صرح المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك خلال افتتاح دورة مجلس حقوق الإنسان رقم 57 في جنيف، بأن إعدامات السعودية عائق أمام المسار العالمي الإيجابي تجاه العقوبة.
واعتبر المفوض السامي أن الاتجاه الإيجابي العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام على مستوى العالم يشوبه زيادة كبيرة في عمليات الإعدام في عدد محدود من الدول بينها المملكة العربية السعودية.
وخلال كلمته التي قدم فيها تحديثا أكد تورك أن هذه الإعدامات أدت إلى زيادة مطردة في عدد الأشخاص المعروف أنهم أعدموا في جميع أنحاء العالم.
وقال إن حقوق الإنسان ليست في أزمة إلا أن الزعامة السياسية اللازمة لجعلها حقيقة واقعة في أزمة، موضحا أن هناك في العالم قوى تلعب دورا في الاستيلاء على السلطة أو التمسك بها على حساب حقوق الإنسان.
وشدد على أن “الاستيلاء على الدولة” بأشكاله المختلفة يشكل إساءة استخدام للسلطة، مع عواقب وخيمة على حقوق الإنسان.
وأوضح تورك أنه على الرغم من التطورات المهمة خلال 30 عاما، إلا أنه لا زال هناك تراجع مثير للقلق في قضايا عديدة بينها المساواة بين الجنسين، والعنف ضد النساء. كما أشار إلى أن العنصرية والتمييز لا زالت تسود المجتمعات.
وأضاف أن المجتمعات بطبيعتها في تطور مستمر إلا أنه بدلا من تبني هذا التطور بشكل إبداعي، هناك محاولات لتكميم حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والصحافة الحرة.
وأكد المفوض السامي على استمرار مكتب المفوض السامي بدعم الضحايا في كل مكان في العالم، داعيا إلى رفض الأوضاع الجديدة والمستقبل البائس والتمسك بحقوق الإنسان باعتبار الطريق إلى عالم أكثر سلاما وعدالة وإنصافا.
ومؤخرا كشفت أوساط حقوقية أن السلطات السعودية نفذت حكم الإعدام بحق المواطن ظافر محمد عبدالله الشهري في 24 اغسطس 2024 بسبب تغريدات عبر فيها عن رأيه.
وقالت منظمة سند الحقوقية، إنها حصلت على معلومات حصرية، تفيد بأن الشهري تم إعدامه بسبب تغرديات اعتبرتها السلطات تهديدًا لأمن الوطن واستقراره وخيانة للبلاد، وحكمت عليه بالإعدام وتم تنفيذ الحكم بعد أسبوع من صدوره.
وفي بيان لها، أشارت وزارة الداخلية إلى أن التهم الموجهة إلى الشهري تضمنت “أفعالًا مجرمة تنطوي على خيانة الوطن وقيامه بأعمال إرهابية تهدف إلى الإخلال بأمن المجتمع واستقراره“.
لكن منظمة سند الحقوقية رفضت هذه التهم جملة وتفصيلًا، مؤكدة أن سبب الاعدام مجرد تغريدات تندرج ضمن حرية التعبير ولا ترقى إلى مستوى الجرائم التي تستوجب الاعتقال فضلاً عن الإعدام.
يُذكر أن ظافر الشهري كان معتقلًا في نفس الزنزانة مع محمد بن ناصر الغامدي، الذي واجه في وقت سابق أيضًا حكمًا بالإعدام بسبب بضع تغريدات نُشرت من حساب وهمي يتابعه أقل من عشرة اشخاص، والذي وثقت سند حالته سابقاً.
إن إعدام ظافر الشهري بسبب تغريدات يؤكد أن السعودية، دولة قمعية يغيب فيها أي مظهر من مظاهر العدالة الحقيقية، تُسيّس فيها السلطة القضائية بشكل كبير لخدمة مصالح النظام الحاكم.
كما أن القوانين تُستخدم كأدوات للقمع وكبح حرية التعبير والمعارضة السلمية، في ظل غياب شبه تام لمعايير العدالة والشفافية في المحاكمات، ومنظمة سند الحقوقية تشير إلى أن محاكمة الشهري لم تكن سوى مثال آخر على هذا القمع المستمر المتزايد.
وأدانت منظمة سند الحقوقية بشدة قيام السلطات السعودية بإعدام ظافر الشهري، مشددة على أن تنفيذ حكم الإعدام يشكل تصعيدًا خطيرًا في انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، وأنه يندرج ضمن جرائم ضد الانسانية وإرهاب الدولة.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن القضاء السعودي أصبح أداةً بيد السلطة لتنفيذ أجنداتها السياسية على حساب العدالة وحقوق الإنسان.
ودعت منظمة سند الحقوقية المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف هذه الممارسات القمعية، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، وضمان توفير محاكمات عادلة وشفافة تلتزم بالمعايير الدولية.