عصفت 5 أزمات اقتصادية بالمملكة العربية السعودية التي تحاول تنويع اقتصادها منذ عقود سابقة، ولعل ذلك ما أعلنه ولي العهد محمد بن سلمان خلال رؤية 2030 الاستشرافية.
لكن الصدمة المزدوجة نتيجة فيروس كورونا وإعلان حرب أسعار النفط التي أشعلها بن سلمان مع روسيا أضرت بهذه الخطط التي تركز خاصة على القطاع غير النفطي وهو ما فاقم من الأزمات الاقتصادية للمملكة.
وبالنسبة للمواطن العادي في المملكة هذا يعني شيئًا واحدًا فقط ألا وهو المزيد من التقشف.
ويبدو أن أزمتي كورونا وحرب الأسعار التي ألقت بظلالها على الاقتصاد السعودي لم تكن الأزمة الأولى في المملكة، حيث مرت البلاد خلال الـ 4 عقود الماضية بـ5 أزمات اقتصادية.
انهيار أسعار النفط عام 1986: انخفضت أسعار النفط في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وحاولت “أوبك” وضع حصص إنتاج منخفضة لمستوى تستقر عنده الأسعار.
وفشلت أوبك آنذاك لأن معظم الأعضاء كانوا ينتجون كميات أعلى من حصصهم.
وجعل ذلك الأسعار تنهار في عام 1986 إلى أقل من 10 دولارات للبرميل، وهو ما خفض إيرادات المملكة حينها من 82 مليار ريال إلى 58 مليار.
وهنا تحركت المملكة واتخذت إجراءات، منها إصدار سندات خزينة للمرة الأولى في 1987، وزيادة الرسوم الجمركية على الواردات، باستثناء المواد الأساسية، وهو ما ساهم في تخفيف العبء على كاهل الخزينة وساعد في عبور الأزمة بسلام.
أزمة 1994 النفطية: وصلت أسعار النفط إلى 12 دولارا للبرميل، فاتخذت الحكومة عددا من التدابير، منها رفع سعر البنزين، ورسوم استهلاك الكهرباء والماء، وأسعار تذاكر الرحلات المحلية.
وكذلك رفع رسوم تأسيس خط الهاتف الجديد، ورسوم التأشيرات وتصاريح العمل، وقد أدت تلك التدابير إلى زيادة الإيرادات غير النفطية بمعدل 22 %.
في نوفمبر 1997، وبعد اشتداد أزمة الانهيار الآسيوي اجتمعت دول “أوبك” في جاكارتا ورفعت إنتاجها 10% دون أن تأخذ بالاعتبار الأزمة الآسيوية، مما أدى إلى انهيار الأسعار بنسبة 40%.
وواصلت الأسعار تراجعها في 1998 ووصلت إلى 9 دولارات للبرميل، واتخذت السعودية المزيد من الإجراءات، منها تحويل قطاع الاتصالات إلى شركة مساهمة برأسمال 12 مليارا.
ورفع أسعار البنزين للمرة الثانية من 60 هللة إلى 90 هللة للتر الواحد، ورفع رسوم تأشيرة العمل من 1000 ريال إلى 2000 ريال. وقد تعافت الميزانية الحكومية مع تصاعد أسعار النفط بعد ذلك بفترة.
الكساد العالمي في 2008: بدأت أزمة مالية عالمية اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929.
وانطلقت من الولايات المتحدة ثم امتدت إلى دول العالم، وأعلنت السعودية حينها عن دعم برنامج الاستثمار في القطاعين الحكومي والنفطي
وزيادة الإنفاق على مشاريع الخدمات الأساسية لتعزيز قدرة القطاع الخاص، وأثبتت قدرة الاقتصاد السعودي على تحمل الصدمات وتجاوز آثارها.
أزمة 2014: اختتمت أسعار النفط في 2014 عند مستويات منخفضة، حول 50 دولارا للبرميل، واتخذت المملكة خطوات عملية من بينها إصلاحات اقتصادية لتعزيز وزيادة الإيرادات غير النفطية
ورفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء والمياه، وزيادة رسوم التأشيرات وبعض الخدمات البلدية، بالإضافة إلى استحداث رسوم جديدة مثل تأشيرة الزيارة.
أزمة 2020: بدأت الرياض حرب الأسعار في آذار/ مارس في محاولة واضحة لإلحاق الضرر بالمنتجين المنافسين، وذلك حتى مع تراجع الطلب العالمي جراء كوفيد-19.
أغرق ولي العهد الحاكم الطائش محمد بن سلمان، السوق بالنفط، ولكن هذه الاستراتيجية أدت إلى انخفاض عائدات تصدير النفط الخام بنسبة 65 في المئة مقارنة بشهر نيسان/ أبريل 2019.
كان بن سلمان يأمل أن تكون السياحة جزءا محوريا من رؤية 2030، وذلك في إطار مشروع تنويع الاقتصاد الذي وضعه بتحديد هدف يتمثل في استقبال 100 مليون زائر سنويًا بحلول سنة 2030.
لكن في أعقاب كوفيد-19، من المتوقع أن تشهد الرياض في سنة 2020 انخفاضًا بنسبة 35-45 في المئة في قطاع السياحة أي ما يعادل انخفاضًا في الإيرادات بنحو 28 مليار دولار.
وتمثل النكسات الأخرى التي طالت المملكة في قرار اقتصار الحج السنوي على ألف حاج فقط، ناهيك عن تعليق رحلات العمرة منذ شهر آذار/ مارس.
ولجأ بن سلمان إلى فرض ضريبة القيمة المضافة لأول مرة، وخفض دعم الوقود، كما أعاد إلى رفع ضريبة القيمة المضافة بثلاثة أضعاف لتصل إلى 15 بالمئة.
وعمد بن سلمان أيضا على فرض الضرائب في مختلف الخدمات الحكومية والتجارية، وارتفعت نسبة البطالة، وانتشرت ظاهرة التسول والفقر وهروب السعوديين إلى أوروبا.
أجبر انخفاض أسعار النفط وأزمة كوفيد-19 السعودية على اقتراض 26.6 مليار دولار بعد أن استنزفت احتياطيات النقد الأجنبي.
وحتى نهاية 2019 بلغ الدين العام للمملكة 678 مليار ريال (181 مليار دولار)، يشكل 24% من الناتج المحلي، حسب بيانات رسمية.