كشفت مصادر دبلوماسية عن ارتباط وثيق بين النظام السعودي وجماعات ضغط أمريكية تدافع عن مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية، الشركة المصنعة لبرنامج التجسس بيغاسوس سيئ السمعة.
وذكرت المصادر أن الأمر يتعلق بأعضاء جماعات ضغط في واشنطن هم براين فينتش وديفيد تاماسي وستيف رابينوفيتز وتيموثي ديكنسون والذين يتلقون تمويلا ماليا منتظما من السعودية.
وبحسب المصادر يساهم هؤلاء في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها مجموعة “إن إس أو”، الشركة المصنعة لبرنامج التجسس بيغاسوس ويستفيدون من تلك الانتهاكات في إطار جهود الضغط التي يقومون بها لصالح المجموعة.
وينتهك أعضاء جماعات الضغط الأربعة وشركاتهم قانون تسجيل الوكلاء الأجانب من خلال تحريف العلاقة بين شركة برامج التجسس الإسرائيلية وحكومة إسرائيل.
ومجموعة “إن إس أو” هي الشركة المصنعة لبرنامج التجسس بيغاسوس، والتي باعتها للحكومات الاستبدادية التي استخدمتها بعد ذلك لمراقبة واستهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وقادة المجتمع المدني والسياسيين وغيرهم.
وقد أدرجت وزارة التجارة الأمريكية مجموعة “إن إس أو” في القائمة السوداء من خلال إضافة الشركة إلى قائمة الكيانات الخاصة بها في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وخلصت الوزارة إلى أن “برنامج بيغاسوس مكّن الحكومات الأجنبية من القيام بقمع عابر للحدود الوطنية” وأن “مثل هذه الممارسات تهدد النظام الدولي القائم على القواعد.”
قال آدم شابيرو، مدير برنامج إسرائيل وفلسطين في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN): “على الرغم من انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة جيدًا والمرتكبة باستخدام برنامج التجسس بيغاسوس الخاص بمجموعة “إن إس أو”، فقد اختار أعضاء جماعات الضغط الأربعة وشركاتهم المساهمة في انتهاكات الشركة من خلال تضليل المسؤولين الحكوميين حول سمعتها المعيبة.”
وأضاف: “يُظهر تحقيقنا أيضًا أن أعضاء جماعات الضغط الأربعة ومجموعة “إن إس أو” يضللون الكونغرس وإدارة بايدن والجمهور الأمريكي من خلال عدم تسجيل سيطرة الحكومة الإسرائيلية على الشركة في استمارات تسجيل قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.”
أعضاء جماعات الضغط الأربعة الذين يمثلون مجموعة “إن إس أو” هم براين فينتش، الشريك في شركة “بيلسبيري وينثروب شو بيتمان”، وديفيد تاماسي، الشريك المؤسس والمدير الإداري لمجموعة تشارتويل الإستراتيجية، وستيف رابينوفيتز، الرئيس والمؤسس المشارك لشركة “بلولايت ستراتيجيز”، وتيموثي ديكنسون، مستشار أول في شركة “بول هاستينغز.”
باستثناء فينتش وشركة بيلسبيري، وقّع كل من هؤلاء عقودًا نيابة عن شركاتهم للتسجيل كأعضاء جماعات ضغط لصالح مجموعة “إن إس أو” بعد أن أضافت وزارة التجارة الأمريكية مجموعة “إن إس أو” إلى قائمة الكيانات الخاصة بها.
ودعت منظمة (DAWN) هذه الشركات إلى إلغاء عقودها على الفور مع مجموعة “إن إس أو” وتدعو وزارة العدل للتحقيق مع أعضاء جماعات الضغط هؤلاء وشركاتهم بسبب تحريف علاقتهم مع الحكومة الإسرائيلية في استمارات تسجيل قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.
بموجب المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، تتحمل الشركات، بما في ذلك مؤسسات الضغط، مسؤولية “تجنب التسبب أو المساهمة في الآثار السلبية لحقوق الإنسان من خلال أنشطتها الخاصة”.
وكذلك يجب عليها “منع أو تخفيف الآثار السلبية لحقوق الإنسان التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بعملياتها أو منتجاتها أو خدماتها من خلال علاقاتها التجارية، حتى لو لم تكن قد ساهمت في تلك التأثيرات.”
إنّ ممارسة الضغط لصالح الشركات التي مكّنت الانتهاكات، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تحريف المعلومات أو حذفها حول انتهاكاتها، يساهم بشكل فعال في انتهاكات الشركات والاستفادة منها.
وساهم أعضاء جماعات الضغط في انتهاكات حقوق الإنسان واستفادوا منها من خلال أنشطتهم لصالح مجموعة “إن إس أو.” لقد قدموا معلومات مضللة لأعضاء الكونغرس والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين.
وكذلك الصحفيين والمحررين وموظفي المؤسسات البحثية، وحذفوا المعلومات المادية حول البيع الموثق جيدًا لبرنامج التجسس بيغاسوس الخاص بمجموعة “إن إس أو” إلى الحكومات الاستبدادية لاستهداف مجموعة متنوعة من الأفراد من خلال القمع العابر للحدود، كما خلصت إليه وزارة التجارة الأمريكية.
وهناك العديد من الأمثلة التي تُظهر سيطرة الحكومة الإسرائيلية على مجموعة “إن إس أو.” على سبيل المثال، قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتمديد عقد برنامج بيغاسوس الخاص بمجموعة “إن إس أو” مع المملكة العربية السعودية بعد مقتل جمال خاشقجي، متجاوزًا أمر المكتب التنظيمي لوزارة الدفاع الإسرائيلية بإنهاء العقد.
كما رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السماح لمجموعة “إن إس أو” ببيع برنامج التجسس بيغاسوس إلى أوكرانيا احترامّا لعلاقة إسرائيل مع روسيا، بعد أسابيع فقط من غزو روسيا لأوكرانيا.
وفي 17 يوليو/تموز 2021، أطلق موقع (Forbidden Stories) مشروع بيغاسوس، وهو مبادرة عالمية لإعداد تقارير خاصة بالمشروع تضم 17 مؤسسة إعلامية.
أظهر مشروع بيغاسوس مدى استخدام الحكومات الاستبدادية لبرنامج التجسس بيغاسوس الخاص بمجموعة “إن إس أو” للقيام بالتجسس المحلي والقمع العابر للحدود.
عندما أضافت وزارة التجارة الأمريكية الشركة إلى قائمة الكيانات الخاصة بها بعد بضعة أشهر، خلصت إلى أن مجموعة “إن إس أو” “تشارك في أنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية الأمريكية.”
ذكرت وزارة التجارة في بيان صحفي يشرح قرارها، أن مجموعة “إن إس أو” “طورت وقدمت برامج تجسس لحكومات أجنبية تستخدم هذه الأدوات لاستهداف المسؤولين الحكوميين والصحفيين ورجال الأعمال والنشطاء والأكاديميين والعاملين في السفارات بشكل ضار.”
كما أشارت وزارة التجارة إلى أن برنامج التجسس بيغاسوس “مكّن الحكومات الأجنبية من ممارسة القمع العابر للحدود، وهو ممارسة تقوم بها الحكومات الاستبدادية التي تستهدف المنشقين والصحفيين والنشطاء خارج حدودها السيادية لإسكات المعارضة.”