أكدت أوساط حقوقية على أن السعودية تشهد أقصى درجات التسييس للقضاء الذي فقد استقلاليته تماماً، وأصبح أداة مرنة يستخدمها ولي العهد محمد بن سلمان لتصعيد القمع.
وقال مركز الخليج لحقوق الإنسان في بيان تلقى “سعودي ليكس” نسخة منه، إن القضاء بات أداة محمد بن سلمان لتصفية خصومه السياسيين وشخصيات المجتمع البارزة ونشطاء حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين.
وأعرب المركز عن شعوره بالصدمة من أن السلطات السعودية حكمت على أحد نشطاء الإنترنت بالإعدام بسبب تعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعي، في انتهاكٍ لحقه في حرية التعبير. يخشى شقيقه، وهو ناشط منفي، أن يكون الحكم قد صدر انتقاماً منه.
وذكر أنه بتاريخ 24 أغسطس/آب 2024، كتب الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي على حسابه في موقع أكس (تويتر سابقاً) التغريدة التالية، “حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض برئاسة عوض الأحمري على شقيقي محمد بن ناصر الغامدي بالقتل.
وذلك على إثر تغريدات تنتقد الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، ودفاعه أثناء التحقيق عن العلماء المعتقلين، عوض القرني، سلمان العودة، سفر الحوالي، وعلي العمري.
ولم تقبل المحكمة كل التقارير الطبية التي تثبت أمراضه العصبية المزمنة ولم تلتفت لشيبته واعتلال صحته ولا لكون تغريداته في حسابٍ مجهول، لا يتابعه سوى تسعة متابعين! علماً بأن الإجراءات التي اتبعت معه توحي بأن هذا الحكم الباطل يستهدف النكاية بي شخصيا بعد محاولات فاشلة من المباحث لإعادتي إلى البلاد.”
وقال المركز إن الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، 62 سنة، هو أكاديمي وباحث إسلامي ومعارض معروف.
وقد اضطر في سنة 2018 إلى طلب اللجوء السياسي في المملكة المتحدة حال قدومه إليها واستقر فيها بسبب استهدافه من قبل الحكومة السعودية، خاصة بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها في أوائل سبتمبر/أيلول 2017، والتي شملت كل من، مدافعات ومدافعي حقوق الإنسان، الصحفيين، الأكاديميين، وناشطي الإنترنت، والذين لايزال العديد منهم يقبعون في السجون.
ويرأس الدكتور الغامدي ايضاً مؤسسة سند الحقوقية، التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
وقد تم الانتقام منه سابقاً بسبب مواقفه العلنية والقوية المعارضة للحكومة السعودية، وتجسد ذلك عبر منع أسرته من الالتحاق به خارج البلاد.
أعلن المدونون وناشطو حقوق الإنسان تضامنهم مع الغامدي من خلال نشرهم الوسم التالي الذي أصبح واسع الانتشار بعد فترة وجيزة: #اوقفوا_اعدام_محمد_الغامدي
أكدت تقارير محلية أن حكم الإعدام ضد ناشط الإنترنت محمد بن ناصر الغامدي قد صدر في 10 يوليو/تموز 2023 بعد مرور أكثر من عام على اعتقاله الذي حصل في يونيو/حزيران 2022.
واعتبر مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكم ضد الغامدي تصعيداً خطيراً يأتي بعد الأحكام الصادمة بالسجن لعقودٍ طويلة التي صدرت ضد مدافعات حقوق الإنسان.
وقال إن هذا يؤكد التحذير السابق لمركز الخليج لحقوق الإسنان، بأنه منذ تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في يونيو/حزيران 2017، تحولت السعودية وبسرعة مطردة إلى دولة بوليسية وقمعية بامتياز.
وتابع “لقد بدأت حقبة جديدة من الانتهاكات الجسيمة للحقوق المدنية والإنسانية لمدافعات ومدافعي حقوق الإنسان وبضمنهم المدونين وناشطي الإنترنت وعامة المواطنين، وأصبحت القيود المفروضة على الآراء المتنوعة حقيقة واقعة وخطيرة جداً كما كما هو موثق في هذا النداء”.
وأكد مركز الخليج لحقوق الإنسان بشدة أن عقوبة الإعدام قد استخدمت دائماً وبشكلٍ واسع كأداة سياسية من قبل السلطات السعودية، وهي مصممة لنشر الخوف في البلاد من أجل ترهيب المواطنين وخاصة نشطاء حقوق الإنسان، في محاولة من الأسرة الحاكمة للسيطرة على السلطة بحزم، وإسكات الأصوات المعارضة في الخارج.
على سبيل المثال، في 23 يناير/كانون الثاني 2023، أيدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة أحكام الإعدام ضد شاذلي أحمد محمود الحويطي، إبراهيم صالح أحمد أبو خليل الحويطي، وعطا الله موسى محمد الحويطي، وهم ثلاثة أفراد من قبيلة الحويطات، بعد احتجاجاتهم السلمية ضد عمليات الإخلاء القسري والتهجير لصالح مشروع مدينة نيوم الكبرى.
ودعا مركز الخليج لحقوق الإنسان جميع الآليات الدولية، بما في ذلك آليات الأمم المتحدة، والحكومات التي لها نفوذ في المملكة العربية السعودية، وخاصة الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، وأعضاء الاتحاد الأوروبي، إلى التدخل بشكل عاجل وفعال من إلغاء هذا الحكم الجائر بالإعدام الصادر ضد ناشط الإنترنت محمد بن ناصر الغامدي.