برز في عهد الملك سلمان ونجله ولي العهد محمد بن سلمان الدور المخزي لعملاء السلاطين الذين ظهروا يساندون إسرائيل علنا في حربها على غزة وطعنهم لمقاومتها خدمة للاحتلال.
فقد ابتُليت الأمة منذ زمن بما يُسمى بـ “علماء السلاطين” أو “مشايخ البلاط” وهم زمرة مّمن بحثوا عن الشهرة والمال فولجوا مجال العلم الشرعي ليجعلوا منه وسيلة لتحقيق منافعهم الدنيوية ولم يجدوا طريقًا أقصر من التزلّف للحكام وتزيين تصرفاتهم بغلاف الشرع.
ومع بداية حرب غزة، انقسم مشايخ البلاط لفئتين:
الأولى: الذين كُشفوا سابقًا أمام عامة المسلمين، التزم معظمهم الصمت أو اكتفوا ببعض الطعن في المقاومة.
فلم نرَ السديس أو العيسى أو المغامسي أو عائض القرني وسواهم يتحدّثون كثيرًا عن المقاومة وغزة، بعد أن احترقت أوراقهم ونبذهم الناس.
الفئة الثانية: فئة نشطوا بأوامر مباشرة من “ولي الأمر” وسلّطوا ألسنتهم طعنًا وتجريحًا بالمقاومة، بمظهر الناصح المشفق على أرواح أهل غزة ومصالحهم…وهؤلاء هم الأخطر!
فجلّهم غير معروفين لعامة الناس ولا تربط كثير منهم علاقات ظاهرة بالحكام، لكن حرب إسرائيل على غزة كشفتهم بعد أن أخفتهم لحاهم.
دار معظم هؤلاء في أفلاك عدّة لتمرير طعناتهم الخفية، سنُبرزها مع ذكر شاهد لكل طعنة:
الهجوم المباشر على المقاومة: إذ ظهر أحدهم يوجّه نصيحته لطلابه ويقول لهم بأن المقاومة الفلسطينية هي “الشرّ بعينه” التي جلبت السفك والهدم على رؤوس الفلسطينيين وما تفرّع عنها، بينما سلم الاحتلال من لسانه وهجومه.
شيخ بلاط آخر رأى الحل بزوال المقاومة الفلسطينية بدل زوال الاحتلال لأن المقاومة “متمرّدة وتعطّل عملية السلام في الشرق الأوسط، وهي من جعلت من غزة “وكرًا للإرهابيين”.
تشويه قادة ورموز المقاومة والطعن فيهم لما يمثّلونه من رمز للإسلام الصحيح الذي يدعو للعزة والتحرّر من الظلم والاستعباد لغير الله.
التسليم المطلق لـ “ولي الأمر”: إذ من الصفات الواضحة التي تكشفهم، مطالبتهم للناس بتعطيل عقولهم والتسليم المطلق لما يقوله “ولي الأمر” واتهام من يتكلّم عن أحداث غزة بأنه “يفتات على ولاة الأمر”.
وذلك حتى لو كان ولي الأمر كولي العهد الذي تعاون علانية مع الاحتلال وفتح لهم طريق العار البري بديلا عن تعطيل جماعة أنصار الله “الحوثي” الممر البحري عبر البحر الأحمر.
أحد مشايخ البلاط أقر علنا هنا بأن اليهود أعداء، ولكنّه مع ذلك يرى أن “ولي الأمر” إذا رأى الصلح “سمعنا وأطعنا”، ويشبّه ذلك بما فعله النبي ﷺ من صلح مع قريش لتبلغ بهم الجرأة بتشبيه الحكام الخونة والعملاء للاحتلال برسول الله.
كما حاول بعضهم تغليف فتاواهم بقاعدة: درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح، فقالوا بأن ما يحدث في غزة ليس جـهاد بل قتال فتنة، وذرفوا دموع التماسيح على أهل غزة وأنيابهم تفترس رموزها.
وزعموا أن الحرب مَفسدة تهلك الحرث والنسل والحل في الإذعان والاستسلام للاحتلال وجرائمه.
ومن أعجب ما تفوّه به أحدهم قوله بأن ما يقوم به أهل غزة من اختطاف أحد الإسرائيليين في غزة هي “أعمال شغب” وليست من الحكمة أو السنة في شيء!
ولا تعجبوا إن زعم أحدهم مستقبلًا أن “ولي الأمر” في فلسطين المحتلة هو نتنياهو وطالبوه بالقضاء على أعمال الشغب هذه التي يقوم بها أهل غزة.