سلط موقع “ميدل إيست آي” البريطاني الضوء على استثمارات ولي العهد محمد بن سلمان السيئة في المحفظة المالية رؤية (فيزن) التي أطلقها “سوفت بنك” الياباني .
وتساءل الصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بول كوكرين، في تقرير نشره الموقع عن استثمار السعودية السيئة، وإن كان استثمارا في الصحراء والسراب؟.
وقال كوكرين إنه بعد سيطرة الأمير محمد بن سلمان على الصندوق السيادي السعودي أو هيئة الاستثمار العامة في عام 2015 وتفويضه عام 2017 بالاستثمار في داخل المملكة وخارجها بمشاريع تساعد على تنويع الاقتصاد السعودي وتقليل اعتماده على النفط، فقد كان الاستثمار الأول في محفظة “سوفت بانك” ومقره طوكيو التي أعلن عنها بمبلغ 100 مليار دولار.
ويعرف البنك باستثماره في التكنولوجيا الحديثة، من الذكاء الصناعي إلى الروبوتات.
وساهمت هيئة الاستثمارات السعودية ومبادلة الإماراتية بثلثي الميزانية المطلوبة لمحفظة رؤية.
وكان الاستثمار مع المجموعة اليابانية خيارا مناسبا لرؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد عام 2016 حيث تعهد البنك بمساعدة جهود التنويع السعودية من خلال المشاركة بالتكنولوجيا والطاقة المتجددة ودعم مدينة المستقبل على البحر الأحمر التي ستقام باسم “نيوم” والتي رصد لها 500 مليار دولار.
وأشار كوكرين إلى أنه عندما بدأ التدقيق في علاقة “سوفت بانك” ومحمد بن سلمان عام 2018 بعد جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، لمواجهة التغطية السلبية، بدأت الصحافة تتحدث عن “سوفت بانك” بأنه واحد من أكبر المؤسسات التي تسبب اختلالا في الشركات الناشئة.
ونوه إلى أنه في ذاك الوقت تم التغلب على التغطية الإعلامية السلبية حتى بدأت الصحافة تتحدث عن “سوفت بانك” بأنه واحد من أكبر المؤسسات التي تسبب اختلالا في الشركات الناشئة، وذلك مع الإعلان عن إنشاء محفظة مالية ثانية.
وكانت المملكة حريصة على المساهمة فيها إلا أنها تراجعت بعدما كشف عن خسائر ومشاكل تعاني منها المحفظة الأولى حسب روري فيف، المدير الإداري لـ “مينا أدفايزرز” وهي شركة بحث واستشارة في لندن.
وفي نهاية عام 2019 بدأت المشاكل المالية تظهر في الشركة الأميركية التي توفر مساحات العمل “وي وورك” والتي استثمر فيها “سوفت بانك” مبلغ 18.5 مليار دولار بالإضافة لشركات أخرى.
وانتهى العام بخسارة “سوفت بانك” 13 مليار دولار. وتواصلت المشاكل في عام 2020 وفي داخل استثماراته المتعددة بسبب تداعيات كوفيد-19 الناجم عن فيروس كورونا، فقد تراجعت أسهم شركات استثمر فيها مثل “أوبر”، التي وضع فيها 9.3 مليارات دولار إلى جانب عدد من الشركات الأخرى مما أدى لخسارة المحفظة المالية “رؤية” 18 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
ومن بين 88 شركة استثمرت بها “رؤية” التابعة لـ”سوفت بانك” توقع البنك نجاح 15 شركة وإفلاس 15 شركة أخرى.
وقال الصحفي المتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هيو مايلز: “هذه المراهنة (من السعودية) كانت كارثية، أولا “وي وورك” والآن الأخبار السيئة، وهو مثل حادث تحطم سيارة. وخسروا مبلغا ماليا ضخما”.
كما قال رشيد زيمبا، الزميل البارز في المركز للأمن الأمريكي الجديد: “تعتبر السعودية مستثمرا بارزا ولكن هناك العديد من الأسئلة والتفاصيل المخفية”.
وفي الوقت الذي لا تبدو فيه النظرة بشأن “سوفت بانك” وردية وإلغاء المحفظة الثانية المخطط لها إلا أن المشاكل التي تعاني منها كما يقول هيو مايلز، قد تكون معزولة بالنسبة لهيئة الاستثمارات العامة، وربما استطاعت التغلب على الخسائر من خلال استثماراتها الأخرى في مجال التعليم عبر الإنترنت.
وأضاف مايلز: “يمثل سوفت بانك صداعا كبيرا للسعودية لكن يجب عدم المبالغة في تقدير أهميته لمجمل الاقتصاد”.
ولم تكن السعودية المتضرر الوحيد من خسائر سوفت بانك بل كل المستثمرين. ويقول تيودور كاراسيك من مؤسسة “غالف ستيتس أنالاتيكس” في واشنطن: “كان سوفت بانك استثمارا سيئا للجميع ومن ناحية المفهوم والتنفيذ وكان استثمارا طويل الأمد (للهيئة السعودية) ولكنه ارتطم بالحائط، وامتزجت السياسة فيها كثيرا ولهذا فقد يترك مرارة في بعض الأفواه السعودية”.
وكانت المملكة تأمل الاستفادة من الشركات الناشئة والتكنولوجيا المتقدمة والاستفادة منها محليا وفي مشاريع التنويع وكذا في مدينة نيوم.
وكما أخبر محمد بن سلمان موقع “بلومبيرغ” في مقابلة عام 2017: “نريد أن يكون الروبوت الرئيسي وأن يكون نيوم، الروبوت الأول. وكل شيء سيرتبط بالذكاء الصناعي وبأمور الإنترنت، كل شيء”.
لكن مشروع “نيوم” في ظل الأزمة المالية الحالية أصبح محلا للنقاش وفيما إن تم تأجيله أو وضعه على الرف. وفي الوقت الحالي كانت هيئة الاستثمار العامة قادرة على تجاوز كارثة “سوفت بانك” واستثمرت في شركات معروفة مثل فيسبوك وديزني وعدد من شركات النفط العالمية.
ويقول كراسيك: “تعتبر أرقام سوفت بانك كارثة لو نظر إليها بسياقها لكن استثمارات الهيئة أثناء كوفيد-19 في عدد من الصناعات ستثمر في المستقبل وهناك قروض وأموال يمكن من خلالها الاستثمار حول العالم”.
إلا أن الأثر الكبير على هيئة الاستثمارات هي (أرامكو) التي تراجعت أسهمها بسبب انهيار أسعار النفط مما سيؤجل أي خطط لخصخصة أجزاء منها.
كما أثر انخفاض أسعار النفط على خطط أرامكو لشراء 70% من أسهم شركة البتروكيماويات –سابك- من هيئة الاستثمارات العامة بمبلغ 69.1 مليار دولار. وبسبب الأزمة الحالية انخفضت قيمة سابك بمعدل 40% هذا العام وأصبحت قيمتها 45 مليار دولار مما يعني أن 25 مليار دولار يجب أن تدفعها أرامكو.
ويرى فيف أن “تراجع أسعار النفط ترك أثره على صفقة سابك وكيفية استخدام موارد أرامكو”.
وكانت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية كشفت أن صندوق الاستثمارات العامة التابع للمملكة – ويخضع تحت سيادة ولى العهد محمد بن سلمان – أنفق مليارات الدولارات خارج البلاد التي تشهد أزمة اقتصادية طاحنة جراء أزمتي انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أنه وبالرغم من المعاناة الاقتصادية، وفرض المملكة إجراءات تقشفية على شعبها، أنفق صندوق الاستثمارات العامة منذ بداية عام 2020 فقط 325 مليار دولار على صفقات خارجية.
وتثير تلك الأرقام الحيرة فمع تعرض السعوديين لضغوطات مستمرة للتنازل عن مزايا الرفاهية من أجل الصالح العام للمملكة، يتساءل المرء ما إذا كان أفراد المجتمع أو مجلس آل سعود، قد يبدأون في طلب تحجيم ميزانية “بن سلمان” التي لا يرى لها سقف.