نقل موقع “Defense World”، عن تقارير إخبارية حديثة، أن السعودية تسعى لشراء عتاد عسكري من إسرائيل، من بينه نظام القبة الحديدية المضادة للصواريخ، في طَوْر جديد من العلاقات التطبيعية بين الرياض وتل أبيب.
فقد أبدت السعودية رغبتها في شراء نظام القبة الحديدية الإسرائيلية المضادة للصواريخ، بحسب تقرير نشرته صحيفة صحيفة باسلر السويسرية، والتي أشارت إلى أنّ السعودية وإسرائيل يعملان على تطبيع العلاقات بينهما، وهو تقرير أثار الكثير من الجدل بعد نشره، ولاسيما في الصحافة الإسرائيلية، فهنالك من حاول تجاوزه وإنكاره، وثمة صحف أخرى شككت بصحته، في حين اكتفت أخرى، مثل الجيروزالم بوست بنقله بشكل حرفي كما ورد.
وكانت الصحيفة السويسرية قد أفادت أن تاجر أسلحة أوروبي في الرياض، أخبرها بأن السلطات السعودية تبحث شراء بعض العتاد العسكري الإسرائيلي، ومن بينه نظام “تروفي” الدفاعي، الذي طورته شركة رافييل للأنظمة الدفاعية، وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية “مجموعة إلتا – Elta Group”.
ويمتلك هذا النظام الدفاعي (نظام تروفي) المحمول على المركبات، القدرة على اعتراض وتدمير المقذوفات والصواريخ برشقات تشبه طلقات بندقية الصيد (Shotgun).
ووفقًا لتقرير الصحيفة السويسرية باسلر، فإن الرياض طلبت من إسرائيل ايضًا بحث إمكانية نظام مضاد للدبابات ونظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ، عن طريق وسيط.
ويقول التقرير إن خبراء عسكريين سعوديين، جربوا النظام الإسرائيلي المضاد للصوارخ في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وعلى ما يبدو ترغب السعودية في شراء الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية، لاعتراض الصواريخ التي يطلقها الحوثيون على السعودية من اليمن، وقد وصل بعضها إلى العاصمة الرياض.
ويُذكر أنّه في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، عبّر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي أيزنكوت، عن استعداد حكومته لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع ما وصفها بالدول المعتدلة، في إشارة إلى الحلفاء الجدد السعودية والإمارات.
وفي سياق إنفاقها المتضخم على التسليح، تسعى السعودية لزيادة ترسانتها من الأنظمة المضادة للصواريخ، بشراء نظام الدفاع في الارتفاعات العالية “ثاد – THAAD” الأمريكي لاعتراض هجمات الصواريخ الباليستية، وكذلك نظام صواريخ “S-400” أرض جو الروسي.
وتأتي الطلبات السعودية لشراء أسلحة وأنظمة دفاع إسرائيلية، في سياق حالة التطبيع السري المفضوح بين الرياض وتل أبيب، والذي وصل لدرجة أن مايك بومبيو، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، كان قد صرح بأنه من الممكن تشكيل تحالف عسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل و”الدول السنية المعتدلة”، وهو الوصف الذي بات يُشار به إلى معسكر التطبيع في المنطقة: السعودية والإمارات ومصر.
وكان رام بن باراك، نائب رئيس الموساد والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، قد صرّح بأنّ التعاون الاستخباراتي بين السعودية وإسرائيل “ليس مفاجئًا”، وقد أكّد وجود العلاقات الاستخباراتية بينهما، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ياكوف أميدرور.
وفي تقرير له، نقل موقع “Free Malaysia Today”، توقعات باحث أكاديمي تركي في العلاقات الدولية، لنظامٍ عالمي جديد، استنادًا إلى “دفء العلاقات” بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وقال حسين باغتشي الباحث الأكاديمي والأستاذ بجامعة الشرق الأوسط التقنية في العاصمة التركية أنقرة، إنّ التطور الحاصل في العلاقات بين السعودية وإسرائيل، يأتي مواكبًا لمساعي ابن سلمان نحو خلع ثوب الوهابية. وهو ما يراه البعض انسياقًا وراء التغريب أكثر من كونه تحديثًا، بسبب سياقه السياسي.
ويعتقد باغتشي أن “دفء العلاقات” بين السعودية وإسرائيل، ينبثق منه تدريجيًا نظام عالمي جديد. وقد أشار إلى ضرورة النظر لتحركات دول إسلامية أخرى إزاء أنظمتها القيمية لتتناسب مع الحراك التطبيعي الجديد أم لا.
ورغم أن السعودية -وهي حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية في عهد دونالد ترامب- لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، ولكن علاقاتها مع إسرائيل قد تحسنت كثيرًا، انطلاقًا من ارضية مشتركة في العديد من الأحداث الإقليمية، وعلى رأسها ما يعتبرانه تهديدًا إيرانيًا.
ودائمًا ما يُذكر في سياق توطد العلاقات السعودية الإسرائيلية، إلى ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد، محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عامًا، بسبب أنه مع صعوده، اتجهت بلاده بقوة نحو تطبيع خفي/مفضوح مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى باغتشي، أن تحسّن العلاقات بين السعودية وإسرائيل، برعاية أمريكية، سيكون له تأثير يتجاوز هذه الدول، إلى غيرها من الدول الإسلامية، وربما غير الإسلامية.
وخلال فترة استراحة تخللت المناقشات التي جرت في مؤتمر حوار “بوتراغايا” للأمن الدولي، صرح باغتشي باعتقاده أنه سيكون هناك “نقاش بين المجتمع الدولي حول نظام عالمي جديد”، مُضيفًا أن السعودية تمر بما أسماه “مرحلة مثيرة للاهتمام”، تُظللها طموحات ابن سلمان التي وصفها الأكاديمي التركي بأنها “أكثر حدة من أسلافه”، ويصفها البعض بـ”المتهورة” و”الطائشة”.
وأشار حسين باغتشي إلى أنّ التحول السعودي الذي يُقدم عليه ابن سلمان، لن يكون على الأرجح موضع ترحيب من قبل تركيا. مُؤكدًا: “وحتى اليوم، نحن (تركيا) أفضل من السعودية اقتصادًا، وأكبر وأكثر تأثيرًا”.
وعلى مدار الشهور الماضية، دخل ابن سلمان العديد من المعارك الداخلية لتوطيد سُلطته، من بين أهمها معركته ضد المؤسسة الدينية التي كانت شريكًا أساسيًا في منظومة الحكم منذ تأسيس الدولة السعودية.
ويرى العديد من المراقبين أن مساعي ابن سلمان للانفكاك من المحافظة الدينية، أو الأيديولوجيا الوهابية التي كانت سببًا في تصدير الإرهاب على مدار سنوات، يعود بالأساس غلى رغبته في كسب ود الولايات المتحدة الأمريكية، وتوطيد علاقاته مع إسرائيل بلا قلق من جهة الأخيرة.
وقد صاحب معركته على المؤسسة الدينية، بمجموعة قرارات وأوامر يرى البعض فيها تحقيقًا للانفتاح؛ حملات قمع واعتقالات طالت عديدًا من الرموز الإصلاحية التي لطالما نادت لسنوات بالانفتاح الاجتماعي والإصلاح السياسي.
وفي هذا الصدد، قد يكون تطور العلاقات بين السعودية وإسرائيل، دفاعًا نحو ما أسماه باغتشي بالنظام العالمي الجديد، والذي على الأرجح هو نظامٌ سيتأكد فيه انقلاب الموازين بالتطبيع مع الانتهاكات للمواثيق والقوانين الدولية.
ولعل قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، هو أولى بوادر هذا النظام الآخذ في التشكل، لما في هذا القرار انتهاك صارخ للإجماع الدولي. ويُعزز من سياق هذه السردية، ما كُشف عنه، وأكده مسئولون في السلطة الفلسطينية، من تلقيهم عرضًا من ابن سلمان بإنشاء دولة فلسطينية منزوعة السيادة، مع التنازل عن القدس والضفة الغربية.