انتقدت منظمة Migrant-Rights.org للدفاع عن حقوق العمال المهاجرين معاناة أهالي العمال الأجانب المسنين حالة من عدم اليقين في السعودية.
وأشارت المنظمة إلى أن عملية طلب التأشيرة لأهالي العمال الأجانب تتطلب وثيقة موقعة ومختومة من قبل الكفيل أو صاحب العمل أو غرفة التجارة.
وبإمكان المتقدمين بالطلب الاختيار بين تأشيرة لإقامة مدتها 30 يوم و90 يوم وكلاهما من الممكن تمديدهما عدة مرات بحد أقصى 180 يوم.
وتتراوح تكلفة التأشيرة ما بين 200 ريال سعودي و300 ريال سعودي، شاملة التأمين الصحي ورسوم الوكالة، وتتراوح رسوم التمديد ما بين 100 ريال سعودي و200 ريال سعودي. ومن الممكن، مع ذلك، وليس من المستبعد أن يتم رفض الطلب للتمديد دون توضيح السبب.
ومع فرض رسوم المعالين، أصبح بإمكان أصحاب الاقامات إحضار عائلاتهم على هذه التأشيرات قصيرة الأمد مرتين في العام ليتجنبوا تحمل دفع الضرائب الباهظة.
حتى تم فرض الضريبة على الأجانب، فأصبح أغلب حاملي الإقامة يقومون بكفالة أزواجهم وأطفالهم كمقيمين، وعادة ما يستخدمون خيار التأشيرة العائلية لدعوة والديهم للإقامات الطويلة.
لم تطبق تأشيرة الزائر في السعودية حتى أواخر 2019، عندما بدأت الدولة الترويج للسياحة.
ومع ذلك، فلم يكون مؤهلا للحصول على التأشيرة الالكترونية متعددة الدخول، سوى مواطنو 49 دولة، غالبيتها غربية ودولا آسيوية منتقاة من ذوات الدخل المرتفع.
أما مواطنو الدول المصنفة من (فئة ب)، والتي ينتمي اليها غالبية الأجانب، فليس بإمكانهم الحصول، بسهولة، على التأشيرة.
وبالتالي، فإن غالبية الأجانب المقيمين لا زالوا يعتمدون على “تأشيرة الزيارة العائلية” لاستضافة والديهم في المملكة.
حالة معاناة
تعمل د. جول خان، البالغة من العمر 50 عاماً، كطبيبة عامة في مستشفى خاص بجدة. وهي المعيلة الوحيدة لوالديها في وطنها باكستان.
ود. خان وزوجها هما طبيبان باكستانيان يقيمان في السعودة منذ 20 عاماً، مع طفليهما ووالدي د. خان، اللذَين يتنقلا بين السعودية وباكستان عدة مرات في العام.
ولا يحق لوالديها الحصول على تأشيرة إقامة، ودأبا، عوضاً عن ذلك، على دخول السعودية بتأشيرة زائر. ويحق لحامل الإقامة أن يكفل تأشيرة زيارة عائلية لأزواجهم، وأطفالهم ووالديهم وأصهارهم.
وهذا الترتيب ليس غريباً-فالآباء والأصهار لا يحق لهم، عادةً، أن يكونوا ضمن فئة المعالين.
تقول د. خان:” من الواضح أن تأشيرة الزيارة ليست مناسبة كما لو حصلوا على الإقامة، لكنها تؤدي الغرض”.
وتضيف: “من الصعب، فقط، الحصول على التأشيرة في موسم الحج، على سبيل المثال، ولذلك فعلينا توقيت زيارتهم بشكل استراتيجي نوعاً ما – وهذه عادة هي المشكلة الرئيسية التي علينا مواجهتها على مدى السنين، وبالطبع، إضافة إلى ذلك تكلفة التقديم المتكرر للحصول على التأشيرة”.
هذه التكاليف تشمل رسوم التأشيرة، ورسوم تمديد هذه التأشيرة، تذاكر السفر، والتأمين الصحي والتي ينبغي علينا تحملها عدة مرات في العام، بحسب عدد الزيارات التي يقوم بها الوالدان.
في منتصف فبراير 2020، عاد والدا الدكتورة خان إلى باكستان بعد البقاء ثلاثة شهور في جدة، وكان متوقع عودتهم إلى جدة مرة أخرى في أواخر مارس، إلا أنه مع تفشي فيروس كورونا وفرض السعودية لقيود إضافية على الحدود، طلبت من والديها العودة إلى جدة قبل ذلك قبل أن يتم تعليق الرحلات حتى يبقون معهم خلال هذا الوقت المضطرب.
بعد أيام فقط من عودتهم إلى جدة، بدأت أعراض الإصابة بكوفيد19 تظهر على والديّ د. خان ثم انتقل ذلك إلى العائلة بأكملها. تقول الدكتورة خان: “لست متأكدة، إن كان الفيروس قد انتقل لهما في المطار، أو أننا حملناه من العمل حيث أن العاملين تصيبهم العدوى بالطبع.
وتضيف: “جميعنا أصبنا بالفيروس، أنا وزوجي ووالديّ وأبنائي الذين يعيشون معنا.”
وكان والد د. خان الأكثر تأثراً بالأعراض، وكان عليه البقاء أسبوعين على جهاز التنفس الصناعي.
“كان تعافي والدي هو الأمر الأهم بالنسبة لنا، بسبب حالته الحرجة. بعد أسبوعين، تحسنت حالته بالقدر الذي يسمح بعودته إلى المنزل. لا يمكنني أن أقول إنه تعافى تماما، ولكن حالته بالتأكيد لم تعد حرجة. لا يزال يعاني من ضيق شديد في التنفس، كما كان يسعل باستمرار ويشعر بالمرض، ولكن بعد أن ظهرت نتيجة الفحص سلبية، ورفع عنه جهاز التنفس الصناعي، أعدناه إلى المنزل.”
التكلفة العالية للرعاية الصحية
في الظروف العادية، كان لدى السعودية نظام الرعاية الصحية المختلط بين العام والخاص، وكلاهما يقدمان الخدمات الصحية بجودة متشابهة.
إلا أن نظام الرعاية الصحية العام مفتوحاً فقط للمواطنين السعوديين، وعمال القطاع العام غير السعوديين.
وكان على أي شخص آخر شراء التأمين الصحي لكي يتمكن من الحصول على خدمات الرعاية الطبية الصحية الخاصة.
إلا أنه، ابتداءً من أواخر مارس 2020، أصبح العلاج المجاني يقدم لجميع المرضى المصابين بفيروس كورونا في جميع المستشفيات الحكومية والخاصة.
وبحسب وزير الصحة السعودي فإن العلاج المجاني يغطي يشمل جميع المواطنين والمقيمين – حتى هؤلاء المخالفين لقوانين الإقامة.
لذا، وبرغم أن والد د. خان كان لديه تأميناً صحياً – الالزامي لمن يحملون تأشيرة زيارة-إلا أن تكاليف علاجه بالمستشفى تم تغطيتها من قبل الحكومة بسبب ثبوت إصابته بكوفيد 19.
وبرغم ذلك، لم يتعافى تماماً، وفي نهاية أبريل كان عليه العودة للمستشفى، ولكن بسبب أنه لم يكن مصاباً بكوفيد 19، فلم تتحمل الحكومة تكاليف علاجه للمرة الثانية.
وتتراوح تكلفة التأمين الصحي للسفر، في العادة، ما بين 30 ريال سعودي و100 ريال سعودي، اعتماداً على العمر والجنس والخلفية الصحية لصاحب الطلب – ولابد أن يكون صادرا من واحدة من شركات التأمين السبعة المصرح لها من قِبل وزارة الصحة.
ويغطي التأمين عادة التكاليف إلى 100,000 ريال سعودي كحد أقصى، وتحدد بوليصة التأمين تغطية الإقامة في المستشفى، وغرف المستشفى، وخدمات الأطباء والتمريض والمساعدة الطبية بقيمة 600 ريال سعودي في اليوم الواحد.
وظل والد د. خان على جهاز التنفس الصناعي حتى وفاته في يناير 2021. وبرغم أن التأمين الصحي غطي جزءاً كبيرا من التكاليف، تحملت دفعها د. جيهان.
وبرغم أنها لم ترغب بكشف قيمة المبالغ التي كان عليها دفعها، إلا أنها أشارت إلى أن وجود اتصالات شخصية مع العاملين في الحقل الطبي أو التأمين ساعد في خفض هذه التكاليف. ولولا ذلك لتركتها التكاليف تحت طائلة ديون كبيرة.
واعترفت: “كوني أنا نفسي طبية، ساعدني كثيراً.” وأضافت: “لو لم أكن كذلك، لم أكن لأطلب منهم، على الأرجح، السفر والمجيء إلى هنا. فليس بإمكان أي شخص تحمل كلفة مرض الوالدين المسنين. فالتأمين، خصوصاً تأمين الزائر من الممكن أن يوفر تغطية كافية. لقد فكرت في سفرهم إلى باكستان خلال الفترة القصيرة التي تحسن فيها وضعه لأنني كنت قلقة كثيراً من التكاليف.”
عودة قسرية
أما سعد الذي يبلغ من العمر 37 عاماً ويعمل في شركة مالية، فقال، إنه أعاد والده إلى الهند بسبب قلقه من احتمالية إصابته بالمرض وبالتالي الفواتير المترتبة على ذلك – كما كان الوضع مع أحد زملائه الذي اضطرت والدة زوجته إلى العودة بعد أن تعافت من كوفيد19 بسبب حاجتها إلى مزيدٍ من الدعم الصحي الذي لم يكن ضمن تغطية الحكومة. ويضيف أن التأمين لم يكن خياراً واقعياَ لأنه معقد إلى درجة كبيرة ولا يغطي دائماً ما هو مطلوب.
ويقول سعد:” يعيش والدي معي طالما بإمكاني رعايته وهو أمر مكلف أصلاً. مضيفاً: “لست متأكدا مدى سهولة التعامل مع شركات التأمين هنا لكن حسب فهمي، فإن التغطية لشخص لديه تأشيرة الإقامة تختلف عن تغطية شخص آخر يحمل تأمين السفر. لو، لا قدر الله، حدث شيء له هنا، فسوف لن أقلق بشأن التكاليف أكثر من قلقي على صحته.
وكان سعد يرتب لسفر والده إلى الخارج مرتين في السنة على الأقل، كما تقضي زوجته عدة شهور معه في بلدهم، وذلك حتى لا يشعر والده المسن أنه وحيداً لفترة طويلة. وتسمح السعودية بتحويل تأشيرة الزيارة إلى تصريح إقامة دائمة لأفراد العائلة القريبين للعامل الأجنبي وذلك “تحت ظروف خاصة.”
وفي العادة، تحظى الأم الأرملة أو أم الزوجة ممن تزيد أعمارهم عم 60 عاما، على فرصة أكبر للحصول على إقامة دائمة، من الآباء المسنين أو والد الزوجة إذا ما كان الوالدان على قيد الحياة.
ومع ذلك، فلا توجد سياسة محددة أو ضمان الموافقة على الطلب. والمعروف ان الزوجة والأبناء (باستثناء ممن تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، والبنات المتزوجات) فقط هم في العادة مؤهلين ليصبحوا من فئة المعالين.
وذكر متحدث من وزارة الداخلية، أن الأجانب الذين ليس لديهم من يرعى والديهم ممن بلغوا سن الستين، بإمكانهم التوجه إلى إدارة الجوازات وتسجيل الحالة هناك.
وبحسب مسئولين، فإن إدارة الجوازات تنظر في كل طلب وتتخذ قراراً بناء على صحة كل حالة على حده. نسبياً، الرواتب العالية تزيد احتمالية الموافقة على طلب الإقامة.
وأشارت د. خان بأن على الأقل هناك عدد من زملائها تمكنوا من كفالة أمهاتهم أو أصهارهم.
وتقول: “أعرف أن الأمر يتطلب بذل جهداً وتوفّر الواسطة ولكنه ممكناً – خصوصاً بالنسبة لي، فأنا وزوجي أطباء ونعيش بشكر مريح، لكنني أعتقد أنني لم أفكر في المحاولة.”
وتضيف: “ترتيبات الزيارات المتعددة على تأشيرة الزائر تبدو مناسبة. إنها الحالة الاستثنائية مثل هذه الجائحة التي جعلتني أتأسف على عدم محاولة الاستفادة من معارفي لأحصل على إقامة لوالديّ في وقت سابق.”
وتنوي د. خان التقدم بطلب للحصول على إقامة لوالدتها الأرملة.
أما سعد فقد حاول مرة واحدة للحصول على إقامة لوالدته قبل وفاتها، إلا أن طلبه رُفض.
ويقول: “ليس لدي أي «اتصالات من الداخل» في الجوازات (الإدارة العامة للجوازات)”، لقد قدمت طلباً، وكنت أتمنى أن يّقبل طلبي ولكنه رُفض. لا أعرف السبب في ذلك، فراتبي يعتبر جيداً، وأنا متأكد أن بإمكاني إعالة شخص واحد إضافي.