تحاول المملكة جذب المستثمرين والأثرياء للاكتتاب بشركة أرامكو النفطية وذلك بعد الفشل الذريع في تحقيق هدفها الرئيس بعملية بيع الاسهم.
ونقلت مصادر إعلامية عن مصدر مطلع قوله إن كبار مسؤولي أرامكو اجتمعوا مع مستثمرين في دبي للترويج للاكتتاب بأسهم الشركة، وإن المسؤولين يعتزمون لقاء مستثمرين في أبوظبي أيضاً لإقناعهم بذلك.
كما ذكرت المصادر أن اجتماعاً مماثلاً عُقد بالكويت قبل أسابيع، وترأسه الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر، وذلك لإقناع مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار الكويتية بالمشاركة في الاكتتاب.
وقبل أيام أكدت مصادر مطلعة لوكالة رويترز العالمية أنه حتى الآن “لم تعلن أي شركة أو صندوق حكومي كبير عن المشاركة في طرح أرامكو”.
من جانبه ذكر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أحمد الخليفي، أنه لم يلحظ أي تأثير للاكتتاب في أسهم أرامكو على السيولة المصرفية.
وأضاف أن القطاع المصرفي المحلي لديه سيولة كافية، ولا يواجه أي تذبذب في وفرة النقد المحلي أو الأجنبي.
وتابع أن المؤسسة تراقب جميع المؤشرات بشكل يومي، وفي حال حدوث أي شح ستُضخ السيولة اللازمة، وهو ما يؤكد ضعف الإقبال على الاكتتاب بالشركة السعودية.
في ذات السياق نقلت “رويترز” أيضاً عن مصادر قولها إن البنوك السعودية تسوق قروضاً لتشجيع المواطنين على الاكتتاب، ويعرض بعضها أربعة أمثال السقف المعتاد مقابل الاحتفاظ بالأسهم نيابة عن المكتتبين كضمان.
وأعلنت شركة بتروناس الماليزية الحكومية للطاقة، الجمعة الماضي، أنها لن تشارك في الطرح العام الأولي لأرامكو.
وتخطط الشركة السعودية لبيع حصة 1.5% من أسهمها عبر اكتتاب يهدف إلى جمع ما يصل إلى نحو 26 مليار دولار.
وكانت هيئة السوق المالية السعودية أعلنت، في 3 نوفمبر، الموافقة على طلب شركة النفط الحكومية السعودية “أرامكو” تسجيل وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام.
وعلى الرغم من أن بن سلمان حدد، في مطلع 2016، تقييماً للشركة يصل إلى تريليوني دولار، فإن مصرفيين ومسؤولين بالشركة يقولون إن تقييم “أرامكو” يقترب من 1.5 تريليون دولار، أي أقل مما كان يريده بن سلمان.
وفي عام 2018، قرر بن سلمان تأجيل الاكتتاب؛ لأن تقييم الشركة، وفقاً لحسابات المصرفيين بعد اجتماعات مع مستثمرين محتملين، كان دون هذا الحد.
وستكون عملية الاكتتاب على مرحلتين؛ تبدأ الأولى في سوق الأوراق المالية السعودية “تداول”، في ديسمبر المقبل، على أن تكون المرحلة الثانية في عام 2020 بإحدى البورصات العالمية، وستُطرح 5% من أسهم “أرامكو” للاكتتاب العام.
وكان أكد تقرير بريطاني أن ما سيجبيه نظام آل سعود من وراء اكتتاب شركة أرامكو الحكومية النفطية متواضعة ومحدودة وقد لا تتجاوز تغطية العجز المالي بالمملكة لمدة ستة أشهر.
وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة (ذي تلغراف) البريطانية إن المبالغ المتواضعة التي ستجنيها السعودية من “خصخصة” أرامكو أن مصدري النفط أصبحوا في الوقت الضائع، مع تغيير العالم سياسات الطاقة الخاصة به.
وقال التقرير إن مبلغ 25 مليار دولار لن يكون له أي تأثير مفيد على رؤية 2030 لمحمد بن سلمان، واصفة تلك الرؤية بأنها خطة مسرحية لكسر إدمان النفط والتنويع في كل شيء من مصانع السيارات إلى إنتاج الأسلحة.
وأضاف أن ولي العهد لن يذهب بعيدا لإطلاق مشروع “نيوم” عملاقته البيضاء التي تبلغ قيمتها نصف تريليون دولار على البحر الأحمر.
وقال الكاتب إن النظام السعودي لجأ إلى الحيل لبيع 1.5% من أسهم أرامكو في بورصة “تداول” المحلية، كما فعل في “ريتز كارلتون” للأمراء، مضاعفا الرافعة المالية للبنوك لتمكين عملاء التجزئة السعوديين من شراء الأسهم.
ولن يمس الأجانب الآخرون شركة أرامكو -حسب الكاتب- حتى بعد تخفيض قيمتها من تريليوني دولار إلى 1.6 أو 1.7 تريليون، لأن احتياطيات النفط النظرية لا تساوي الكثير هذه الأيام بسبب ردة الفعل المناخية، وتجنب صناديق الثروة الكبيرة الأصول العالقة ومخاطر التقاضي.
ونبه التقرير إلى أن بلدا كالسعودية عليه تغطية رابع أكبر ميزانية عسكرية في العالم والحرب في اليمن، بالإضافة إلى تمويل مصر ودفع ثمن نظام الرفاه الذي يشكل بالنسبة له الغطاء السياسي، وسيكون محتاجا إلى كل دولار من العائدات الحالية.
ولذلك فإن شراء أسهم في احتكار الدولة الذي هو في نفس الوقت شريان الحياة المالي للنظام يعد مخاطرة بالمصير، متسائلا: هل سيقاوم ولي العهد بسحب عائدات أرامكو من خلال الضرائب حتى لا يترك أي شيء للأرباح؟
تعتبر تقلبات أرامكو حسب التقرير لحظة مهمة لأوبك، لأنها قد تضع حدا للمنظمة في وقت أبكر مما كانت تخشى، خاصة أن بلدان المنظمة بنت هيكل الإنفاق على مجرد افتراضات، كبقاء سعر برميل النفط عند مئة دولار، واستمرار الازدهار الصيني، وهو ما تغير بعد خمس سنوات.
وسيكون الشتاء قاتما لتحالف أوبك وروسيا -حسب التقرير- لأنهم يواجهون مرة أخرى خطر انخفاض الأسعار ما لم يتفقوا على مزيد من خفض الإنتاج، رغم توقع نمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.2 مليون برميل العام المقبل، وذلك بسبب أن المعروض من كندا والبرازيل والنرويج وغويانا والولايات المتحدة سيرتفع بمقدار 2.3 مليون برميل في اليوم.
ورأى التقرير أن المخاطرة لأوبك وروسيا هي أن السعر “المنخفض لمدة أطول” قد يمتد إلى منتصف العقد المقبل، وهو وقت ستكون السيارات الكهربائية قد أصبحت بنفس سعر محركات البنزين والديزل، مع تكاليف أقل بكثير لمدى الحياة.