منظمة حقوقية دولية: السعودية تحتجز إثيوبيين “في ظروف مروعة”
في إدانة جديدة للسجل الحقوقي الأسود، أكدت منظمة حقوقية دولية أن السعودية تحتجز إثيوبيين “في ظروف مروعة”.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن جماعة الحوثي اليمنية طردت قسرا آلاف إثيوبيين مهاجرين من شمال اليمن في أبريل/نيسان الماضي، بذريعة فيروس كورونا، مما أدى إلى مقتل العشرات وإجبارهم على النزوح إلى الحدود السعودية.
وأشارت المنظمة الدولية إلى أن حرس الحدود السعودي أطلق النار على المهاجرين الفارين، مما أسفر عن مقتل العشرات منهم.
وقالت: بينما فرّ مئات الناجين إلى منطقة حدودية جبلية، احتجزت السلطات السعودية مئات آخرين تعسفيا في ظروف وصفتها المنظمة بالمروعة، دون أن يستطيعوا الطعن قانونيا في احتجازهم أو ترحيلهم إلى إثيوبيا.
وطالبت المنظمة وكالات الأمم المتحدة بالتدخل للتصدي للتهديدات التي يتعرض لها المهاجرون الإثيوبيون، والضغط لمحاسبة المسؤولين عن عمليات القتل والانتهاكات الأخرى بحقهم.
وقال مهاجرون إثيوبيون لـ”هيومن رايتس ووتش” إنه بعد أن تقطعت بهم السبل أياما دون طعام أو ماء، سمحت السلطات السعودية للمئات بدخول البلاد، لكنها احتجزتهم تعسفيا في منشآت غير صحية وسيئة.
ورجّحت المنظمة أن المئات -وفيهم الأطفال- ربما لا يزالون عالقين في المنطقة الجبلية الحدودية.
ووفق لنادية هاردمان الباحثة في شؤون حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش، فإن “التجاهل القاتل الذي أظهرته القوات الحوثية والسعودية تجاه المدنيين أثناء النزاع المسلح في اليمن، تَكرّر في أبريل/نيسان مع المهاجرين الإثيوبيين على الحدود اليمنية السعودية”.
وأوضح شهود العيان الإثيوبيون الذين قابلتهم المنظمة في السعودية، أنه في منتصف أبريل/نيسان اعتقل مقاتلون حوثيون بقسوة بالغة آلاف الإثيوبيين في الغار، وهي قرية في محافظة صعدة يقطنها المهاجرون بشكل غير رسمي.
وأجبر المقاتلون المهاجرين على ركوب شاحنات صغيرة اقتادتهم إلى الحدود السعودية، واستخدمت الأسلحة الصغيرة والخفيفة لإطلاق النار على أي شخص حاول الفرار.
وقال شهود إن مقاتلي الحوثي صرخوا قائلين إن المهاجرين “يحملون فيروس كورونا”، وعليهم المغادرة خلال ساعات.
مهاجرون إثيوبيون محتجزون في #السعودية في ظروف لا تُصدَّق بعدما أطلقت عليهم قوات الحوثيين النار وطردتهم من #اليمن. ينبغي معالجة وضعهم فورا بحسب المعايير الدولية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات https://t.co/8UAACxNotepic.twitter.com/cL2tHLH3eQ
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) August 13, 2020
وقالت الأمم المتحدة إنها رصدت دخول 120 ألف مهاجر خلال العام الماضي (2019) من القرن الأفريقي إلى اليمن بحرا، معظمهم من إثيوبيا، وهدفهم التسلل نحو السعودية للبحث عن عمل.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، اتهم الحوثيون حرس الحدود السعودي بشن قصف مدفعي أدى إلى مقتل 18 من الأفارقة و6 يمنيين.
وسبق أن كشفت منظمة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان، في مايو/ أيار المنصرم النقاب عن أن كهوفًا في مناطق نائية من العاصمة الرياض باتت ملجأ لعمال إثيوبيين هربًا من عمليات ترحيل قسري يهددهم بها نظام آل سعود بشكل جماعي في المملكة، رغم المخاطر الإنسانية والصحية التي تلاحقهم.
ووثقت المنظمة ومقرها لندن، أوضاعًا مزرية يعانيها عشرات العمال الإثيوبيين وهم يخوضون معركة الهروب من عمليات الترحيل، ما يزيد أوضاعهم الإنسانية -المتدهورة أصلًا- سوءًا ويشكل خطرًا جسيمًا على حياتهم.
وقالت إمباكت إنها اطلعت على مقاطع مصورة توثق اختباء عمال أثيوبيين داخل الكهوف والتصدعات الجبلية الوعرة في مناطق مختلفة من الرياض مثل حي “المهدية” من حملات الملاحقة التي تشنها ضدهم الشرطة السعودية.
وفي الثالث من شهر مايو، أعلنت الشرطة السعودية عن ضبط 1,467 من “مخالفي أنظمة الإقامة وأمن الحدود” في الرياض من عدد من الجنسيات، وذلك في عدد من المواقع المختلفة، بينهم من اتخذ من الكهوف والتصدعات الجبلية الوعرة أوكارًا للاختباء.
وذكر المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض العقيد “شاكر بن سليمان التويجري”، أنه تم الوقوف على تلك المواقع والقبض على (53) مخالفًا لنظام الإقامة، جميعهم من الجنسية الإثيوبية، واتخذت بحقهم كافة الإجراءات النظامية.
وأشارت إمباكت إلى أن ذلك يتم في ظل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، الأمر الذي يعرض سلامة العمال للخطر الشديد في ظل افتقاد أدنى معايير السلامة والوقاية.
يأتي ذلك رغم تأكيد الأمم المتحدة في 14 أبريل الماضي أن ترحيل السعودية للعمال المهاجرين غير الشرعيين إلى إثيوبيا يهدد بانتشار فيروس كورونا المستجد، وحثت الرياض على وقف الإجراء في الوقت الراهن.
وقالت “ماهليت” ذات الـ 23 عامًا إن السلطات السعودية اتهمتها بالبقاء في البلاد دون وضع قانوني وبكونها مهاجرة غير شرعية رغم امتلاكها لتأشيرة عمل، وأضافت أن الشرطة السعودية لم تكلف نفسها بالتواصل مع مشغلها للتأكد من وضعها القانوني حين تم القبض عليها واحتجازها بهدف الترحيل.
وفي حينه، صرح المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة “أليمايهو سيفي سيلاسي”، أن المنظمة سجلت منذ شهر مارس الماضي عودة 2,870 إثيوبيًا، جميعهم طردتهم السعودية، باستثناء مئة شخص. وأكدت السلطات الإثيوبية عمليات ترحيل المهاجرين واسعة النطاق.
وقالت وزيرة الصحة الإثيوبية “ليا تاديسي”، إن بعض العمال المهاجرين الذين جرى ترحيلهم من السعودية تأكدت إصابتهم بفيروس كورونا، لكنها لم تكشف عن إحصاء دقيق.
وأظهرت مذكرة داخلية للأمم المتحدة أن السعودية من المتوقع أن ترحل إجمالي 200 ألف مهاجر إثيوبي.
ومنذ سنوات، اشتكى عمال إثيوبيون من تعرضهم لحملات ترحيل قسرية لا تراعي أوضاعهم الإنسانية وظروف سلامتهم، فضلًا عن مصادرة جميع ممتلكاتهم بدعوى الإقامة غير القانونية.
ورصدت منظمات حقوقية ترحيل آل سعود آلاف إثيوبيين من المهاجرين غالبيتهم العظمى من العمال كل شهر من المملكة منذ عام 2017، بعد أن كثفت السلطات حملة مشددة لترحيل المهاجرين غير الموثقين.
وفي الوقت الذي يبقى عمال إثيوبيين في السعودية غير معروف، فقد كان يُعتقد أنه وصل قبل الحملة لنحو نصف مليون شخص، يعملون في معظم الأحيان في وظائف منخفضة المهارات وأجور ضعيفة، في البناء والخدمة المنزلية.
ويصل معظم هؤلاء إلى المملكة عبر معبر البحر الأحمر من جيبوتي إلى اليمن في رحلة محفوفة بالمخاطر، هربًا من واقع الفقر والبطالة في بلادهم.
وتبقى المملكة إحدى الدول القليلة التي لم تصدق على المعاهدات الدولية الرئيسة المتعلقة باحتجاز المهاجرين، بينما يبقى الخط الفاصل بين احتجاز المهاجرين والسجن في المملكة غير واضح، كما لا يتم السماح للمنظمات الحقوقية بفحص أوضاع المهاجرين المحتجزين داخل السجون أو في مراكز الترحيل.