احتجاز السلطات السعودية للجثامين: آلام مستمرة وتعبير عن القمع
قالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن سياسة احتجاز السلطات السعودية للجثامين يعد انتهاكا للقوانين والأعراف الدولية وشكلا من أشكال التعذيب ضد العائلات.
وأكدت المنظمة في تقرير لها أن تلك السياسة تمثل كذلك شاهدا على إصرار السعودية على المضي في سياسة التعسف والانتقام، وعدم إنهاء آلام العائلات.
وفي مطلع يناير 2016، نفذت المملكة العربية السعودية عملية إعدام جماعي، هي الأكبر منذ 36 سنة، بحق 47 شخصاً.
وعمدت الحكومة السعودية إلى خلط قضايا متعددة للتعمية على الطابع الإنتقامي فيها والتخفيف من حدة الصدمة الدولية التي خلّفتها.
ولكن تتبع أسماء عدد من الذين شملهم الإعدام الجماعي، أظهر انعدام المحاكمات العادلة، وجوانب متعددة من الانتهاكات وصولا إلى التعسف في القتل.
من بين الأفراد الذين أعدموا المطالب بالحقوق والعدالة الاجتماعية الشيخ نمر النمر، كما أن من بينهم القاصر علي الربح، وكل من مصطفى الشيوخ ومحمد آل صويمل.
في الذكرى السادسة لتنفيذ الإعدام الجماعي، تستمر السعودية في ممارسة الانتهاكات بحق الضحايا وعائلاتهم.
فإلى جانب تمكن سياسة الإفلات من العقاب من حماية المنتهكين والمعذبين والمسؤولين عن الأحكام الجائرة، لا زالت الحكومة السعودية تمنع العائلات من حقها في الدفن، ولا زالت تحتجز جثامين الضحايا.
منذ المجزرة الأولى، وحتى 2021 استخدمت السعودية عقوبة الإعدام بشكل جائر وتعسفي، مخالفة تعهداتها الدولية ووعود أصحاب القرار فيها، وبينهم ولي العهد محمد بن سلمان.
ووثقت المنظمة عددا من عمليات الإعدام والانتهاكات التي انطوت عليها.
في يوليو 2017 نفذت السعودية عملية إعدام جماعي طالت 4 شبان واجهوا تهما بينها ما يتعلق بالمشاركة في مظاهرات. وفي أبريل 2019 نفذت عملية إعدام جماعي طالت 37 شخصا، بينهم متهمون بالتظاهر وبتهم سياسية.
وفي 2021 أعدمت السعودية عددا من الشبان الذين واجهوا تهما مماثلة وبينهم القاصر مصطفى الدرويش.
وأكد توثيق المنظمة الأوروبية السعودية احتجاز جثامين ضحايا هذه الإعدامات، إلى جانب جثامين أفراد قتلتهم الحكومة السعودية خارج نطاق القضاء، فيما من المرجح أن عدد الجثامين المحتجزة أكبر بكثير.
الضحايا: في ظل انعدام الشفافية في التعامل الرسمي السعودي مع ملف الإعدام بشكل عام، ومع استمرار ترهيب الأهالي ومنع أي نشاط للمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، لا يمكن الوصول إلى الأرقام الفعلية للجثامين التي تحتجزها السعودية.
على الرغم من ذلك، وثقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، 91 قضية لم تسلم فيها الحكومة السعودية الجثامين.
وبحسب المعلومات، تحتجز الحكومة السعودية 44 جثمانا لأفراد قتلوا خارج نطاق القضاء، خلال مداهمات أو إطلاق نار حصلت ما بين 2016، و2021.
إضافة إلى ذلك، تحتجز السعودية 47 جثمانا تعود لأفراد أعدمتهم بأحكام إعدام صدرت بعد محاكمات تفتقد إلى شروط العدالة.
وفيما من الصعب الوصول إلى أرقام دقيقة حول جثامين الأجانب المحتجزة، يؤكد رصد المنظمة الأوروبية السعودية أن السعودية تحتجز على الأقل، جثامين 3 أجانب، من الجنسيتين البحرينية والمصرية.
من بين الأفراد الذين تحتجز الحكومة السعودية جثامنيهم، 9 قاصرين، هم وليد طلال العريض الذي قتل خارج نطاق القضاء، وعلي الربح، سعيد محمد السكافي، سلمان أمين آل قريش، عبد العزيز آل سهوي، عبد الله سلمان آل سريح، عبد الكريم محمد الحواج، مجتبى نادر السويكت، مصطفى هاشم آل درويش الذين قتلوا بعد محاكمات جائرة.
ولم ترد الحكومة السعودية على مسائلات المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة فيما يتعلق بهذه الممارسة، كما تتجاهل باستمرار طلبات العائلات بحقها في وداع أبنائها وفي ممارسة الطقوس الدينية الخاصة في الدفن، ولكن بحسب متابعة المواقف الرسمية، وتصريحات عائلات الضحايا هناك عدة أسباب لاحتجاز الجثامين.
وطالبت عدة عائلات الأجهزة الرسمية السعودية وبينها رئاسة أمن الدولة ووزارة الداخلية وإدارة السجون، بحقها في الحصول على الجثامين لدفنه ووداعه.
في المقابل ماطلت الأجهزة الرسمية، وعمدت في النهاية إلى تهديدها لإجبارها على التوقف عن المطالبة. وفيما لم تقدم الحكومة السعودية تبريرات لعدد من العائلات حول سبب رفض تسليم الجثمان، قالت جهات رسمية لإحداها، بأنه لن يتم تسليم أي جثمان لفرد “خرج على الدولة وولاة الأمر”.
وتوجه الحكومة السعودية هذه التهمة ضد من تعتبر أنه يعارض سياساتها أو يطالب بالحقوق المدنية والسياسية.
إلى جانب الانتقام من الأفراد وعائلاتهم بسبب نشاطهم، أكدت عائلة الشاب الباكستاني محمد عمران، الذي أعدم في السعودية عام 2019، بتهم مخدرات، أنها طالبت بجثمان ابنها أكثر من مرة، وأن رد الجهات الرسمية الباكستانية هو أن السعودية لا تعيد الجثامين.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية أعدمت السعودية منذ 2016 إلى 2021 94 باكستانيا، ضمن المئات من الأجانب الذين تم إعدامهم، ومن المرجح أنه لم يتم إعادة جثامينهم.
وشددت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن عملية الإعدام الجماعي التي نفذت مطلع 2016 وطالت المطالب بالعدالة الاجتماعية الشيخ نمر النمر إلى جانب آخرين، تمثل عنوانا واضحا لعهد الملك سلمان بن عبد العزيز الذي افتتحه بالإعدامات الجماعية.
وأكدت أن احتجاز جثامين قاصرين ومتظاهرين وأفراد قتلوا بشكل تعسفي، وتجاهل حقوق العائلات في الوداع والدفن، هو الوجه الحقيقي المعاكس لحملات الترويج والتبييض التي تقودها الحكومة السعودية، كما أنه دليل واضح على زيف التصريحات والوعود الرسمية التي تكثفت خلال الست سنوات الماضية فيما يتعلق بعقوبة الإعدام.