تم الكشف عن نص محاكمة العميل التابع للحكومة السعودية الموظف في الديوان الملكي إبراهيم الحصين في نيويورك الذي أدين بالتحرش ومحاولات التجسس على ستة ناشطات سعوديات.
والحصين الذي كان يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، أدانته المحكمة الفيدرالية في بروكلين نهاية نوفمبر الماضي بالتحرش ومحاولات التجسس على ستة ناشطات سعوديات، من حسابات وهمية تحت اسم سمر، وقد تم ترحيله إلى المملكة مطلع الشهر الجاري.
على الرغم من أن الحكم المخفف الذي أصدره القاضي على الحصين، البالغ من العمر 43 عاما، بالسجن شهرين وغرامة قدرها 4000 دولار يشترط موافقته على ترحيله من الولايات المتحدة مباشرة بعد اتمام حبسه.
وأيضا على عدم تواصله مع أي من الناشطات السعوديات الستة اللواتي يقمن في الولايات المتحدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إلا أن الحصين اخترق وعده الصريح للقاضي وقام بمحاولة الاتصال بأحد الناشطات على أحد التطبيقات فور عودته إلى السعودية.
وبحسب صحيفة “صوت الناس” المعارضة فإنه في بداية الأسبوع الماضي نشرت إحدى الناشطات الستة على حساب السناب شات الخاص بها لقطة تصوير للشاشة لحسابها تظهر بوضوح محاولات إبراهيم الحصين في التحرش بها منذ عام 2019، ثم في 2020، وانتهاء ببداية هذا العام.
تظهر الصورة تعديه الأخير على الناشطة السعودية بالتلفظ الجارح عليها، و أيضا بمحاولتين للاتصال بها في قرابة الساعة الثالثة والربع فجرا والساعة الثالثة والنصف فجرا بتوقيت الولايات المتحدة.
أرفقت الناشطة تعليقها على الصورة باللغة الإنجليزية قائلة: “يبدو أن السيد المعتوه هذا قد رجع الى عمله السابق. يلبس الآن حفاظة ويقوم بإرسال الرسائل الجبانة من كهفه. الظاهر أن الصفعة التي تلقاها من الشرطة الفيدرالية لم تكن كافية. ياله من شخص تافه مثير للشفقة.”
ونشرت الصحيفة النص الكامل لجلسة النطق بالحكم على المتهم إبراهيم الحصين والتي تمت في نهاية نوفمبر العام الماضي.
يوضح نص المحاكمة أن الحصين قام بالتحرش بستة ناشطات سعوديات مقيمات في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بما أن الدعوى أقيمت في نيويورك اقتصرت المحاكمة على تقديم شهادة ناشطتين سعوديتين تقيمان في نيويورك.
الناشطة دانة المعيوف كانت الضحية رقم خمسة وقد قرأت شهادتها أمام القاضي، في حين اكتفت الناشطة الأخرى بالحضور و عدم التعريف عن نفسها علنيا في المحكمة وقامت بتسليم شهادتها كتابيا للقاضي.
التهم التي وجهت لإبراهيم الحصين كانت كذبه المتكرر للشرطة الفيدرالية الأمريكية عندما سأل عن حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وأيضا تهمة التحرش بالناشطات.
اعترف الحصين بكذبه وبتحرشه لكنه أنكر أن يكون مرسلا من الحكومة السعودية لمضايقة الناشطات، وقال بأنه تطوع بذلك و أنه نادم جدا على فعلته وغير فخور بتحرشه على الناشطات عبر الاسم المستعار سمر.
وصف القاضي الفيدرالي إيريك كوميتي تحرشات إبراهيم الحصين بالناشطات السعوديات على أنها “حملة منظمة هدفها إخافة متلقيات هذه الرسائل، بما في ذلك الخوف من العنف.”
قام القاضي كوميتي بسرد بعض تفاصيل التحرشات التي قام بها الموظف في الديوان الملكي السعودي المتهم إبراهيم الحصين قبل إدلائه بالحكم.
فقد ذكر أن الحصين قام منذ 15 يوليو من العام الماضي بإرسال التهديدات الشبه يومية الهستيرية للضحية رقم 4 وسردها بشكل تفصيلي نذكر منها: “هل تعتقدين أنك ستكونين بأمان هنا؟ سوف أقوم بركل مؤخرتك، سنقوم بتأديبك لأعلمك درسًا”.
وكذلك “قريباً سأعرف مكانك وآخذك أيتها العاهرة، تفضلي واسخري مني دعيني أرى كم أنت ذكية عندما نضع أيدينا عليك، سترين أيتها العاهرة من سيفعل ما يحلو له، أقسم لك أننا لن نتركك في حالك، هل رأيت ما حدث لأمل الأسمري، سوف يمسحك محمد بن سلمان من على وجه الأرض. سوف تواجهين نفس مصير أمل الأسمري وتذكري قولي هذا، احذري ولا تتجاوز حدودك.”
أضاف القاضي أن الحصين أرسل “في عام 2019، إلى الضحية رقم 6 الرسائل لمحاولة ترتيب لقاء والإشارة إلى أنه يعرف مكان الضحية رقم 6. لذلك استمر هذا السلوك لفترة طويلة من الزمن.
ذكرت في الندوة مع المحامين هنا ما أراه من أكثر التفاعلات جدية، حيث يطلب الحصين لقاءًا وجهًا لوجه مع إحدى مستلمات هذه الرسائل، وحينة أخرى يرسل فيها صورة لقريب مسن لتلك الضحية.
لا أعتقد أن هناك أي طريقة معقولة لفهم هذه الرسالة بخلاف كونها تهدد سلامة أفراد عائلة المستلمة، كما أشار الجميع هنا، وخاصة الحكومة، فإن حقيقة أن الحصين كذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي في مناسبات متعددة بشأن ملكية الحساب المعني (سمر) هو بالطبع مؤشر على أنه فهم خطورة سلوكك.
“ما سأقوله يا سيد الحصين هو أن هذا السلوك، لا أعتقد أنه من المبالغة القول، إنه يقوض في الواقع ركيزة أساسية من ركائز الوعد الأمريكي. هذا البلد يرحب بالمهاجرين. ربما إذا نظرت إلى الأرقام فستجد أن الترحيب بالمهاجرين أكثر من أي بلد آخر في العالم عامًا بعد عام. وجزء أساسي من حزمة الترحيب هذه هي أن المهاجرين هي قدرتهم على التعبير عن رأيهم بحرية في هذا البلد.”
طلب محامي الدفاع من القاضي أن تقتصر عقوبة الحصين على مدة سجنه التي قضاها في الحبس الاحترازي في انتظار محاكمته وهي ٣٥ يوما.
لكن القاضي رفض، وقال إن اتفاق الإقرار بالذنب ينص على عقوبة بالسجن تتراوح بين صفر وستة أشهر، مضيفا بأنه “لا يعتقد بأن الحكم بالوقت الذي قضاه (الحصين) في السجن سيكون كافياً لإيصال الرسالة التي يعتقد أنها ضرورية لمصلحة الردع العام، ولا للتنبيه بخطورة السلوك الذي قام به.”
من أجل ذلك أصدر القاضي إيريك كوميتي حكمه بالسجن على إبراهيم الحصين والذي ينص على التالي: “أحكم على السيد الحصين بالحبس 60 يومًا ، في حجز المكتب الفيدرالي للسجون بنيويورك. سأطلب أيضًا عند إطلاق سراحه من السجن أن يخضع للإفراج تحت الإشراف لمدة عام واحد وسأفرض شروطًا خاصة معينة لتتوافق مع فترة الإفراج الخاضع للإشراف.
وتابع “لكنني أريد أن أكون واضحًا، وسنكون واضحين في الحكم، أنني لا أوجِّه بأن يتم تطبيق فترة الإفراج تحت الإشراف في الولايات المتحدة. ولا ينبغي على الإفراج الخاضع للإشراف على إعاقة أو تأخير الترحيل العاجل للمدعى عليه”.
من ناحية الشروط الخاصة، رقم واحد، لا يجوز للسيد الحصين أن يدخل الولايات المتحدة بشكل غير قانوني. وثانيًا ، يجب أن يتعاون ويلتزم بكافة تعليمات سلطات الهجرة. أجد أن هذه الشروط مرتبطة بشكل معقول بطبيعة الجريمة وظروفها، وتاريخ المدعى عليه وشخصيته، والحاجة إلى توفير الردع الكافي، والحاجة إلى حماية الجمهور من جرائم أخرى للمدعى عليه، والحاجة إلى توفير العلاج الإصلاحي بأكثر الطرق فعالية.”
اعترض الدفاع على رغبة القاضي في فرض غرامة على المدعي عليه الحصين تحت حجة أن إبراهيم كان طالبا جامعيا في السنوات العشر الماضية وأن عائلته التي حضرت إلى نيويورك لحضور جلسة المحاكمة قد أنفقت ما يزيد عن 30 ألف دولار في تكاليف السكن وحدها.
فقد أشار محامي دفاع إبراهيم الحصين في بداية الجلسة عن تواجد والدي ابراهيم في قاعة المحكمة، والده الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم الحصين، عضو مجلس الشورى السعوي حاليا و رئيس هيئة الرقابة والتحقيق السعودية سابقا، ووالدته تركية. جادل محامي الحصين بأن عقوبة السجن كبيرة وكافية بإرسال رسالة واضحة عن جريمة الحصين.
كان رد القاضي صارما بأنه لا يعتقد بأن المدعى عليه يفتقر إلى القدرة على دفع الغرامة. “كما أفهم سيتم توظيفه عندما يعود إلى المملكة العربية السعودية للعمل لدى الحكومة السعودية، ولذا سأفرض غرامة متوسط الحد الأدنى للمبادئ التوجيهية هنا والذي يبلغ 4000 دولار أمريكي.”
قبل نهاية الجلسة طلبت سارا وينك مساعدة المدعي العام للولايات المتحدة في مكتب المدعي العام الأمريكي للمنطقة الشرقية من نيويورك من القاضي بأن يكون أحد شروط الإفراج تحت الإشراف هو عدم اتصال المدعى عليه بأي من الضحايا التي تحرش بهن ابراهيم الحصين، وافق القاضي على طلبها، ووافق أيضا دفاع الحصين على ذلك.