يحاول نظام آل سعود الترويج لنفسه بشأن اتخاذ خطوات لحماية حقوق الإنسان ومكافحة الفساد في مواجهة ما يوجه له من إدانات حقوقية ودولية على خلفية ما يرتكبه من انتهاكات.
وزعم رئيس “هيئة حقوق الإنسان” في نظام آل سعود عواد العواد أن “المملكة سعت لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وأوفت بالالتزامات الدولية التي أصبحت طرفاً فيها”.
وأضاف العواد أن المملكة قدمت جميع التقارير المطلوبة منها بحسب التزاماتها، لتكون ضمن 36 دولة التزمت بذلك من مجموع الدول الأطراف البالغ عددها 197 دولة.
جاءت تصريحات العواد خلال اجتماعه بالعاصمة البلجيكية مع 17 عضواً من اللجنة السياسية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، بحضور رئيس بعثة السعودية لدى الاتحاد الأوروبي السفير سعد بن محمد العريفي.
وفي محاولة للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان المروعة في المملكة، شدد العواد على “اهتمام السعودية بقضية مكافحة الإرهاب كونه يمثل أحد أبرز أوجه انتهاكات حقوق الإنسان”، وقد أصدرت نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله ولائحته التنفيذية كقانون صارم لمواجهته ومعاقبة مرتكبيه، كما حاربت التطرف والغلو عبر إطلاق عدد من المراكز والمشاريع.
وحاول العواد التقليل من حدة الصورة الملطخة لولي العهد محمد بن سلمان، مدعيا أنه “أحدث نقلة نوعية وقاد عجلة الإصلاح والتطوير والتغيير والتحديث لمرافق الدولة كافة، وفي مقدمتها حقوق الإنسان”.
لكن المسئول في نظام آل سعود واجه انتقادات أوروبية حادة على خلفية اعتقال آلاف المواطنين في المملكة من نشطاء حقوق إنسان ومطالبين بالإصلاح ومعتقلي رأي وأكاديميين ومدونين.
كما أنه واجه سيلا من الأسئلة فيما يخص استمرار تعطيل التحقيقات بشأن جريمة قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018 في قنصلية المملكة في اسطنبول.
في سياق قريب جاء إصدار الملك سلمان ثلاثة أوامر ملكية تضمن إحداها الموافقة على الترتيبات التنظيمية والهيكلية المتصلة بمكافحة الفساد المالي والإداري، والتي تضمنت: ضمّ “هيئة الرقابة والتحقيق” و”المباحث الإدارية” إلى “الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” وتعديل اسمها ليكون “هيئة الرقابة ومكافحة الفساد”.
وتشمل الأوامر أن يتولى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد – إلى حين استكمال جميع الإجراءات النظامية اللازمة لذلك والعمل بموجبها – القيام بصلاحيات رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ومباشرة اختصاصات رئيس المباحث الإدارية، وله تفويض من يراه بممارسة بعض تلك الصلاحيات والاختصاصات.
في حين أمر الملك سلمان، بإنشاء وحدة تحقيق وادعاء جنائي في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، تختص بالتحقيق الجنائي في القضايا الجنائية المتعلقة بالفساد المالي والإداري، والادعاء فيها.
وجاء من التنظيمات أن لرئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد التنسيق مع النائب العام من أجل استمرار النيابة العامة في التحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري في بعض مناطق المملكة التي لا يوجد بها فروع لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، على أن توضع آلية محكمة بين النيابة العامة والهيئة تضمن حصر تلك القضايا ومتابعتها من قبل الهيئة وما تنتهي إليه، كما وينعقد الاختصاص المكاني في جميع الدعاوى المتصلة بقضايا الفساد المالي والإداري، للمحكمة المختصة بمدينة الرياض.
وعلى أن تتولى “هيئة الرقابة ومكافحة الفساد” اتخاذ ما يلزم حيال جرائم الفساد المالي والإداري ومرتكبيها وأطرافها، سواء كانوا من الأشخاص ذوي الصفة الطبيعية من موظفي الدولة المدنيين أو العسكريين أو من في حكمهم من المتعاقد معهم أو غيرهم، أو من الأشخاص ذوي الصفة المعنوية ذات الصلة بتلك الجرائم.
ويترتب على الحكم الصادر من المحكمة المختصة بإدانة أي موظف أو من في حكمه بجريمة جنائية تتصل بالفساد المالي والإداري، فصله من وظيفته، وإذا أسفر التحقيق مع الموظف العام أو من في حكمه وجود شبهات قوية تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة جاز لرئيس الهيئة بعد أخذ رأي رئيس الجهاز الذي يتبع له الموظف اقتراح فصله بأمر ملكي، دون أن يؤثر ذلك على استكمال إجراءات الدعوى الجنائية في حقه.
وفي حين طرأت على ثروة الموظف العام ومن في حكمه بعد توليه الوظيفة زيادة لا تتناسب مع دخله أو موارده بناءً على قرائن مبنية على تحريات مالية بارتكابه جرائم فساد مالي أو إداري، فيكون عبء الإثبات عليه للتحقق من أن ما لديه من أموال تم اكتسابها بطرق مشروعة، وفي حال عجزه عن إثبات مصدرها المشروع، تحال نتائج التحريات المالية إلى وحدة التحقيق والادعاء الجنائي في الهيئة، للتحقيق مع الموظف المعني واتخاذ ما يلزم نظاماً.
ويأتي هذا القرار في محاولة جديدة مفضوحة من نظام آل سعود للترويج على انه يعمل ضد الفساد الذي يرتبط أصلا بكبار رموزه وفي مقدمتهم ولي العهد محمد بن سلمان.