وجه نظام آل سعود شركة النفط الوطنية (أرامكو) إلى تخفيض إنتاجها من النفط الخام ليونيو/حزيران بقدر طوعي إضافي يبلغ مليون برميل يوميا، فوق التخفيضات التي تعهدت بها المملكة سابقا بموجب اتفاق (أوبك بلس).
وقال مسؤول في وزارة الطاقة إنه بهذا سيصل إجمالي خفض الإنتاج الذي ستطبقه المملكة إلى حوالي 4.8 ملايين برميل يوميا من مستوى إنتاج أبريل/نيسان.
وأوضح أنه سيكون إنتاج المملكة ليونيو/حزيران -بعد الخفض المستهدف والطوعي- 7.492 ملايين برميل يوميا.
وجاء هذا القرار بعد ساعات من إعلان وزارة المالية في الممكلة عن إجراءات “مؤلمة” لإنقاذ الموازنة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو/تموز المقبل، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو/حزيران المقبل.
كما يأتي قرار خفض إنتاج النفط بعد أيام من نشر وكالة “رويترز” تفاصيل مكالمة عاصفة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، هدد فيها الأخير بقطع الدعم العسكري إذا لم تتوقف المملكة عن إغراق الأسواق، في أعقاب حرب أسعار مع روسيا أشعلتها الرياض وأدت إلى خفض انهيار تاريخي لأسعار الخام مما أضر بصناعة النفط الصخري الأميركي.
ويتساءل مراقبون: “هل جاء خفض الإنتاج تحت ضغوط ترامب لتخفيف الأعباء على واشنطن؟، وما إذا كان العجز الكبير الذي ستشهده ميزانية المملكة في أعقاب هذا الخفض ستتم مواجهته من خلال مزيد من زيادة الأعباء على المواطنين.
وقد هوى المؤشر العام لأسهم المملكة في المعاملات المبكرة، اليوم الاثنين، بعد إعلان نظام آل سعود سلسلة إجراءات مالية تقشفية، تتضمن زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها، ووقف بدل غلاء المعيشة لموظفي الدولة.
وانخفض المؤشر العام بنسبة 2.8% بعد أن تراجعت أسهم 178 شركة من إجمالي 200 شركة مدرجة في السوق، فيما سيطر الخوف على المستثمرين من الإجراءات الحكومية لتقليص الإنفاق على المشروعات وفرض ضرائب متزايدة على مختلف المجالات.
وقد هوى الطلب العالمي على النفط نحو 30%، إذ تقلص جائحة “كورونا” حركة النقل في أنحاء العالم، مما أدى إلى زيادة المخزونات عالميا.
ولتقليل فائض الإمدادات، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون متحالفون معها، في إطار ما يعرف بمجموعة (أوبك بلس)، على خفض الإنتاج اعتبارا من أول مايو/أيار الحالي نحو عشرة ملايين برميل يوميا، في مسعى لدعم الأسعار.
ووصف مراقبون هذا الاتفاق بأنه لم يسبق له مثيل، وبناء عليه سيخفف المنتجون القيود ببطء بعد يونيو/ حزيران، رغم أن التخفيضات في الإمدادات ستظل قائمة حتى أبريل /نيسان 2022.
وقال كريستيان مالك، العضو المنتدب لدى جيه.بي مورجان، إنه يتوقع أن تعمق السعودية التخفيضات بشكل أكبر، ربما بما بين مليون برميل يوميا و1.5 مليون برميل يوميا أخرى تحت ضغط من ترامب وضغوطها المالية في الداخل.
وقبل أيام، أعادت الشركة الأضخم في العالم (أرامكو) النظر في صفقة شراء حصة مسيطرة في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عقب انخفاض قيمة الأخيرة أكثر من 40 بالمائة.
وتحدد سعر الصفقة عند 123.39 ريال (32.86 دولار) لكل سهم في (سابك) عند إعلانها في مارس/ آذار 2019، لكن السهم حاليا عند حوالي 70 ريالا، حيث كبد انهيار أسعار النفط وجائحة “كورونا” (سابك) خسائر للفصل الثاني على التوالي في الربع الأول من العام.
وتتزامن هذه الأحداث مع تصاعد حالة الغضب في المملكة من قرارات حكومية تسمح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وذكرت وسائل إعلام سعودية أن القرارات الحكومية تتيح لصاحب العمل إنهاء عقود الموظفين بعد 6 أشهر من “الظرف القاهر”، وأن القرارات تأتي في إطار ما يواجهه سوق العمل نتيجة إجراءات الإغلاق لمكافحة جائحة “كورونا”.
ويتساءل مراقبون: ماذا تبقى من رؤية 2030 لولي العهد محمد بن سلمان وماذا تبقى من الصورة الحالمة للمملكة واقتصادها بعد أن أصبحت أهم ركائز الرؤية وهي الاقتصاد تتداعى بشكل مريع بعد تهاوي أسعار النفط واستثمارات كبدت خسائر بمليارات الدولارات؟.
وقد كان شرط نجاح رؤية بن سلمان بلوغ أسعار النفط 100$ للبرميل وعلى هذا الأساس كان تقييم شركة (أرامكو) قبل طرحها للاكتتاب العام المثير للجدل فيما يشكل سعره 80$ للبرميل شرطاً لبلوغ التوازن في الميزانية العامة للمملكة.
لكن الأسعار اليوم عند مستويات متدنية جداً لتحقيق التوازن فضلاً عن الرؤية ولعل أكثر من يقف على جمر الإصلاحات الاقتصادية المتعثرة هم المواطنون والمقيمون على حد سواء بعد أن فرضت عليهم الحكومة رسوماً متعددة ومتنوعة استهدفت المقيمين والعمالة الأجنبية.