كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، النقاب عن حصولها على وثائق ورسائل هاتفية، تثبت أن ولي العهد محمد بن سلمان، حاول جلب ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري إلى داخل المملكة عبر منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول“.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن إحدى رسائل ولي العهد السعودي إلى الجبري، تقول له إنه “لا توجد دولة في العالم سترفض تسليمك”، مؤكدة أن “الإنتربول” اعتبر قضية الجبري سياسية، فحذف اسمه من قوائم الملاحقة.
وأشارت إلى أن “الإنتربول” شكك في التزام سلطات آل سعود بالإجراءات القانونية، بشأن التحقيقات بقضايا الفساد، مبينة أن الوثائق تدلل إلى أي حد يمكن أن يذهب إليه ولي العهد السعودي، بممارسة الضغط على معارضيه.
ولفتت إلى أن بن سلمان يحاول دون جدوى إعادة الجبري إلى المملكة منذ هروبه عام 2017، موضحة أنه عرض عليه في البداية الحصول على وظيفة جديدة، ومن ثم حاول إعادته بتهمة الفساد عبر “الإنتربول”، بحسب الوثائق القانونية التي حصلت عليها الصحيفة الأمريكية.
وقالت نيويورك تايمز: إن ولي العهد استدعى الجبري للقدوم إلى المملكة قبل يومين من الإطاحة بالأمير محمد بن نايف، في إشارة إلى إعفائه من منصب ولي العهد، في 21 يونيو 2017.
وذكرت أن سلطات آل سعود احتجزت خلال العام الجاري اثنين من أطفال الجبري، ما أثار جدلا بالولايات المتحدة ومطالبات من أعضاء مجلس الشيوخ بسعي إدارة الرئيس دونالد ترامب، للإفراج عن نجلي ضابط الاستخبارات سعد الجبري.
ونوهت الصحيفة إلى أن الكشف عن تفاصيل هذه الوثائق، يتزامن مع مخاوف بشأن صحة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وما يمكن لوفاته أن تجعل محمد بن سلمان مسؤولا عن المملكة لعقود.
وأكدت أن ولى العهد منذ توليه منصبه عام 2015، سيطر على السياسات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب استهدافه لمعارضيه وفرض الاعتقال وحظر السفر عليهم. ورأت أن هذه الأساليب الاستبدادية المتزايدة، لفتت الانتباه العالمي إلى جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول عام 2018”.
وشددت على أن التحركات السعودية الأخيرة ضد الجبري، أثارت الجدل بواشنطن، نظرا لاعتباره “شريكا استخباراتيا قيما”.
وبحسب تقدير “نيويورك تايمز”، فإن الرسائل النصية التي وصلتها من شركة محاماة تعمل مع الجبري، تؤكد أن الأمر مرتبط بالتنافس بين بن سلمان وولي العهد السابق محمد بن نايف.
ونبهت إلى أن الجبري نال في الماضي دورا مهما في التعامل مع الأمن ومكافحة الإرهاب، ما جعله على اتصال منتظم بالدبلوماسيين الأمريكيين ومسؤولين بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الجبري تم فصله من منصبه كمستشار لولي العهد عام 2015، بعد استبدال محمد بن نايف بـ”بن سلمان”، مؤكدة أن مغادرة الجبري للمملكة جاءت نتيجة خشيته من استهدافه عام 2017.
وقبل أيام، قالت وكالة “رويترز” في تقرير إن آلاف التغريدات على تويتر اتهمت ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف ومساعده سعد الجبري بالفساد.
ونقلت الوكالة عن مصدرين سعوديين قولهما إن الحملة التي قام بها ناشطون مؤيدون للحكومة في تويتر تهدف -على ما يبدو- إلى التأثير على الرأي العام، وتشويه سمعة الأمير محمد بن نايف قبل الإعلان المتوقع عن اتهامات بالفساد ضده.
كما نقلت الوكالة عن مصدر آخر أن الحملة مدعومة حكوميا، وأن مقربين من ولي العهد محمد بن سلمان يعيدون نشرها.
كما نقلت رويترز عن خالد الجبري -نجل سعد الجبري- قوله إن الحملة تهدف إلى صرف النظر عن القضية الحقيقية، وهي أخذ ابن الجبري وابنته رهينتين.
وذكرت أن الحملة الجديدة في تويتر على محمد بن نايف تأتي بالتزامن مع دخول الملك سلمان (84 عاما) المستشفى لإجراء فحوص بعد إصابته بالتهاب في المرارة، وفقا لوكالة الأنباء السعودية.
ونوهت إلى أن محمد بن نايف قبل الإطاحة به كان المنافس الأكثر أهمية على العرش، مشيرة إلى تبعية قوى الأمن له، وتطويره علاقات وثيقة مع أجهزة المخابرات الغربية، وأنه لا يزال يتمتع بشعبية بين المحافظين الذين قام ولي العهد بتهميشهم.
وكانت صحف غربية -من بينها واشنطن بوست وول ستريت جورنال- كشفت في الأسابيع الماضية عن بعض ملامح ما وصفته بخطة ولي العهد محمد بن سلمان للتخلص من ولي العهد السابق محمد بن نايف.
وفي ما يبدو أنه آخر فصول استهداف وتصفية محمد بن نايف السياسية -وربما الجسدية- عبر قرار قضائي، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية -نقلا عن مصادر سعودية وأميركية- عن أن لجنة مكافحة الفساد التابعة لولي العهد السعودي توشك على الانتهاء من تحقيق مفصل في مزاعم فساد وخيانة بحق محمد بن نايف.
وذكرت الصحيفة أن لجنة مكافحة الفساد تستعد لتوجيه اتهام لولي العهد وزير الداخلية السابق بالاستيلاء على 15 مليار دولار عندما كان يدير برامج خاصة بمكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية، وذلك من خلال شبكة من الشركات والحسابات الخاصة.
ونقلت الصحيفة -عن مصدر سعودي خاص لم تسمه- أن المحققين طالبوا محمد بن نايف بتسديد مبلغ 15 مليار دولار يزعمون أنه استولى عليها.
وتقول اللجنة إن محمد بن نايف قام بتحويل الأموال المذكورة بشكل غير قانوني عبر شركات وهمية وحسابات خاصة، لكن الصحيفة أشارت -في المقابل- إلى أن وثائق اطلعت عليها من مقربين من محمد بن نايف تبين أن الاتهامات الموجهة له كاذبة.