انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان: إنكار سعودي تكذبه الحقائق

تتعمد السلطات السعودية إنكار ما تشهده البلاد من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ردودها على رسائل غاضبة للمقررين الخاصين للأمم المتحدة بشأن انتهاكاتها الصارخة.

وتزعم الرياض اعتبار رسائل الأمم المتحدة التي ترصد ما يجرى من انتهاكات في المملكة بأنها “غير دقيقة وتفتقد للمعلومات الكافية” في محاولة لحرب الأنظار عن جرائمها.

وكشفت أوساط حقوقية عن رسالة وجهتها الحكومة السعودية مؤخرا كرد على رسالة سابقة وصلت لها من مقررين أممين حول قضايا سبعة قاصرين يواجهون عقوبة الإعدام.

وادعت السلطات السعودية إن الرسالة التي وصلتها “كانت غير دقيقة وتتألف من ادعاءات تستند إلى معلومات وردت من المصدر وخالية من الأدلة والإثباتات”، كما زعمت أن الإجراءات تتماشى مع الالتزامات الدولية، بما في ذلك العديد من الاتفاقيات التي صادقت عليها.

وفندت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بعض ردود السعودية على رسالة المقررين الخاصين، موضحة المغالطات التي أوردتها:

قانون الأحداث

حاججت السعودية في ردها على الرسالة أنها منظمة إلى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل، وادعت أن الأفراد المذكورين في الرسائل كانوا فوق سن 18 سنة، وقت حصول التهم التي حُكم عليهم فيها بالإعدام.

تتبع المنظمة الأوروبية السعودية يبين المغالطة في ادعاءات السعودية، حيث أن صكوك الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة، تبين أن القاصرين الذين يواجهون عقوبة الإعدام حاليا، واجهوا تهما بينها ما حصل حين كانت أعمارهم أقل من 18 عاما.

وفي ظل عدم تحديد الادعاء العام التهمة التي توجب الإعدام في لائحته، يجب معاملة المتهم على أنه قاصر:

علي المبيوق (12 أغسطس 1998)، التهمة التي يواجهها هي المشاركة في جنائز حصلت حين كان عمره أقل من 18.

يوسف المناسف (8 سبتمبر 1996)، التهمة التي يواجهها المشاركة في جنائز حصلت حين كان يبلغ من العمر 15 و16 عاما.

عبد الله الدرازي (8 اكتوبر 1995)، من بين تهمه المشاركة في جنازة حصلت حين كان يبلغ من العمر 17 عاما.

جلال اللباد (3 أبريل 1995)، من بين تهمه المشاكة في مظاهرات وجنازة حين كان يبلغ من العمر 15 عاما.

علي حسن السبيتي (15 مايو 1999) من بين تهمه المشاركة في مظاهرات داعمة للبحرين حين كان عمره 12 عاما.

حسن زكي الفرج (19 أبريل 1997) من بين تهمه مرافقة أحد المطلوبين قبل ست سنوات من اعتقاله حين كان قاصرا عمره 14 عاما.

جواد قريرص (16 أكتوبر 1997) من بين تهمه حرق أنبوب نفط حين كان قاصرا.

عبد الله الحويطي (18 يوليو 2002) يواجه تهمة القتل حين كان عمره 14 عاما.

علاوة على ذلك، تشير تقارير المنظمة إلى أن السعودية أعدمت 12 قاصرًا على الأقل في السنوات الأخيرة إثر محاكمات جائرة وانتهاكات جسيمة. يفتقر رد السعودية إلى أدلة قانونية ملموسة لدعم تأكيداتها.

تغنى الرد السعودي بالمرسوم الملكي الذي أعلنت عنه هيئة حقوق الإنسان في مارس 2020، والذي لم يتم نشره بشكل رسمي، والذي يحظر الإعدام بحق القاصرين في أحكام تعزير.

على الرغم من بعض الحالات التي تم فيها تطبيق المرسوم الملكي، فإن المعلومات تؤكد استمرار تهديد حياة قاصرين آخرين.

كما أنه وبعد أشهر من الأمر، في يونيو 2021 أعدمت السعودية مصطفى الدرويش الذي واجه تهما حصلت حين كان يبلغ من العمر 17 عاما.

وفيما انكرت السعودية لاحقا أن الدرويش كان قاصرا، فإن رسائل الأمم المتحدة إلى جانب الوثائق القانونية في قضيته أكدت أنه لم يكن قد بلغ 18 عاما في بعض التهم، وهو ما يؤكد إخفاق وعود السعودية في منع الانتهاكات الجسيمة.

التهم

الرد الرسمي قال إن السعودية تلتزم بتنفيذ أحكام الإعدام على أشد الجرائم خطورة فقط، وعدد التهم التي واجهها القاصرون الذين يواجهون عقوبة القتل تعزيرا.

والتهم التي عددها الرد تتضمن: الانضمام إلى تنظيم إرهابي، تلقي التدريبات، التخطيط لتنفيذ عمليات. كل التهم التي عددتها السعودية لم تتضمن تهم تعد من الأشد خطورة، وهي بحسب القانون الدولي القتل العمد، وهذا ما بين بوضوح التناقض حتى في الرد.

احتجاز الجثامين

فيما يتعلق بمصير جثامين الأفراد الذين تم إعدامهم، زعم رد السعودية أنه بعد الإعدام يتم “اتخاذ الترتيبات اللازمة لإعداد الجثة على وجه السرعة لدفنها، وفقًا لنظامها”.

فشل الرد في تقديم أي معلومات أو أدلة بشأن مواقع دفن الجثث التي تم إعدامها. هذا الافتقار للشفافية يعني حرمان العائلات من حقها في دفن أحبائها وأداء طقوس الجنازة.

تظهر مراقبة المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن السعودية تحتجز ما لا يقل عن 140 جثة منذ عام 2016.

وهذا يحرم العائلات من فرصة الوداع، وترتيب الدفن المناسب، وإقامة مراسم الجنازة. تؤثر هذه الإجراءات بشكل مباشر على الأسر المتضررة، بما في ذلك الأطفال الذين يحرمون من الإغلاق والحزن.

جرائم التعذيب

أكدت السعودية في ردها أن جميع المعتقلين والسجناء يعاملون بكرامة وحقوق، ونفت ممارسة التعذيب داخل سجونها، كما كررت الإشارة إلى تجريم مثل هذه الأفعال بموجب قوانين السعودية وانضمامها إلى اتفاقية مناهضة التعذيب.

رد السعودية هو تكرار للبيانات السابقة التي تكتفي بالنفي من دون وقائع، حيث أن رصد لكن رصد المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان يؤكد الانتشار الواسع لمختلف أشكال التعذيب وسوء المعاملة، بدءاً من الاعتقال وحتى مرحلة التحقيق.

تكشف وثائق المحكمة أيضًا عن حالات تعرض فيها المعتقلون للحبس الانفرادي المطول والضرب والشتم والإجبار على الإدلاء بالاعترافات، وعلى الرغم من تأكيد الشبان تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب أمام القاضي، يظهر بوضوح في صكوك الأحكام عدم إجراء أي تحقيق عادل يضمن عدم الاستناد على اعترافات منتزعة تحت التعذيب.

إضافة إلى ذلك، فإن عدم إشارة الرد إلى أي خطوات عملية تضمن تجريم التعذيب ومحاسبة المعذبين يؤكد أن الواقع لا يتطابق مع ادعاءاتها.

غياب المحاكمات العادلة

أكد رد السعودية أن قوانينها تضمن محاكمات عادلة وعلنية أمام محاكم مختصة ومستقلة، وقالت إنه يحق للمدعى عليهم تقديم دفاع وطلب المساعدة القانونية وتقديم استئناف ضد الأحكام.

ومع ذلك من الناحية العملية، غالبًا ما يواجه المتهمون صعوبات في الحصول على تمثيل قانوني طوال الإجراءات، حيث لا يتم تعيين محام إلا بعد بدء المحاكمة، وفي ظل عوائق كبيرة تمنعه من الدفاع الكافي عن المتهم.

كما أن السرية التي تحيط بقضايا عقوبة الإعدام تنتهك الحق في محاكمة عادلة وعلنية. وهذا يؤثر على حقوق المحكوم عليهم وأسرهم والمجتمع ككل.

السعودية قالت إن إجراءاتها القضائية لا تعتمد فقط على الاعترافات ولكن أيضًا على الأدلة الواقعية والافتراضية.

ومع ذلك، تكشف وثائق المحكمة ومراقبة المنظمة الأوروبية السعودية عن نقص حاد في الأدلة والاستجوابات والاعتماد بشكل أساسي على اعترافات المتهم أو متهمين آخرين.

وخلصت المنظمة أن السعودية مؤخرا، لم تعد تتجاهل الشكاوى والرسائل التي تصلها، وباتت ترد على المقررين الخاصين وآليات الأمم المتحدة بشكل روتيني، بهدف التعمية على الحقائق وتضليل المجتمع الدولي، وكجزء من غسيل صورتها، حيث أن الردود التي تقدم في مواعيدها القانونية لا تحتوي على معلومات وأدلة بل تكرار للنصوص القانونية وتجاهل للوقائع.

وأكدت المنظمة أن الرد الرسمي لا يمكن أن ينفي الحقيقة التي تبينها الوثائق الرسمية حول وجود قاصرين في طوابير الإعدام يواجهون تهما ليست من الأشد خطورة، بعد محاكمات غير عادلة تعرضوا خلالها لانتهاكات بما في ذلك التعذيب.

وشددت على أن إنكار هذه الانتهاكات مقرونًا بالفشل في معالجة مخاوف محددة يثبت انعدام الثقة في وعود السعودية فيما يتعلق بإصلاحات حقوق الإنسان وخاصة فيما يتعلق بالقاصرين المحكومين بالإعدام.

كما يبين الرد أن عددا من القاصرين يواجهون أحكاما نهائية وبالتالي قد يتم إعدامهم في أي لحظة، على الرغم من أن انعدام الشفافية لم يسمح بمعرفة الوضع القانوني لهم بدقة.

وتشير المنظمة إلى أن 9 قاصرين مهددين بالإعدام حاليا بحسب تتبع المنظمة، إلا أن نهج السعودية يشير إلى أن الرقم قد يكون أعلى.