أزمات بن سلمان تلقى بظلالها السلبية على الاستثمارات الأجنبية في المملكة
ألقت الأزمات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي أحدثها الحاكم الطائش محمد بن سلمان بظلالها السلبية على الاستثمارات الأجنبية في المملكة العربية السعودية.
وعمد بن سلمان على تنفيذ مجموعة من السياسات الاجتماعية، أولها سياسة التمدين التي يستهدف بن سلمان من ورائها الانتقال بالمملكة إلى الحالة الليبرالية التي قصد بها الانفتاح على المجتمعات الغربية.
وتكمن الأزمات هنا في إجباره الشعب قسرا على القبول بأعراف لم تكن من أعرافه، وهو ما جعله يصطدم بالمجتمع، لأن تغيير أعراف الناس وتقاليدهم لا تأتي بقوة الاحتلال ومرارة السجن.
والأزمة الثانية في محاولة انتقال بن سلمان بالمجتمع، تكمن في عدم تقديره لمكانة أرض الحجاز بالنسبة للمسلمين في بقاع الأرض، لما تحويه أرضها من مقدساتهم.
فالتوسع الكبير في إقامة المنتجعات السياحية من دون وضع ضوابط تحكمها، وكذلك تيسير التأشيرات السياحية بشكل أوسع من تأشيرات الحج والعمرة خلال الفترات الماضية سبب حالة من الانزعاج لدي الرأي العام السعودي والإسلامي.
وأحدث هذا التوسع حالة من السخط ضد سياسات ولي العهد ، فمن بين تلك المشروعات، نيوم، ومنتجعات ”أمالا” وكليهما ضمن مشروعات “رؤية 2030”.
وسيقيم ولي العهد لتلك المناطق والمشروعات الجديدة مطارات خاصة، بحيث تكون متماشية مع أعراف السائحين الذي يريد بن سلمان استقطابهم من كافة دول العالم الغربي.
ويعني ذلك مجموعة من السياسات التي تسمح بالاختلاط بين الجنسين، ولبس الملابس التي يرغب فيها الزائر على عكس ما كان من قبل، وشرب الخمر والكحوليات بلا قيود.
هروب المستثمرين
ورغم جهود بن سلمان لتحقيق طموحاته المتعاكسة مع المجتمع السعودي إلا أن المستثمرين الأجانب يرون أن تلك السياسات التي يطبقها الحاكم الطائش لا تروق للمجتمع بل تصنع أزمات مجتمعية.
وبالتالي لا زال المستثمرون يشعرون بالخوف من الاستثمار في تلك المشروعات، وهو ما أثر بالسلب على كافة المبادرات التي أعلنها ولي العهد.
ووضعت خيارات بن سلمان، الدولة، بين خيارين أحلاهما مر الأول: يتمثل في استمرار كسر العادات والتقاليد قسرا وجبرا وهذا من شأنه أن يحدث حالة واسعة من السخط المجتمعي على سياساته ونظامه.
والثاني: أن يتراجع بن سلمان في تلك الخطوات وهو ما سيعيد عقارب الساعة للوراء، وبدوره سيؤثر أيضا على قرارات المستثمرين.
وسيجعل المملكة تخسر مئات المليارات من الدولارات التي ألقى بها ولي العهد في مشروعات سياحية غير مدروسة معتمداً على القبضة الأمنية التي لا تصلح لإدارة مراحل الانتقال المجتمعي.
ويتساءل مراقبون: هل يدرك بن سلمان الوضع بالتشاور مع أهل الاختصاص والخبرة في المملكة أم يسير وفق خطط هواه ليتبوأ في ساحة الفشل مقعدا جديدا؟
سياسات متخبطة
وفي محاولة لجذب المستثمرين الذين هربوا من عملية الاستثمار داخل المملكة، وخاصة من مشروعات رؤية 2030 التي أطلقها بن سلمان.
حاول ولي العهد أن تقوم حكومته بمجموعة من الإجراءات التي تسهل جذب المستثمرين إلى سوق العمل السعودي، حيث قامت مؤخرا بتخفيف تعقيدات نظام الكفيل، الذي تعمل به المملكة منذ نشأتها.
وهو النظام الذي يمنع المستثمر والعامل الأجنبي في المملكة من فتح حساب بنكي، أو تغيير مهنته، أو مغادرة البلد وقتما شاء من دون إذن مكتوب ومختوم ومعتمد من الكفيل السعودي له.
وعلى الرغم من سياسات السعودة التي قام بتوطينها ما زالت نسب البطالة بين الشباب في المملكة العربية السعودية مرتفعة.
وحاول أيضا ضرب مركزية دبي كوجهة اقتصادية أولى في الخليج، واتبع من أجل ذلك خلال الفترة الأخيرة مجموعة من السياسات.
حاول من خلالها أن يتبوأ مركز الصدارة الاقتصادي في دول الخليج بدلا من دولة الإمارات العربية، إذ هي المنافس الأشرس للملكة السعودية، التي تحاول أن تحل محل دبي لتكون المركز المالي الأول في المنطقة.
وعمل بن سلمان مؤخرا على بناء برج جدة، ليكون البرج الأعلى من برج خليفة، لكن ما أن بدأت السعودية في العمل في برج جدة، حتى شرعت الإمارات في بناء برج أطول من برج جدة، أطلق عليه “برج خور دبي”.
وبرج “خور دبي” هو مشروع سري لم يُكشف عن ارتفاعه النهائي بعد، ويتميز بصغر المساحات الصالحة للاستعمال.
وتمّ وقف العمل على “برج خور دبي” بعد فترة قصيرة من انطلاق أعمال بناء “برج جدة”، ليبدو أن الغرض الوحيد منه هو أن يكون الميزة الخفية للإمارة، بغية حرمان السعودية من تحقيق سعيها في إنجاز رقم قياسي عالمي، والاحتفاظ بلقب “أطول برج في العالم” لدبي.
وهناك فصل آخر من فصول المنافسة أو التطاحن الاقتصادي بين المملكة السعودية بقيادة بن سلمان، والإمارات بقيادة محمد بن زايد.
وحاول بن سلمان مؤخرا حصر العقود الحكومية داخل المملكة على الشركات التي يقع مقرها الرئيس في الرياض أو الدمام أو جدة.
لكن اللافت في الأمر أن اسم نيوم لم يكن بين المدن التي طرحها ولي العهد على الشركات الكبرى لإقامة مقراتها بها، كما تغافل أيضا “مدينة الملك عبدالله الاقتصادية”، وهو الأمر الذي فسره المختصون بأنه تشدد وفشل في الرؤية.
وكذلك انعدام خبرة العمل الاقتصادي، والمنافسة مع الدول، وأن ما يفعله بن سلمان ليس سوى سعي خائب لإكراه الشركات الكبرى على نقل مقراتها من الإمارات إلى المملكة السعودية.
وهذا سرعان ما كشف كذبه أمام شعبه حول أوهام مدينة الأحلام التي قتل واعتقل وهجر أهل المنطقة من أجل بنائها.