أكد توثيق حقوقي أن هيئة حقوق الإنسان الحكومية تمثل أداة لغسيل صورة السعودية وتعمل فقط لإخفاء سجل المملكة السيئ في مجال حقوق الإنسان والتغطية على الانتهاكات الجسيمة.
وقبل انعقاد الحوار الثالث حول حقوق الإنسان بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية في 28 نوفمبر 2023، حثت منظمات منا لحقوق الإنسان والقسط لحقوق الإنسان والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان الاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في المحاور، أي هيئة حقوق الإنسان السعودية.
وأصدرت المنظمات تقريراً بعنوان “هيئة حقوق الإنسان السعودية: أداة تبييض للمملكة”، ووجدت أدلة جوهرية على أن الهيئة تعمل كأداة لإخفاء سجل السعودية السيئ في مجال حقوق الإنسان والتغطية على الانتهاكات الجسيمة.
ويحلل التقرير كذلك الإطار القانوني للجنة وتكوينها وشراكاتها وإجراءاتها، مما يثير مخاوف جدية بشأن استقلاليتها وفعاليتها.
تأسست هيئة حقوق الإنسان السعودية في عام 2005، وهدفها المعلن هو حماية وتعزيز حقوق الإنسان داخل المملكة، وعلى هذا النحو، فهي مكلفة بمعالجة الشكاوى والمشاركة في العمل التشريعي ومراقبة أماكن الاحتجاز، كما تدعي الهيئة أنها كيان مستقل قادر على محاسبة الحكومة في حال ارتكبت انتهاكات لحقوق الانسان.
ويبدو أن معايير الاستقلال والحياد تعكس المعايير الدولية المنصوص عليها في مبادئ باريس، الملزمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان التي سعت إلى الحصول على اعتماد من التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI).
ومع ذلك، لم تسعى هيئة حقوق الإنسان السعودية مطلقًا إلى الحصول على مثل هذا الاعتماد، على الرغم من تعهدات سابقة من السلطات السعودية بجعل الهيئة تسعى للحصول على تلك الاعتماد والامتثال الفعال لمبادئ باريس.
لكن لا تزال استقلالية الهيئة مهددة بسبب تقديم تقاريرها حصرياً إلى الملك سلمان، وتعيين أعضائها مباشرةً من الملك، كما يتمتع جزء كبير من الأعضاء بعلاقات قريبة مع الحكومة.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت المنظمات أنه خلال السنوات الماضية، لعبت الهيئة دوراً مركزياً في تقديم تصوير غير دقيق للوضع السحيق في السعودية.
لم تندد الهيئة إطلاقاً بالتقلص الكبير في الحيز المدني خلال السنوات الماضية، والقمع ضد أي شكل من أشكال المعارضة العلنية منذ صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة، وممارسة الاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي.
فقد أشادت هيئة حقوق الإنسان السعودية بالسلطات السعودية لنتائج محاكمة مقتل جمال خاشقجي، وصورتها كدليل على حياد النظام القضائي، رغم التقارير التي تشير إلى العكس من المقررة الخاصة السابقة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً.
كما نفت هيئة حقوق الإنسان السعودية علناً تورط الحكومة السعودية في هذه جريمة القتل الوحشية، وأشارت إليها على أنها “حادثة مؤسفة”.
يتجلى إنكار الهيئة لمثل هذه الانتهاكات بشكل أوضح فيما يتعلق بحقوق المرأة، حيث أنكرت هيئة حقوق الإنسان السعودية باستمرار استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان وصورت بدلاً من ذلك صورة تقدمية لحقوق المرأة في البلاد.
في نوفمبر 2018 وفي يناير 2019، زار العديد من أعضاء هيئة حقوق الإنسان السعودية لجين الهذلول، التي شهدت بتعرضها للتعذيب أثناء الاحتجاز من قبل مسؤولين رفيعي المستوى، لكنهم فشلوا في معالجة مزاعمها وشاركوا بدلاً من ذلك في التستر على هذه الانتهاكات والإشادة بالإصلاحات السعودية.
وحدثت مشكلة مماثلة مع سلمى الشهاب، التي معاقبة بالسجن لمدة 27 عامًا لنشرها تغريدات تدعو إلى إصلاحات في مجال حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية.
قام أعضاء الهيئة، بمن فيهم الرئيسة الحالية هالة التويجري، بزيارتها في السجن في يونيو 2023. خلال الزيارة، تجاهلت التويجري ببساطة جميع المخاوف التي عبرت عنها الشهاب، بما في ذلك أنها لم تر أطفالها منذ اعتقالها قبل عامين ونصف، في يناير 2021.
على الرغم من أن عمليات الإعدام قد ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في السعودية، فقد ادعت الهيئة باستمرار أن السلطات السعودية لم تعد تعدم القاصرين، وهذه الادعاءات تتناقض مع الواقع.
في عام 2021 أُعدم مصطفى هاشم الدرويش لمشاركته في الاحتجاجات عندما كان قاصراً، ويوجد حالياً تسعة أفراد معروفين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بسبب مثل هذه الأفعال بينما لا يزالون قاصرين.
على الرغم من أوجه القصور هذه، كانت هناك مشاركة إقليمية ودولية متزايدة مع هيئة حقوق الإنسان السعودية، والتي تقدم نفسها زوراً على أنها محاور وشريك فعال في قضايا حقوق الإنسان في السعودية.
وقد تعاونت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وغيرها من وكالات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بشكل مستمر مع هيئة حقوق الإنسان السعودية، على الرغم من عدم قدرتها على العمل بشكل محايد ومستقل.
واعتبرت المنظمات أن “الاستمرار في اعتبارها محاوراً قابلاً للمحادثات والبرامج المستقبلية لا يسمح للهيئة إلا باستغلال مثل هذه المبادرات وإدامة غسيل انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية”. “يجب على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وكذلك هيئات الأمم المتحدة، تعليق جميع الحوارات المتعددة الأطراف مع الهيئة حتى تثبت قدرتها على معالجة حالة حقوق الإنسان في السعودية بشكل فعال ومستقل”.
وخلصوا إلى أن “نأمل من خلال هذا التقرير أن تفهم جميع الكيانات المشاركة والمتعاونة مع اللجنة أنها تساهم أيضًا في الاعتراف بها بينما تستمر بدلاً من ذلك في العمل كأداة في أيدي الحكومة السعودية لتبييض الجرائم الوحشية”.