار ولي العهد المعتقل محمد بن نايف.
وقال حساب “العهد الجديد” والمعروف بكشفه لخبايا وتفاصيل الحكم في المملكة: إن خشية بن سلمان من بقاء سعد الجبري في المهجر يأتي بسبب علاقته الوثيقة مع الدولة العميقة الأمريكية التي قد تعود للتعامل مع الأمير محمد بن نايف في حال سقوط ترامب.
وأوضح “العهد الجديد” أن بن سلمان يخشى أن يتم التنسيق في ذلك من خلال الجبري، متابعا: “لذلك يضغط بن سلمان عليه ليعيده إلى البلد من خلال عائلته، وهناك مصادر تتحدث عن إيقاف أحد إخوانه كذلك”.
خشية ابن سلمان من بقاء سعد الجبري في المهجر بسبب علاقته الوثيقة مع الدولة العميقة الأمريكية، (التي قد تعود للتعامل مع ابن نايف في حال سقوط ترامب وأن يكون التنسيق من خلال الجبري)، لذلك يضغط ابن سلمان عليه ليعيده إلى البلد من خلال عائلته، (هناك مصادر تتحدث عن إيقاف أحد إخوانه كذلك)
— العهد الجديد (@Ahdjadid) May 25, 2020
ورغم أن الجبري لم يكن منتقدا علنيا لولى العهد محمد بن سلمان، لكن مشكلته “أنه كان حليفا قويا لمنافسه الأكبر الأمير محمد بن نايف”.
وشغل سعد الجبري منصب وزير دولة، وكان أحد كبار الضباط في الداخلية السعودية، وهو خبير في الذكاء الاصطناعي ولاعب أدوار رئيسة في معركة المملكة ضد تنظيم القاعدة وتنسيقها الأمني مع الولايات المتحدة.
لكن مهمته في الداخلية انتهت كضحية للصراع بين أميرين قويين حول من سيحكم المملكة، فقد فوجئ أواخر عام 2015 بإعلان التلفزيون السعودي خبر إقالته من وظيفته.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، جاء طرده بعد لقائه مدير المخابرات الأميركية السابق جون برينان في سبتمبر/أيلول 2015 في واشنطن، من دون معرفة محمد بن سلمان.
لذا وبعد عودته صدر مرسوم ملكي بعزله، وقد استطاع بعد ذلك بطريقة ما السفر إلى الولايات المتحدة، وكان فيها عندما أعلنت إقالة محمد بن نايف من ولاية العهد.
إلا أنه لم يشعر بالأمان في أميركا تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، خوفا من تسليمه إلى محمد بن سلمان، لذا ترك الولايات المتحدة عام 2017 إلى كندا، وهذا ما جعل بعضا من الخبراء يشيرون إلى أن “شبح الجبري” ربما كان في خلفية الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين السعودية وكندا في أغسطس/آب 2018.
وفي أوائل آذار/مارس 2020، اعتقلت سلطات آل سعود ثلاثة أمراء كبار منهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، إلى جانب ولي العهد السابق ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وبعد ذلك وُضِع تحت الإقامة الجبرية الطويلة.
وإلى جانب هؤلاء، تعتقل السلطات الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود، نجل الملك الراحل عبد الله، والرئيس السابق لـ “هيئة الهلال الأحمر” السعودي، إضافة إلى الأميرة بسمة بنت سعود آل سعود المعتقلة في سجن (الحائر).
وتسود حالة من الغموض مصير ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، داخل معتقله السرى في المملكة، عقب أنباء عن إصابته بنوبة قلبية نقل على إثرها إلى وحدة العناية المركزة.