كشفت صحيفة الغارديان البريطانية وجود أدلة تفضح تستر محمد بن سلمان على قتل التحالف للمدنيين في اليمن، فيما يتوقع مراقبون أن يتحول ملف الحرب إلى ملف ابتزاز كبير جداً لنهب مئات المليارات من المملكة.
وأوردت صحيفة الغارديان عن تلقي حكومة المملكة المتحدة تقريرا يوثق تستر الرياض على الغارات الجوية الغير قانونية التي شنها تحالفها على اليمن.
وقالت الصحيفة إن مجموعة قانونية دولية قدمت أدلة جديدة للحكومة البريطانية تشير إلى أن الرياض تتستر على أدلة عن غاراتها الجوية التي أصابت أهداف مدنية، وتحاول عبر تحقيقاتها المشبوهة تبرئة التحالف من هذه الجرائم، مؤكدة أن الأدلة تثبت أن الرياض ارتكبت انتهاكات للقانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان.
الاتهامات الجديدة ستزيد من الضغوط على الحكومة البريطانية التي تحضر رداً على قرار محكمة يأمرها بإعادة النظر في تصاريح بيع السلاح إلى الرياض.
ففي شهر حزيران (يونيو) قالت محكمة الاستئناف إن طرق إصدار تصاريح تسمح بتصدير السلاح إلى المملكة وبناء على التطمينات التي تقدمها هذه غير كافية.
ومن المتوقع أن تقدم الحكومة البريطانية ردها الشهر المقبل في تحرك سيترك آثاره على مستقبل العلاقات البريطانية- السعودية.
وقدمت التقرير الجديد الذي يقع في 288 صفحة مجموعة “غلوبال ليغال أكشن نتوورك” (غلان) وشركة المحاماة القانونية “بندمانز” إلى وزير التجارة ليز تراس ويحتوي على شهادات وتحليل لبقايا الغارات الجوية التي قام بها التحالف.
ويعد التقرير مستقلاً والأشمل للغارات السعودية يتم إعداده في الحملة على اليمن.
ويقول التقرير إن الغارات تنتهك القانون الدولي على ما يبدو من خلال “استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية”.
وتقول الصحيفة إن الأدلة جمعتها بشكل كبير جمعية “مواطنة” وهي منظمة يمنية مستقلة تتابع شؤون حقوق الإنسان وتستخدمها الأمم المتحدة لجمع الأدلة في اليمن.
وفي معظم الحالات تناقض الأدلة التي جمعت بعد فترة قصيرة من الغارات التحقيق الذي قام به التحالف الذي تقوده الرياض.
وتعتبر منظمة مواطنة المحايدة حسب الأمم المتحدة جاهزة للعمل ولديها باحثون ميدانيون في 21 محافظة من 22 محافظة يمنية.
وحصل على الأدلة الصحافي آرون ميرات والباحث في مجلس العموم حيث تم تقديم التقرير الجديد إلى لجنة التحكم بتصدير السلاح.
وقال ميرات “لا تظهر الأدلة أن الرياض استهدفت المدنيين اليمنيين فحسب بل قامت بالتستر عليها وتبيض التحقيقات التي جرت فيها”.
وأضاف “والأسوأ من كل هذا هو زعم الحكومة البريطانية أنها تقيم قراراتها المتعلقة ببيع السلاح أو عدم بيعه إلى المملكة بناء على معلومات تقدمها هذه الأخيرة”.
ويتطلب قرار محكمة الإستئناف الصادر في 20 حزيران (يونيو) من وزارة التجارة الدولية مراجعة كل رخص بيع السلاح التي تم تمريرها وربما استخدمها التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن.
وأقرت محكمة الإستئناف بعدم شرعية عمليات نقل السلاح إلى التحالف لأنها لم تقم بتقييم الإنتهاكات للقانون الدولي الإنساني.
وبناء على القانون البريطاني يحظر على الحكومة إصدار تصريح لتصدير السلاح حالة وجود “خطر واضح” يمكن استخدامه عن قصد أو بطريقة متهورة لقتل المدنيين.
واعترف وزراء الحكومة البريطانية في ملفات المحكمة انهم لا يقومون بتحليل مستقل ولكنها تعتمد على تقارير يقدمها الفريق المشترك لتقييم الحوادث.
ونظرت منظمة مواطنة في 400 حادث أخذ منها غلان/بندمانز 16 حادثاً في التقرير.
وفي أربعة حوادث يقول التقرير إن الفريق المشترك لتقييم الحوادث تحدث عن غارات اعتبرها مبررة لكونها موجهة إلى أهداف عسكرية لكن الأدلة على الأرض تكشف غير هذا.
ويقول التقرير إن الفريق المشترك لتقييم الحوادث يحلل وبطريقة غير صحيحة التحالف من مسؤولية الكثير من الحوادث، بما فيها هجوم 21 أيلول (سبتمبر) 2016 والذي استهدف جنازة في مدينة الحديدة وقتل فيها 23 شخصاً بمن فيهم خمسة أطفال.
ويحتوي التقرير على صور لذنب الصاروخ الموجه وقطع منه تم تحديد منشئها في الولايات المتحدة وبريطانيا, وفقط التحالف هو الذي يملك القدرة على إطلاق ذخيرة كهذه.
وقال شاهد عيان ل”مواطنة”: “كان الإنفجار قوياً وتم هزنا مثل الدمى” و “لم أتخيل أن يقوم جارنا بقصفنا”.
وفي السياق نفسه ينفي الفريق المشترك لتقييم الحوادث الهجوم على سوق في دوار الخوخة بالحديدة في 10 آذار (مارس) 2017 حيث قتل فيه 21 مدنياً منهم ثلاثة أطفال.
وقال شاهد عيان التقته منظمة مواطنة إن السوق كان “مزدحماً بالناس” و”لم يخف الناس عندما تم استهداف معسكر للجيش قريب لأن القصف عليه كان منتظماً”.
وتوصل الفريق المشترك لتقييم الحوادث أن لا غارة أصابت حي الفليحي في صنعاء الذي تعتبره اليونسكو من التراث الإنساني وذلك في 8 أيلول (سبتمبر) 2015.
ولكن الأدلة التي جمعتها شركة بندمانز و”مواطنة” تشتمل على بقايا القنابل التي سقطت من الجو.
وقال “جيرويد أو كوين” أحد المدراء المسؤولين في “GLAN” في تعليقه على التقرير:” يمكن للحكومة البريطانية أن تعتمد على المعلومات والتأكيدات السعودية المشبوهة أو أن تستمع إلى أولئك الذين وثقوا بشق الأنفس الإنتهاكات والضحايا المدنيين الذين أسقطتهم الغارات الجوية التي شنها تحالف آل سعود على أهداف مدنية”.
وفي سياق تسترها وتهربها من المسؤولية القانونية اتهمت السعودية جماعة الحوثي باستخدام المباني المدنية كساتر من الضربات الجوية، وحتى لو كان زعمها صحيحا فإن القانون الدولي يتطلب أن تكون الضربات الجوية مبررة بالقيمة العسكرية العالية للهدف المراد قصفه.
وفي تعليقها عن موقف بريطانيا من الأزمة اليمنية، قالت راضية متوكل رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان : كان ينبغي على بريطانيا أن توقف بيع الأسلحة لتحالف آل سعود منذ وقت طويل، مضيفة بالقول: نأمل أن تساعدها الأدلة المجمعة في التقرير الدولي على اتخاذ القرار الصحيح بشأن بيع الأسلحة للرياض”.
وخلصت صحيفة الغارديان البريطانية في تقريرها إلى أنه من المتوقع أن يتم نشر الأدلة الإضافية على انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي من قبل تحالف آل سعود في وقت لاحق من الشهر الجاري وذلك من قبل المحققين ذوي المصادر المفتوحة “open-source investigators Bellingcat”.