مخاطر جسيمة تعترض نجاح اكتتاب أرامكو
تعترض المخاطر الجسيمة فرص نجاح الاكتتاب العام في شركة أرامكو النفطية من بينها الهجمات الإرهابية والدعاوى القضائية ما يقد يشكل ضربة قاصمة لخطط محمد بن سلمان الاقتصادية.
وأرامكو هي أكبر منتج للنفط في العالم، إذ تضخ 10% من المعروض العالمي، وهي أيضا الأعلى ربحية في العالم، ويعد فتح الاكتتاب العام لجزء من أسهم من الشركة المحور الرئيسي لرؤية 2030 التي أطلقها بن سلمان.
وكشفت شركة أرامكو عن نشرة طرحها العام الأولي، مستعرضة فيها المخاطر الجوهرية الرئيسية التي قد تؤثر تأثيرا عكسيا على أنشطة الشركة أو مركزها المالي.
وتسبب تراجع أسعار النفط في انخفاض صافي ربح الشركة للنصف الأول من العام 12% إلى 46.9 مليار دولار، لكن الرقم يظل أعلى بكثير مما حققته أبل الشركة المدرجة الأعلى ربحية في العالم التي حققت 31.5 مليار دولار.
وفيما يلي المخاطر الرئيسية وفقا لنشرة الطرح:
العمليات: – قد تتأثر العمليات -وفقا للشركة- بأسعار النفط العالمية والعرض والطلب على النفط والتطورات الاقتصادية والجيوسياسية التي قد تؤثر على التجارة العالمية، فضلا عن تأثير تغير المناخ في الطلب على النفط والغاز وأسعارهما.
الحكومة السعودية تحدد سقف إنتاج المملكة من النفط، ومالية الدولة مرتبطة ارتباطا وثيقا بصناعة النفط والغاز.
قد تتأثر عمليات أرامكو بقرارات تتعلق بمستويات الإنتاج تتخذها المملكة بصفتها عضوة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، أو بقرارات دول منتجة أخرى.
قد تكلف الحكومة السعودية أرامكو بالقيام بمشاريع أو تقديم المساعدة في مبادرات خارج نشاطها الأساسي.
وقد يتأثر مركز أرامكو المالي سلبا إذا ألغت المملكة ربط عملتها بالدولار.
التأمين: تأمين أرامكو لا يغطي جميع المخاطر، وقد لا يحميها في مواجهة الالتزامات الناجمة عن أحداث محتملة مثل التسربات النفطية الكبيرة والكوارث البيئية والهجمات الإرهابية أو أعمال الحرب.
التقاضي: سبق أن واجهت أرامكو دعاوى قضائية كبيرة، بما في ذلك مزاعم بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار ترتبط جزئيا بعضوية المملكة في أوبك.
وأُسقطت دعاوى الاحتكار المرتبطة بعضوية أوبك بفضل الحماية التي يسبغها القانون الأميركي على الأعمال السيادية، لكن لا يوجد ما يضمن نجاح الشركة في الاحتماء بتلك الدفوع في المستقبل.
الإرهاب والصراعات: عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاضطرابات والصراعات المسلحة الفعلية والمحتملة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومناطق أخرى قد تؤثر على عمليات أرامكو ومركزها المالي.
والإرهاب والصراعات المسلحة قد يؤثران تأثيرا جوهريا وعكسيا على سعر أسهمها في السوق.
ومن المتوقع أن يكون الطرح العام الأولي هو الأضخم في البورصة المحلية التي حدثت منصتها لاستيعاب حجم التداول الضخم بشكل استثنائي، لكن التغييرات على آليات التداول وإجراءاته لم تخضع للاختبار، ولا توجد ضمانات بأن تسهل الإدراج على نحو ملائم.
ولن يحتفظ المكتتبون الأجانب غير المؤهلين بالملكية القانونية لأسهم الطرح، ولن يتمكنوا من التصويت عن الأسهم التي يتمتعون فيها بمنافع اقتصادية.
وجميع مشتريات الأسهم ومبيعاتها على البورصة المحلية ستكون مقومة بالعملة المحلية.
كما لا توجد ضمانات لقدرة المستثمرين الأجانب على تدبير الريال بالمبالغ الضرورية لشراء حجم الأسهم التي يرغبون في شرائها أو مبادلتها.
وستظل حكومة آل سعود تحتفظ بحصة مسيطرة بعد الطرح الأولي، وستكون قادرة على فرض السيطرة في المسائل التي تتطلب موافقة المساهمين.
وسيكون للحكومة حق النقض فيما يتعلق بأي إجراء لحملة الأسهم أو موافقة تستلزم أغلبية تصويتية.
وبوسع أرامكو تغيير سياسة توزيعات أرباحها دون إخطار مسبق لمساهمي الأقلية، وخلت نشرة الطرح الواقعة في أكثر من 600 صفحة من أي تفاصيل عن حجم ما ستدرجه الشركة إجمالا أو أي التزامات من مستثمرين رئيسيين.
وكانت مصادر قالت إن الشركة قد تبيع بين 1 و2% في سوق الأسهم السعودية فيما قد يصبح أكبر إدراج في العالم.
وسيبدأ الطرح للمستثمرين من المؤسسات في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وينتهي في الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل، في حين سيكون بوسع المستثمرين الأفراد الاكتتاب في الأسهم ابتداء من 17 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الـ28 منه، حسبما ذكرته النشرة.
وكانت منشآت لأرامكو السعودية قد استهدفت في 14 سبتمبر/أيلول الماضي بهجمات غير مسبوقة أوقفت مؤقتا 5.7 ملايين برميل يوميا من الإنتاج بما يتجاوز 5% من المعروض النفطي العالمي.
في هذه الأثناء أفاد تقرير مشترك لعدد من الكتاب -نشرته وكالة بلومبرغ الأميركية- أن المملكة ستعتمد على الصين والعائلات الثرية بالمملكة لإنجاح الاكتتاب العام لشركة أرامكو، في ظل عزوف المديرين الماليين الدوليين.
وتتعرض للضغوط عائلات سعودية ثرية -بعضُ أفرادها كانوا ممن احتُجزوا بفندق ريتز كارلتون عام 2017 ضمن ما أطلق عليه حملة لمكافحة الفساد- لدفعهم إلى المساهمة بمبالغ ضخمة بالشركة، من بينها عائلتا العليان والوليد بن طلال -وفق ما ورد بالتقرير- كما يتم حاليا السعي للحصول على التزامات من عائلتي المجدوعي وتركي لنفس الغرض.
وجاء في التقرير أنه بعد مرور أسبوع على الإعلان عن طرح أرامكو بالبورصة السعودية، بدأت ملامح الصفقة في التشكل، إذ يُقبل عليها المستثمرون ذوو الأهداف السياسية والإستراتيجية، ولكن يبدو أن كثيرا من المديرين الماليين الدوليين اختاروا عدم المشاركة على الأقل حتى يقرر ولي العهد محمد بن سلمان خفض طموحاته بشأن قيمة الصفقة.
يقول تقرير الكتّاب إن الصين التي تعتبر أكبر مستورد للنفط قد تلتزم بما يصل إلى عشرة مليارات دولار من خلال صناديق الثروة السيادية وغيرها من الشركات المملوكة للدولة، وذلك وفقا لأشخاص مطلعين على الوضع.
وبحسب تقرير بلومبرغ فإن مديري الصناديق يظلون متشككين حتى مع تخفيض الرياض التقييم المستهدف لأرامكو من تريليوني دولار إلى حوالي 1.7 تريليون.
ويضيف أن هناك الكثير على المحك بالنسبة لولي العهد الحاكم الفعلي للمملكة، وبالنسبة لخطة رؤية 2030 لإصلاح الاقتصاد.
ويشير التقرير إلى أن بن سلمان اقترح طرح أرامكو للاكتتاب عام 2016 في محاولة لجمع الأموال لصندوق الثروة السيادي، غير أنه سرعان ما حاصر نفسه من خلال المطالبة بتقييم تريليوني دولار للشركة، وهو رقم يعتمد على مقارنة احتياطيات السعودية النفطية الهائلة مع تلك الموجودة لدى شركات النفط العالمية الكبرى مثل شركة إكسون.
ويضيف أن المحللين لطالما تحدوا حسابات بن سلمان في هذا السياق، قائلين إن المقاييس مثل التدفق النقدي وعائد توزيعات الأرباح هي الأساس في التقييم.
وينسب التقرير إلى توربيورن سولتفلدت المحلل الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشركة فيريسك مابلكروفت -في مذكرة- أن بن سلمان سيدرك تماما أن التركيز فقط على التقييم يهدد بإلحاق الضرر بالقيمة الرمزية للاكتتاب العام.
ويضيف سولتفلدت أن الضغط على المواطنين الأثرياء للاستثمار في أرامكو في محاولة لتعزيز تقييم الشركة لن يؤدي إلا إلى تعزيز المخاوف بشأن الحوكمة.
ويشير التقرير إلى أن مديري الصناديق يشعرون بالقلق من أن الحكومة -التي قد تبيع حوالي 2% فقط من أرامكو- لن تعطي رأيًا كافيا لمساهمي الأقلية.
كما يشير إلى أن المخاطر الجيوسياسية الإقليمية -التي تم التأكيد عليها عندما تعرضت منشآت تابعة لأرامكو للهجمات في سبتمبر/أيلول الماضي- تؤثر أيضا على حسابات المستثمرين.
وفي تقرير آخر منفصل نشرته بلومبرغ، فإن محمد بن سلمان ربما يكون قد خفض تقييمه لأرامكو إلى 1.7 تريليون دولار بدلا من التريليونين وهي القيمة التي كان يراهن عليها منذ سنوات، في وقت تستعد فيه الشركة لطرح عام أولي.
ويقول التقرير إنه بالرغم من هذا التخفيض في التقييم من جانب بن سلمان، فإن بعض أكبر المستثمرين في العالم يقولون إنه لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية.
ويعتقد مديرو الأموال بمن فيهم “أليانز بيرستين” و”يونيون برايفاتفوندس إنفسمينت” ومقرها فرانكفورت بألمانيا أن أرامكو تساوي أقل من 1.7 تريليون دولار، وهو المبلغ الذي يقال إن بن سلمان مستعد لقبوله.
ويضيف التقرير أن هذه الشركات قلقة من أن الحكومة السعودية -التي قد تبيع حوالي 2% فقط من أرامكو- لن تعطي رأيا كافيا للأقلية من المساهمين.
ويلفت إلى أنه بينما يتوقع أن يأتي الجزء الأكبر من الأموال من مستثمرين سعوديين ومن الصين، فإن الفشل في جذب النقد الأجنبي أو هبوط سعر سهم أرامكو عندما يبدأ التداول بالرياض في 11 ديسمبر/كانون الأول القادم قد يأتي بنتائج عكسية على بن سلمان.
ويعد الاكتتاب العام جزءا رئيسيا من رؤية بن سلمان الكبرى لفتح اقتصاد السعودية أمام الاستثمار الأجنبي وتقليل اعتمادها على النفط.
وتنسب بلومبرغ إلى سلافا بريوسوف المحلل البارز بشركة “أليانز بيرستين” في نيويورك القول إن أرامكو تساوي أقل بكثير من 1.5 تريليون دولار، مضيفا أن محللا بأحد البنوك التي رتبت بيع الأسهم فشل في إقناعه بخلاف ذلك في اجتماع الأربعاء الماضي.
ويشير التقرير إلى أن أقل تقييم لأرامكو كان 1.2 تريليون دولار، وأن سانفورد بيرنستين التي لا تشارك بالاكتتاب قالت إن التقييم العادل يتراوح بين 1.2 تريليون و1.5 تريليون دولار، وذلك بناء على مقاييس مثل الأرباح الموزعة وتوقعات الأرباح.
ويختم بالقول إن أموال الاكتتاب العام ستذهب إلى صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي الذي يقود خطط بن سلمان لتنويع الاقتصاد.