إدانة أوروبية لجرائم غسل الأموال في السعودية
يتجه الاتحاد الأوروبي إلى تعديل قائمته للدول التي تشكل مخاطر في مجال غسل الأموال وهي المراجعة التي يمكن أن تنقل السعودية من القائمة السوداء لقائمة رمادية جديدة.
وتشكل هذه الخطوة أحدث إدانة في مسلسل طويل من الانتقادات الدولية لسجل السعودية في جرائم غسل الأموال بسبب ضعف الضوابط السارية لمنع تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
ووفق وثيقة سرية للاتحاد الأوروبي نشرتها وكالة رويترز العالمية للأنباء، لن يتم إدراج الدول التي لا تستوفي المعايير مباشرة بالقائمة السوداء بل سيتم اتباع نهج تدريجي يتعين بمقتضاه أن تلتزم هذه الدول بتغيير لوائحها وممارساتها وفق إطار زمني محدد.
وقال مسؤول أوروبي لرويترز إن هذا سينتج عنه قائمة رمادية للدول والمناطق التي لن تنتقل للقائمة السوداء إلا إذا تقاعست عن تطبيق الإصلاحات المطلوبة.
وكانت المفوضية الأوروبية أضافت السعودية في فبراير شباط لقائمة سوداء تضم 23 دولة وكيانا من الكيانات التي تتمتع بولاية قضائية وتمثل تهديدا للتكتل الأوروبي، لكن دول الاتحاد أسقطت التصنيف بعد ضغط سعودي.
وخوفا من التبعات الاقتصادية للقائمة قالت الحكومات الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا إن المفوضية الأوروبية لم تمنح الرياض والدول الأخرى المدرجة بالقائمة أي فرصة للرد على بواعث القلق.
وعملا باللوائح الملزمة بوضع قائمة فإن المفوضة المسؤولة عن الأمر التشيكية الليبرالية فيرا جوروفا راجعت الوضع وخلصت حاليا إلى نهج منقح لتصنيف الدول.
وقال المسؤول الأوروبي إن السعودية، التي كانت أكبر اقتصاد ضمن القائمة السوداء الأصلية، ستكون في الأغلب مع الدول التي ستدرج بالقائمة الرمادية وهو تحرك قد يقلل من مخاوف المستثمرين بشأن تداعيات التصنيف على السمعة.
ومن شأن هذا أيضا تحاشي اعتراضات من دول الاتحاد الأوروبي وخلافات دبلوماسية جديدة مع المملكة قبل عام واحد من استضافة الرياض قمة مجموعة العشرين التي ستجمع أكبر 20 دولة صناعية في العالم في نوفمبر تشرين الثاني 2020.
وناقش ممثلون لدول الاتحاد الأوروبي الأمر نهاية الأسبوع الماضي خلال اجتماع في بروكسل. وإذا اتفقت الحكومات والبرلمان الأوروبي على النهج الجديد فيمكن أن تبدأ المفوضية في تطبيق نظام التصنيف الجديد في سبتمبر/أيلول المقبل.
ولدى السعودية نقاط ضعف خطيرة في نظام العمل الساري لمكافحة غسل الأموال، ويعتبر المسئولون الأوروبيون أن عدم إدراج السعودية على الإطلاق في أي قائمة لن يبدو منطقيا في ظل نقاط الضعف التي أبرزها الاتحاد الأوروبي في فبراير شباط.
وظلت السعودية محرومة لوقت طويل من عضوية كاملة في مجموعة العمل المالي، المسؤولة عن التصدي لغسل الأموال، وهي العضوية التي لم تستطع الحصول عليها لوقت طويل بسبب عدم الوفاء بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وسبق أن صرحت متحدثة باسم مجموعة العمل المالي أن المملكة السعودية حصلت على مستوى كفاءة منخفض أو متوسط في سبعة معايير من بين 11 معيارا جرى تقييمها فيها بخصوص مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
واحتجزت السلطات السعودية عشرات من كبار المسؤولين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي متهمة إياهم بجرائم من بينها غسل أموال، لكنها لم توجه إليهم أي اتهامات بتمويل الإرهاب.
وتم الإفراج عن معظم المحتجزين بعد تبرئة ساحتهم أو التوصل إلى تسويات مالية مع الحكومة، التي قالت إنها رتبت لاسترداد أكثر من 100 مليار دولار من خلال تلك الصفقات.
وتؤكد تقارير دولية أن السعودية لم تكن فعالة في التحقيق مع الأفراد المتورطين في نشاط غسل أموال واسع النطاق ومقاضاتهم، وأن التحقيقات التي تجريها السلطات لا تزال قليلة للغاية.
كما تؤكد التقارير ان السلطات السعودية لم تكن ناجحة أيضا في مصادرة عائدات تلك الجرائم في الداخل أو الخارج، حيث تشير التقديرات إلى انتهاء المطاف بالغالبية العظمى منها إلى خارج المملكة.
وقبل ثلاثة أشهر قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن الاتحاد الأوروبي يعتزم إضافة السعودية وبنما إلى قائمة الدول الفاشلة في مكافحة غسل الأموال.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي القول إن القائمة ستشمل المملكة وأكثر من 20 دولة أخرى بسبب ثبوت التقاعس في محاربة تدفق الأموال غير المشروعة.
وتخضع الدول المدرجة في القائمة لتدقيق أشد في معاملاتها المالية مع الاتحاد الأوروبي، حيث تضطر بنوك الاتحاد لإجراء فحوص إضافية للمدفوعات التي تشمل كيانات خاضعة للنظم القانونية لهذه الدول.