لم تقتصر حملة الاعتقالات التي شنتها سلطات آل سعود على المواطنين السعوديين والمعارضين لسياسة ولي العهد, بل وصلت إلى اعتقال العشرات من المواطنين العرب وزجهم في سجون المملكة.
وقالت النائبة السابقة في البرلمان الأردني, هند الفايز, والكاتب الصحفي حلمي الأسمر، عن اعتقال سلطات آل سعود أكثر من 60 مواطناً أردنياً، بينهم حجاج، دون توجيه أي تهم لهم.
وتعطي هذه الخطوة السعودية دلالة على تدهور الأوضاع السياسية بين الرياض والأردن الذي بدأ بإعادة ترميم علاقاته مع قطر، التي توجت بقرار ملكي صدر في 16 يوليو الماضي؛ بتعيين أمين عام وزارة الخارجية، زيد اللوزي، سفيراً فوق العادة للأردن في الدوحة.
ولم تستهدف حالة القمع التي تنفذها سلطات آل سعود المواطنين الأردنيين، إذ وصل سيفها إلى حركة حماس، بعد اعتقال أحد قيادييها ومسؤول إدارة العلاقة مع المملكة محمد الخضري، رغم تقدمه في السن (81 عاماً)، ونجله، وفق ما كُشف رسمياً.
عضوة مجلس النواب الأردني السابقة، هند حاكم الفايز، كشفت لـ”الخليج أونلاين”، عن اعتقال سلطات آل سعود لمجموعة من الأردنيين.
وأوضحت الفايز أن أهالي المواطنين الأردنيين المعتقلين في سجون آل سعود يتظاهرون أمام سفارة المملكة بالعاصمة عمان من أجل الضغط لإطلاق سراحهم.
وقالت الفايز: “وزارة الخارجية الأردنية مقصرة بشأن أبنائنا في الخارج، وأحمّل المسؤولية علينا كشعوب لسكوتنا على هذه الممارسات، وعلى إهمال هذه المؤسسات في تأدية واجبها الدستوري”.
ودعت الحكومة الأردنية إلى إظهار الحقيقة من خلال إطلاع المواطن الأردني على المعلومة حول قضية المعتقلين في المملكة من أجل قطع الشك باليقين.
الكاتب السياسي حلمي الأسمر يؤكد أن سلطات آل سعود تعتقل أكثر من 60 أردنياً في سجونها، بينهم حجاج وامرأة من أصل فلسطيني.
وقال الأسمر: “الرياض لا توجه أي اتهامات لهؤلاء المعتقلين ولم تعرضهم على أي محاكمات، وتمنع الزيارات عنهم من قبل ذويهم، وتحرمهم من أي تواصل، وكأنها عصابة تخطف البشر لا دولة”.
وأضاف الأسمر: “لا ندري أي قانون يحكم الدولة السعودية، فهي بلاد بلا دستور، والحكم السائد بها مزاجي”.
وبين أن السلطات الأردنية تلتزم الصمت حيال مواطنيها المعتقلين في المملكة، رغم تواصل أهاليهم مع الحكومة التي تكتفِي بالرد أنها تتابع مع الجهات المختصة قضيتهم.
وكان الأسمر أعلن، في أبريل الماضي، اعتقال سلطات آل سعود الصحفي الأردني عبد الرحمن فرحانة، دون توجيه أي تهمة إليه أو السماح بزيارته.
وقال الأسمر في حينها: “بلغني أن المواطن الأردني الصحفي الأستاذ عبد الرحمن محمد عبد الرحمن فرحانة، العضو في نقابة الصحفيين الأردنيين (رقمه الوطني 9571007537) تم اعتقاله في الدمام بالسعودية منذ أكثر من شهرين، دون أن يعرف أحد عنه شيئاً منذ ذلك الحين، علماً بأن الأستاذ عبد الرحمن (وهو ابن خالي) يبلغ من العمر 63 عاماً، ويعمل كاتباً صحفياً في صحيفة (السبيل) اليومية الأردنية”.
ولم يقتصر اعتقال سلطات آل سعود على المواطنين الأردنيين، إذ كشف الوزير الفلسطيني السابق والقيادي في حركة “حماس”، وصفي قبها، لأول مرة في تصريحات له عن اعتقال الرياض أكثر من 56 فلسطينياً ينتمون للحركة.
وقال قبها: إن “سلطات آل سعود تعتقل، منذ أكثر من 6 أشهر، 56 عنصراً من أبناء حماس كانوا مقيمين داخل المملكة، وحتى هذه اللحظة فشلت كل الاتصالات والوساطات في تجاوز هذا الملف والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين”.
وأوضح القيادي في حركة “حماس” أن العلاقات السعودية مع حركته بدأت تأخذ منحنيات توتر غير مسبوقة، منذ عامين تقريباً، وشهدت خلال تلك الفترات العديد من الملاحقات والاعتقالات، وتضييق الخناق على عناصر الحركة الموجودين داخل المملكة.
وأضاف: “كانت الحملة ضد عناصر الحركة فقط خلال الفترة الماضية، لكنها سرعان ما تطورت الآن لتشمل حتى مؤيدي الحركة بشكل خاص، وداعمي المقاومة الفلسطينية بشكل عام، وهذا تطور لافت وخطير قد يؤسس لمرحلة متوترة ومتصاعدة”.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وثق، الأسبوع الماضي في بيان له، احتجاز سلطات آل سعود 60 فلسطينياً، بينهم حجاج وطلبة ومقيمون وأكاديميون ورجال أعمال، مطالباً في الوقت ذاته بالكشف الفوري عنهم، وإطلاق سراحهم على ما لم يوجَّه اتهام لهم بارتكاب مخالفة فيه.
يشار إلى أن سلطات آل سعود تواصل حملات الاعتقال التي بدأتها منذ صعود ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى سدة الحكم في عام 2017.
ومنذ ذلك، اعتقلت السلطات آلاف النشطاء والمثقفين ورجال الدين والصحفيين ورجال الأعمال، على مدى عامين ماضيين، في إطار القضاء على أي معارضة محتملة لمحمد بن سلمان.