كشفت مصادر في شركة أرامكو النفطية أن الحكومة تواجه قيوداً لمدة عام على بيع مزيد من أسهم الشركة في أعقاب الإدراج المحلي، مما يعني أن أي طرح أولي في الخارج لن يكون على الأرجح في 2020.
وتبددت آمال أولية بإجراء طرح أولي لخمسة في المائة من أسهم أرامكو في البورصات المحلية والدولية العام الماضي حينما توقفت العملية وسط خلافات بخصوص مكان الإدراج الخارجي.
وكانت الشركة أكدت في بيان يوم الأحد الماضي، أنها والمساهم البائع سيخضعان لقيود على البيع أو التخلي عن الملكية أو إصدار أسهم إضافية، لكنه لم يحدد موعد انتهاء القيود.
وقالت أرامكو إن الطرح الأولي تأخر لأنها بدأت عملية الاستحواذ على 70 في المائة من الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)المنتجة للبتروكيماويات.
وأكدت ثلاثة مصادر مطلعة في الشركة أن الحكومة السعودية تخطط لبيع اثنين في المائة من شركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو في إدراج محلي في 11 ديسمبر/كانون الأول.
وقالت إن الحكومة تتطلع لإدراج اثنين في المائة من الشركة في البورصة السعودية بدلا من إدراج كامل رأس المال في البورصة.
وعادة ما تدرج الشركات العامة كامل رأس المال في البورصة وتشكل الأسهم حرة التداول حصة من ذلك.
وأضافت المصادر أن من المقرر صدور التسعير النهائي للطرح الأولي في الخامس من ديسمبر /كانون الأول ومن المتوقع أن يبدأ تداول أسهم الشركة في بورصة الرياض في 11 منه.
وقالت المصادر إن الجولات الترويجية للطرح الأولي في الرياض ستبدأ في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وأبلغ مصرفيون الحكومة السعودية أن المستثمرين سيقدرون تقييم الشركة على الأرجح بنحو 1.5 تريليون دولار، وهو أقل من مبلغ التريليوني دولار الذي كان يريده ولي العهد السعودي حينما طُرحت فكرة الإدراج للمرة الأولى قبل أربع سنوات.
وكتب محللو برنشتاين في مذكرة اليوم “ستصبح أرامكو أكبر شركة من حيث القيمة السوقية على مؤشر “ام.اس.سي.آي” للأسواق الناشئة بعد الإدراج لكنها لن تشكل سوى 0.5 أو 0.6 في المائة من المؤشر في ضوء توقع منحها وزنا منخفضا عليه.”
في السياق، قالت شركة النفط والغاز الحكومية الماليزية بتروناس إن أرامكو خاطبتها للمشاركة في الطرح العام الأولي لها، في تحرك قد يُساهم في تعزيز العلاقات بين الشركتين.
وأطلقت أرامكو الطلقة الأولى في الطرح الأولي المحلي يوم الأحد، بعد مسلسل بدايات كاذبة، لكنها لم تعلن تفاصيل عن حجم الحصة التي ستبيعها وتوقيت البيع.
يأتي التواصل في الوقت الذي تقترب فيه بتروناس من بدء التشغيل التجاري لمشروع تكرير وبتروكيماويات حجمه 27 مليار دولار شيدته بالاشتراك مع أرامكو جنوب ماليزيا.
ويجمع مراقبون على أن الإعلان أخيرا عن طرح وإدراج جزء من أسهم شركة أرامكو النفطية للاكتتاب العام في البورصة المحلية شكل قصة فشل جديدة لمحمد بن سلمان ورؤيته الاقتصادية المزعومة.
ويكمن الفشل الذي منيت به خطط بن سلمان بالتدهور الشديد للقيمة الإجمالية لأسهم أرامكو وطموحات ولي العهد السابقة بأن تتجاوز القيمة بحدود تريليوني دولار.
وحاول مرتزقة بن سلمان التغطية على هذا الفشل بزعم أن الطرح العام الأولي لأرامكو هو “خطوة مهمة لتحقيق رؤية 2030”. والاكتتاب العام لأكثر شركة تحقيقا للأرباح على مستوى العالم هو حجر الزاوية في خطة بن سلمان الاقتصادية.
ورغم أن بن سلمان حدد في مطلع 2016 تقييما للشركة يصل إلى تريليوني دولار، فإن مصرفيين ومسؤولين بالشركة يقولون إن قيمة أرامكو أقرب إلى 1.5 تريليون دولار.
وكان بن سلمان يأمل جمع مئة مليار دولار -وفق قيمة للشركة تقدر بتريليوني دولار- في عملية تأجلت مرارا لعوامل عدة، بينها انخفاض أسعار النفط.
وتقرر تأجيل الاكتتاب أكثر من مرة، لأن تقييم الشركة وفقا لحسابات المصرفيين بعد اجتماعات مع مستثمرين محتملين، كانت دون مستوى ما يتطلع إليه بن سلمان.
ويتوقع مراقبون طرح النسبة الضئيلة من شركة النفط العملاقة على أساس تقييم للشركة بين 1.5 تريليون دولار و1.7 تريليون، مما يعني أن ولي العهد قرر التراجع عن السقف الذي سبق أن حدده.
وقال كريستيان أولريشسون الباحث في معهد بيكر في الولايات المتحدة “يبقى أن نرى ما إذا كانت السلطات السعودية ستتوصل إلى تسوية بين ما يريده ولي العهد وواقع تقييم أرامكو في السوق”.
ورأى الباحث أن “تأجيل الطرح مرارا وتقديمه على أنه مكون رئيسي في خطة ولي العهد لتحويل السعودية، يجعل المستثمرين الدوليين يراقبون عن كثب أداء أرامكو في السوق المحلية”.
بدورها قالت شينزيا بيانكو -الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- إن خطوة الطرح في السوق المحلية “لا تواجه عراقيل مهمة مقارنة بالعملية ذاتها في البورصة الدولية”.
وعلى الأرجح ستباع أسهم مجموعة أرامكو في منتصف ديسمبر/كانون الأول، على أن تلي ذلك عملية طرح ثانية في بورصة عالمية في موعد لم يتّضح بعد.
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر إن الشركة ستصدر نشرة الطرح الأولي في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني.
وحتى مع تقييم أرامكو عند 1.5 تريليون دولار، ستظل قيمتها أعلى 50% على الأقل عن الشركتين الأعلى قيمة في العالم، مايكروسوفت وأبل، اللتين تبلغ القيمة السوقية لكل منهما نحو تريليون دولار.
وقالت مصادر لوكالة رويترز العالمية للأنباء إن شركة النفط قد تطرح ما بين 1% و2% من أسهمها بالبورصة المحلية لتجمع بين 20 و40 مليار دولار.
وحاولت سلطات آل سعود الضغط على السوق المحلية على الاكتتاب في الشركة قبل عملية الطرح، وذلك عبر دعوة العائلات الثرية إلى شراء حصص، بينما روّجت وسائل إعلام محلية لعملية الشراء على أنها عمل وطني.
في الوقت نفسه فإنه لا إدراج دوليا في أي سوق أجنبية حتى الآن، هذا ما صرح به رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان.
وظلت وول ستريت في حالة ترقب شديد لبيع أرامكو -أكبر شركة نفط في العالم- لحصة منذ أن أعلن محمد بن سلمان النبأ قبل ثلاثة أعوام.
وتحطمت الآمال في إدراج دولي ناجح لنحو 5% من أسهم الشركة عند وقف البيع العام الماضي، وسط جدل بشأن مكان إدراج أرامكو في الخارج.
وقالت أرامكو إنها تنوي الإعلان عن إجمالي توزيعات أرباح نقدية للأسهم العادية بقيمة 75 مليار دولار على الأقل في 2020.
وسيعني هذا عائدا للسهم قدره 5% في حال تقييم الشركة عند 1.5 تريليون دولار، وهو أقل من ذلك الذي يعرضه منافسون مثل إكسون موبيل ورويال داتش شل.
ويرى مراقبون أن الهجوم على أرامكو منتصف سبتمبر/أيلول الماضي أدى إلى تنامي مخاوف ترافق المستثمرين العالميين إزاء قدرة المملكة على حماية واحد من أهم منشآت الطاقة العالمية.
لكن أرامكو قالت في البيان إنها لا تتوقع أن يكون للهجمات أثر جوهري على الأعمال أو الوضع المالي أو نتائج الشركة. كما ترفع كبرى شركات النفط مدفوعات حملة الأسهم لمواجهة الضغط المتزايد من ناشطي المناخ.
ودفع تنامي حركة مكافحة تغير المناخ واستخدام تقنيات جديدة تراعي البيئة، بعض مديري الصناديق، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، للابتعاد عن قطاعي النفط والغاز.
لكن الرئيس التنفيذي لأرامكو أمين الناصر قال خلال المؤتمر الصحفي إن شركة أرامكو تركز على الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وعبر مراقبون في وقت سابق عن اعتقادهم بأن الطرح العام الأولي لأرامكو ربما مارس ضغوطا على سوق الأسهم في المملكة.
ومع قبول البورصة في المملكة رسمياً إدراج “أرامكو”، وهو إجراء رمزي، فإنه حتى الآن لا يزال ينتظر المستثمرون الإجابة عن العديد من الأسئلة الخاصة بعملية الطرح.
من بين أهم الأسئلة التي يترقب المستثمرون الإجابة عنها، القيمة الرأسمالية لشركة أرامكو التي سيتم الاكتتاب بها في البورصة السعودية، والتي سيتحدد على أساسها سعر السهم للمستثمرين، وما هي الضمانات التي ستمنح للمستثمرين، وما هي الحصة التي ستطرحها في البورصة السعودية” تداول” إلى جانب أسئلة أخرى.
كما لم يحدد نظام آل سعود الحصة التي ستطرح في السوق المحلية، هل هي واحد أو اثنين بالمئة من حصة الـ5.0% التي تنوي بيعها للمستثمرين. وسيكون لحجم الحصة المطروحة تأثير كبير على البورصة وعلى السيولة في البنوك، حيث أن البورصة السعودية ليست كبيرة بحيث تتحمل طرح حصة كبيرة.