تبرز السعودية كأكثر دول العالم إهدارا للأموال في مجال ألعاب الفيديو التي تثير هوس ولي العهد محمد بن سلمان منذ سنوات في ظل مقامرته بحاضر ومستقبل بلاد الحرمين.
ويؤكد مراقبون أنه لا يمكن إدارة الملف الاقتصادي لأي دولة بمعزل عن نهضة البلد وتطوره فهو أقرب للعبث ونوع من المقامرة السياسية والمغامرة الاقتصادية.
وهذا جزء ممّا يمارسه محمد بن سلمان الذي حول المملكة إلى أكثر حكومات العالم بعثرة للأموال في مجال ألعاب الفيديو، والتي عادة ما تستثمر فيها شركات خاصة وليست حكومات.
ولعلّ أحد أبرز أسباب اهتمام ابن سلمان بصفقات ألعاب الفيديو هو شغفه الشخصي به وإدمانه عليها والذي أكّدته وكالتا France24 وBloomberg بأن اهتمام السعودية بقطاع الألعاب الإلكترونية يأتي من أعلى سلم السلطة في المملكة، حيث عُرف عن ابن سلمان بشغفه الكبير بلعبة Call of duty!
هذا الشغف المتزايد بألعاب الفيديو قاد محمد بن سلمان لتأسيس مجموعة Savvy للألعاب الإلكترونية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة والتي ترأسها بنفسه، ووضع لها ميزانية ضخمة بلغت 80 مليار دولار في محاولة منه لتحويل المملكة لمركز عالمي للألعاب الإلكترونية بحلول 2030.
واستراتيجية محمد بن سلمان في مجال الألعاب الإلكترونية تهدف لإنشاء 250 شركة ألعاب في المملكة، فضلًا عن ضخ الأموال في شركات الألعاب العالمية.
ومن أبرز الصفقات التي عقدها صندوق الاستثمارات:
* شراء حصة بـ 265 مليون دولار في شركة ألعاب الفيديو الصينية VSPO والتي تأسست قبل 6 سنوات فقط.
شركة Nintendo اليابانية كان لها نصيب كبير من استثمارات ابن سلمان، إذا بدأ بضخ 3 مليار دولار للاستحواذ على 5.01% قبل أن يرفع حصته 7.08% ثم 8.26% في فبراير الماضي.
شراء حصص في شركات ألعاب فيديو يابانية وكورية مثل Nexon و Capcom و Koei Tecmo.
شراء شركة Scopely للألعاب بـ4.9 مليار$.
كذلك شراء 8.1% من أسهم شركة الألعاب السويدية Embracer بـ 1.05 مليار $.
شراء 37.9 مليون سهم في شركة Activision Blizzard للألعاب.
إلى جانب شراء 96% من أسهم شركة SNK للألعاب.
الاستحواذ على قسم الرياضة الإلكترونية في Modern Times بـ 1.05 مليار $.
وهذه الاستثمارات الضخمة في ألعاب الفيديو قادت France24 للقول بأن استثمارات السعودية ربما تكون الأعلى في العالم!
فيما وصفت Washington Post ما يقوم به صندوق الثروة السيادي السعودي من الاستحواذ على شركات ألعاب الفيديو بأنه أشبه بـ “نثر الأموال بدون معرفة تحقيق عائد أم لا”.
وهذا ما حدث فعلًا، فقد تكبّدت بعض الاستثمارات السعودية في ألعاب الفيديو خسائر كبيرة، منها:
مبلغ 1.05 مليار دولار في شركة ESL Gaming، والخسائر 15.42% * 1 مليار دولار في شركة Live Nation، والخسائر 21.61%
استثمار مبلغ 777 مليون دولار في شركة Take-Two، والخسائر 31.4%.
ورصد محمد بن سلمان جوائز ضخمة جدًا لمسابقات ألعاب الفيديو في المملكة، حيث خُصّص العام الماضي 3 مليون $ كجوائز في بطولة لعبة PUBG، و2 مليون $ لبطولة Gamers Without Borders لألعاب الفيديو في الرياض!
وارتفع الرقم ليصبح 45 مليون $ في مهرجان ألعاب الفيديو Gamers8 في يوليو 2023.
ويبدو أن مشروع نيوم سيُصبح أحد ركائز تنمية صناعة ألعاب الفيديو في المملكة، بعد الإعلان عن مشروع إنشاء أول استوديو لتطوير ألعاب الفيديو بالتعاون مع مجموعة MBC في استمرار لعبث هدر الأموال.
فضلًا عن شغف بن سلمان بألعاب الفيديو، فإنه يهدف لتلميع سمعته وهو ما دفع أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة ليل الفرنسية Jason Delestre لابتكار مصطلح جديد يدعى eSportswashing (غسيل الرياضات الإلكترونية) لوصف توظيف ابن سلمان للأموال في ألعاب الفيديو لغسيل سمعته الدولية السيئة.
وإلى جانب مخاطر الخسارة، فإن الاستثمارات في شركات ألعاب الفيديو أو الرياضة لن تؤدي لنهضة البلد ولا لتوفير فرص العمل لآلاف العاطلين.
والأولى الاستثمار في الصناعة التي تساهم في التطور وخلق فرص عمل ورفد الشباب بالخبرات والتقنيات التي تساهم مستقبلًا بتحقيق الاكتفاء الذاتي.
كذلك فإن إقبال الشباب المتزايد على ألعاب الفيديو بدعم نظام ابن سلمان هدفه إلهاء الشباب وتغييبهم عن المطالبة بحقوقهم أو المساهمة في نهضة بلادهم، فوفقًا للمحللين في Niko Partners، فإن 58% من سكان المملكة هم من لاعبي الألعاب الإلكترونية والتي تشكّل نسبة عالية مقارنة بدول أخرى.
باتت الاستثمارات الاقتصادية في المملكة تفتقد لدراسات جدوى مُحكمة ومعرفة مخاطر الاستثمار الحقيقية، وحكمها بدل ذلك أهواء ابن سلمان ودكتاتوريته مستغلًا سيطرته المطلقة على موارد المملكة وأموالها.
ويبقى السؤال فهل ستساهم ألعاب الفيديو يومًا في نهضة بلد أو تنشئة جيل صالح مواكب للتطور والنهضة؟!.