ضمن سياساتها الخارجية المشبوهة، تم الكشف عن محاولة المملكة العربية السعودية إعادة إحياء نفوذها داخل “الحزب الديمقراطي” الأميركي، قبل الانتخابات الرئاسيّة عام 2020.
وذكر تحقيق نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن المرشح الديمقراطي للرئاسة بيت بوتيجيج كان “يغازل” مستثمري الحملة المرتبطين بالسعودية.
ولفتت المجلة إلى أنّه في يونيو/ حزيران الماضي، أقام بوتيجيج حملة لجمع التبرعات في منزل هاميلتون جيمس، أحد كبار المانحين في الحزب الديمقراطي، والعقل المدبّر لصفقة بقيمة 20 مليار دولار لتوليد استثمارات سعودية في البنى التحية الأميركية.
وأضافت أنّ موقع “ذا انترسبت”، كشف عن أنّ لجنة العمل السياسي التي أنشأها نائب الرئيس السابق جو بايدن، تحت عنوان “الإمكانيات الأميركية”، تتضمن استثماراً من السيناتور الديمقراطي السابق جون برو، أحد أعضاء مجموعة الضغط التابعة لشركة “سكوير باتون بوغز”، المسجّلة كممثل للسعودية.
ورأت أنّ قرار الرياض بالتودّد إلى كلتا الحملتين يُعدّ علامة مبكرة، على أنّ السعودية تسعى لإعادة بناء نفوذها بين المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية، بعد ثلاث سنوات من العلاقات المتوترة. واعتبرت أنّ هذا الأمر سيكون صعباً، بالنظر إلى احتضانها للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وابتعادها عن الثنائية الحزبية نحو اللوبي.
وذكرت المجلة الأميركية أنه، بينما حافظت الرياض دائماً على روابط وثيقة مع السياسيين الأميركيين، إلا أنّها وسّعت إلى حدّ كبير نشاطاتها في الحملات الأميركية منذ دورة الانتخابات الأميركية عام 2016.
وقد انضمّت إليها في نشاطاتها، أقرب حليف عربي إليها، الإمارات المتحدة، وفق إشارة المجلة، التي لفتت إلى أنّ معظم جهود الضغط وُجّهت إلى ترامب، وحلفائه الجمهوريين.
ورأت أنّ السعودية والإمارات كانتا متحمستين بشكل خاص، لضخ الأموال دعماً لحملة ترامب الانتخابية، باعتباره أكثر تعاطفاً مع مصالحهم من سلفه باراك أوباما، أو منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وقالت المجلة الأميركية، إنّ الموقف السعودي والإماراتي، كان مدفوعاً بمرارة دول الخليج بعد استبعادها من المفاوضات النووية الإيرانية، وعدم رغبة الرئيس السابق باراك أوباما بالتدخل ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفتت إلى أنّ السعوديين والإماراتيين وجدوا في ترامب حليفاً متعاطفاً، وعد بالانسحاب من الملف النووي والتحقق من النفوذ الإيراني.
ولفتت إلى أنّ دعمهم العلني لترامب، فضلاً عن تصرفاتهم الخاطئة والمدمّرة في الشرق الأوسط، دفعت بالديمقراطيين إلى انتقاد دول الخليج بشدّة.
وأشارت إلى أنّ الخسائر المدنية الهائلة التي نجمت عن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، شكّلت المادّة الأساس لانتقادهم، إلا أنّ قتل الصحافي جمال خاشقجي كان القشة التي قصمت ظهر البعير لدى السياسيين والناخبين الديمقراطيين على حدّ سواء.
وقالت إنّ الديمقراطيين أيّدوا بغالبية ساحقة، التشريع الذي يدعو لإنهاء كلّ الدعم الأميركي للحملة السعودية – الإماراتية في اليمن. إلى ذلك، ينتقد الديمقراطيون والتقدميون بانتظام إدارة ترامب، لأنّها سمحت بهذا السلوك السعودي من دون أي رادع، رغم تعارضه مع القيم والمصالح الأميركية الأساسية.
وفي وقت لفتت فيه “فورين بوليسي” إلى أنّ السعودية والإمارات عملتا على كسب عاطفة ترامب، من خلال إنفاق ملايين الدولارات على التبرعات وجهود الضغط، أشارت إلى أنّهما استخدمتا مستشارهما السياسي جورج نادر من أجل تعزيز مصالحهما، فضلاً عن الترويج للسياسات المناهضة لقطر.
ولم توفر دول الخليج فرصة لانتقاد أوباما ومستشاريه، ففي الإعلام والاجتماعات الخاصة، اتهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إدارة أوباما بإدارة ظهرها للشرق الأوسط. انتقدا الصفقة النووية الإيرانية، وأثنيا على ترامب لخطابه القاسي في وجه إيران، ولم يكن انتقادهما موجهاً إلى أوباما فحسب، بل بشكل أوسع إلى المواقف السياسية للعديد من الديمقراطيين الذين يتوقون إلى الابتعاد عن الارتباطات الأميركية المكلفة في الشرق الأوسط.
ويبدو، وفق “فورين بوليسي”، أنّ السلوكين والخطابين السعودي والإماراتي، لم يتنبّها لحقيقة أنّه من المرجح أن يستعيد الديمقراطيون السيطرة على البيت الأبيض، في هذه الدورة الانتخابية أو ربما في المرحلة التالية. وبدلاً من بناء علاقات قويّة واحترام خطوط الحزب الديمقراطي، تصرّفا وكأنّ عدم التحقق من سلوكهما الحاصل في عهد ترامب، لن ينتهي أبداً.
ورأت المجلة الأميركية أنّ السؤال يكمن في قدرة دول الخليج على إلغاء الضرر، الذي أصاب سمعتهم بين الديمقراطيين. وأشارت إلى أنّ العقبة الأولى أمام جهود الضغط السعودية والإماراتية، ستكون انتقادات الديمقراطيين أو رفضهم لتبرعات من جماعات ضغط أجنبية.